في ذكرى الحريري: الإنقسام الطائفي من أول و جديد

 

خاص باب الشرق

كان الإصرار على إقامة الإحتفال بذكرى إستشهاد رفيق الحريري في باحات بيت الوسط شكلا” من أشكال الإحتفال بتأجيج ( الحريرية السياسي) التي خبت في المرحلة الأخيرة بشكل واضح، وكأن منظمو الحفل أرادوا القول للجميع ( ها هو بيت الحريرية السياسية مفعم بالحيوية و بناسه و أهله و فاعليه).

هذا عن المكان، أما عن محتوى الحفل فكان عبارة عن ( مرافعة دفاع) عن الحريرية منذ بداية التسعينيات و حتى الآن. و هذا ما قدم في فيلم وثائقي متقن، أعتمد ذكر أرقام و حقائق، وتغييب أرقام وحقائق أخرى،  (على عادة مرافعات الدفاع) وأكمل هذه المرافعة كلمة حماسية شعبوية، متقنة في جنسها ، وصياغتها، و سياق إستهدافها. وحرص الحريري في كلمته، على تبرير مواقفه، و تبرئة شخصه، و اتهام القوى الأخرى بـ ( التعطيل) وصولاً لمحاولة الإنهاء والقضاء على ( الحريرية السياسية). ورد الحريري على هذه محاولة الإلغاء هذه بقوله للآخرين ( أي فشرتوا).

أهم ما أعلنه الحريري, موت و دفن التسوية الرئاسية التي أنجزها مع الرئيس عون و التيار الوطني الحر, وتضمن هجومه إعلان الإفتراق عن تحالف التيار العوني وحزب الله وحركة أمل. و في إصطفافه الجديد  الآن لم يذكر القوات اللبنانية بل امتدح مي شدياق. و لم يبق من حليف له إلا وليد جنبلاط. و بذلك، فقد كان في خطاب سعد الحريري إفتراق سياسي للحريرية عن الأطراف الأخرى. و حسب سياق تحليله للمرحلة فقد وجد أن هذا الإفتراق السياسي ناتج عن إستهداف الطوائف الأخرى للطائفة السنية ولدورها السياسي. و بذلك فقد كان محتوى الإحتفال و جوهره إلاننقسام السياسي تعبيراً عن إنقسام طائفي.. والخطير أن سعد الحريري، اعتبر هذا الإعلان منعطفاً تاريخياً لا يقل عن المنعطف التاريخي الذي شكله إغتيال والده. كما قال مؤكداً أن أعداءه يطلبون رأس رفيق الحريري من جديد.

للأمانة فإن جميع الخطابات السياسية للزعماء السياسيين و الطائفيين في لبنان هي خطابات إنقسام. صجيح جداً أن خطاب سعد الحريري كان الأكثر وضوحاً و مباشرة, و صحيح أن بعض الزعماء الآخرين غلفوا خطبهم بحرص وطني، و لكن المؤدى النهائي لطرحهم هو الإنقسام. و السؤال : كم تتسم الطبقة السياسية اللبنانية باللامسؤلية عندما تواجه الأزمة المصيرية التي يتعرض لهل لبنان بخطابات و سياسات إنقسام ليس سياسياً فقط بل طائفي أيضاً.

كان شعار الإحتفال بذكرى إستشهاد رفيق الحريري ( رفيق الحريري : من أول وجديد ) و بعكس ما يوحي به الشعار فإن نتيجة الإحتفال و كل مجرياته أكدت أن حقيقته هي ( الإنقسام الطائفي : من أول و جديد).

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى