قديم وجديد

لا تسقط الأوراق عبثاً. فمن كل صوب تقرع الأجراس
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـ 1 ـ

كانوا يأتون، جماعات وأفراداً،
إلى هذا النهر المنحدر بين جبلين
يأخذون منه شذرات الذهب…
والمرمر المشغول
والياقوت الأحمر
والفيروزيات الصغيرة النادرة.
كانوا يأتون، جماعات وأفراداً،
إلى ضفاف هذا النهر،
الممتدة إلى الغابات العذراء…
يأخذون الحور، والدلب، والصفصاف،
وأشجار الأكاسيا العنيدة.
كانوا يأخذون من نهري الجبلي…
الرمل والحصى وأحجار زينة الآفاق.
من هذا النهر
أخذوا، عبر العصور،
كلَّ شيء…كلَّ شي… فجفّ، فعفّ، فمات.
لكنه ظلَّ في عروقي وشراييني وذاكرتي…
دائم الجريان!

12/9/1986

ـ 2 ـ

هذا النبات السريع النمو
الأخضر، الأصفر، المتسلق،
الانتهازي، ذو المخالب الناعمة
المتشبث، بالأحجار، وبالجدران…
هذا النبات يتسلق كل دقيقة…
يتسلق كلَّ مكان متاح،
غرباً وشرقاً،
شمالاً، وجنوباً…
يتسلق إلى أقاصي أعمارنا، وأفكارنا، وأحلامنا.
لكنه، حتى هذه السطور، (التي لم تنج من المتسلقات)
لم يؤذ أحداً من الجيران.

15/9/1986

ـ 3 ـ

هذا اليوم…
وكل يوم…
أمشي في القفر الموحش ،
في الوعورة الضارية ، كأنني عملاق انقراض الجهات.
كلَّ يوم أمشي،
أتلاطم بموج الصخور.
أمشي بإصرار من يريد الوصول إلى المستحيل.
وفي كل لحظة، أضرب بقدميّ العاريتين
كهوف الإنسان البدائي،
وألطم أحجار نيرانه السوداء،
أضرب جدران التاريخ،
وأركل مهبّ الجهات…
وعندما، أخيراً، تقسو قدماي،
وعندما تكبر أظلاف أسطورتي…وحشي الأسطوري…
سأركل، بضربة واحدة،
هذا العالم.

19/9/1986

ـ 4 ـ

لن أجعل من قصة المهاجرين، والنازحين، والمشردين…
كما لن أجعل من خراب البيوت، وإعمار القبور،
وانعدام الأمل…
لن أجعل من كل ذلك:
همّاً في باريس،
وغماً في الأستانة،
وأرقاماً في إسبانيا،
ولطم صدور في دبي
وشجون مخيمات في الأردن،
وعذاب ضمير في ألمانيا،
ودموعاً في عوامات الليل.
………………
كل ما في الأمر…سأقول:
“جاء الشتاء،
ويبدو أنه قاسٍ، لئيم، صارم ، طويلٌ ، وكئيبٌ ، وغريب .
جاء الشتاء…
وسورية
بلا معطف .

27/10/2014

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى