في شتاتنا السوري: “مضطربون خارج الوطن”
في شتاتنا السوري: “مضطربون خارج الوطن”…. بدأتُ الإعداد والتحضير لإجراء مقابلة مصورة مع شاب سوري خرج من البلاد عام 2012 بسبب الحرب ولجأ إلى تركيا مما اضطره إلى ترك دراسته مدة زمنية بسبب الوضع المادي، و حاجته الى العمل لمساعدة اهله، ليعود إلى الدراسة بعد انقطاع ويدخل الجامعة في تركيا ويتخرّج منها بتفوّق.
أعجبتني القصة وقررت تسليط الضوء على هذه الحالة، وذلك على الرغم من أنني لا أحب فكرة إبداع السوريين المهجرين في الخارج لأنها تذكرني بالإبداع الفلسطيني في الشتات مما يشعرني أننا قد نبقى نحن السوريون شتاتا ولن نعود يوما لإعمار بلادنا بل ربما تكون أقدارنا أن نشارك في إعمار بلدان أخرى.
منذ المرة الأولى التي تواصلت فيها معه شعرت بحالة خوف وقلق ترافقه بشكل مستمر، الخوف من انتقاد الآخر، الخوف على أهله المهاجرين إلى بلد آخر، الخوف من سخرية الآخرين من أي كلمة يقولها، الخوف من الخوض في السياسة.
بصراحة الخوف من كل شيء، فضلاً عن أنه يستخدم كلمة “خايف” في كل جملة. وبسبب هذا الخوف، وبعد عشرة أيام من التواصل المستمر فيما بيننا قرر الاعتذار عن اللقاء متحجّجا بظهور “ترند” لشاب سوري مهجّر مشابه لحالته على وسائل التواصل الاجتماعي أثار الكثير من الضجة ما جعله يخشى أن يكون هدفا لترند مشابه بعد المقابلة.
سيطرت على تفكيري حالة الخوف هذه، فما هو السبب الذي يدفع شابا حقق كل هذا النجاح إلى الخوف من أي كلمة قد تقال أو حكم قد يصدر بحقه، ما سبب حالة التوجس الدائمة التي يعيشها.
أن نسافر ونتخطى العقبات ونواجه الصعاب ونتحدى وننجح قدلا يعني أن مافي داخلنا سيبقى سليماً، فلا بد أن يكون للخروج من البلاد أثراً يكسر شيئا في داخلنا، شيء يسمى “الطمأنينة”، فعلى الرغم من ظهورنا على وسائل الإعلام تحت عنوان “ناجحون في المغترب” في المغترب هي تورية لحقيقة أكثر دقة “مضطربون خارج الوطن”.