قرطاج السينمائي يحتفي بآصالته بالتجديد
اعتبر رضا الباهي المدير العام لمهرجان أيام قرطاج السينمائية أن المهرجان تجاوز عمره النصف قرن، ويجب أن يجاري الأحداث والتغيرات، ومن غير المعقول أن يبقى متشبثا بالثوابت فقط التي تأسس من أجلها والتي تقوم على أساس كونه مهرجانا عربيا إفريقيا.
وأشار الباهي إلى أنه خلال هذه الدورة تمت المحافظة على الثوابت، لكن تمّ إضافة بعض التغييرات، من بينها إحداث أسبوع السينما الليبية لتسليط الضوء عليها، وكذلك إحداث أسبوع مخصص للسينما البلجيكية بحضور مخرجي ومنتجي الأعمال.
وتحت شعار “نحلم لنحيا”، تنطلق الدورة الـ 32 من المهرجان في 30 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، وتستمر حتى 6 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.
وتابع الباهي أنه من جديد الدورة هذا العام تنظيم “الجهات في أيام قرطاج السينمائية”، ما يعني أن شبابا من الجهات الداخلية سيقومون بمواكبة المهرجان من الداخل ويجرون تدريبا في الوقت عينه، بغية تأهيلهم لتنظيم مهرجانات سينمائية مصغرة في مناطقهم.
كما تمت إضافة خلال هذه الدورة “أيام قرطاج السينمائية في الثكنات”، وستكون تحت إشراف وزارة الدفاع التونسي، بحيث تخصص عروض لعناصر الجيش فقط، وستعرض في مدارس تعليم العسكر بحضور صناع الأفلام، “وذلك كي لا ننسى هذه الشريحة من التونسيين التي تدافع عن الوطن”، وفق تعبير الباهي.
تحرير ‘مؤقت’ للسجناء
وبالنسبة إلى العروض المخصصة للسجناء، قال الباهي إن “السجناء خلال هذه الدورة سيتحررون من القضبان لساعات، وسينتقلون إلى مدينة الثقافة، وسط العاصمة تونس، لحضور الأفلام والنقاشات، مؤكدا أن ذلك من الناحية البيداغوجية (التربوية) والفكرية والرمزية مهم جدا”.
وبخصوص الأفلام المشاركة في المسابقة الرسمية، قال الباهي إن المنافسة ستكون شديدة هذه السنة، إذ حاولت اللجان اختيار أفلام جيدة جدا للمتفرج التونسي.
وللإشارة، فإن من أبرز الأفلام التي ستعرض هذه الدورة فيلم “مجنون فرح” للمخرجة التونسية ليلى بوزيد، والذي عرض في أسبوع النقاد في “مهرجان كان”، والفيلم المصري “ريش” المتوج في مهرجاني كان والجونة المصري، إضافة إلى فيلم “فرططو الذهب” لعبد الحميد بوشناق المرشح لتمثيل تونس في السباق لجائزة “أوسكار” لأفضل فيلم عالمي 2022.
وسيشارك في المسابقات الرسمية 54 فيلما، بينها 18 فيلما طويلا روائيا ووثائقيا و36 قصيرا روائيا ووثائقيا.
معلقة المهرجان تثير جدلا
وبخصوص معلقة المهرجان التي أحدثت جدلا في تونس، والتي حملت صورة الفنانة التونسية هند صبري، قال الباهي إن الجدل ظاهرة صحية وهو اعتراف بتكريم شخصية مهمة، وهي المخرجة التونسية الراحلة مفيدة التلاتلي.
وتابع أن هذه المعلقة لا تحمل صورة صبري كممثلة فقط، وإنما هي صورة مأخوذة من فيلم “صمت القصور” للمخرجة التلاتلي، والذي كان له بصمة كبيرة في تاريخ السينما التونسية والعربية.
وأوضح أن صبري أحرزت على دورها في الفيلم جائزة “التانيت” الذهبي من المهرجان، وهي في الرابعة عشرة من عمرها.
وقد انتقد المخرج والمدير الفني السابق للمهرجان إبراهيم لطيف وضع صورة صبري على معلقة أيام قرطاج السينمائية، موضحا انه لو كانت موجودة في برمجة المهرجان، سواء بشريط سينمائي أو عبر تكريمها، كان من الممكن غض الطرف عن اختيارها، متسائلا عن علاقة النجمة التونسية ببرمجة الدورة الثانية والثلاثين للمهرجان.
بروتوكول صحي متشدد
وحول البروتوكول الصحي، قال الباهي إنه سيتم فرض “الجواز الصحي” على الجمهور، كما اشترطت إدارة المهرجان على ضيوفها أن يكونوا قد استوفوا جميع جرعات التلقيح.
وأضاف: “سنكون متشددين في هذا الجانب، وذلك من أجل مصلحة الجمهور. كما ستكون طاقة استيعاب قاعات السينما في حدود 50 بالمئة فقط، وذلك التزاما بالشروط الصحية التي وضعتها وزارة الصحة”.
وأكد أن تحديد عدد المتفرجين لن يقلص من مداخيل العروض للمهرجان، لأن مداخيل المهرجان تكون من خلال المعلنين، أو الرعاة، وليس من خلال قيمة التذاكر.
وأوضح أن قيمة التذاكر لحضور الفيلم الواحد لم تتغير منذ سنين طويلة، إذ إن التذكرة للطلبة تبلغ قيمتها دينارين، أي أقل من دولار واحد، والتذكرة لغير الطلبة بثلاث دنانير، أي نحو دولار.
الدورة السابقة.. فرصة لاكتشاف الأفلام التونسية
وبخصوص الدورة السابقة التي كانت تونسية بامتياز، قال الباهي، الذي كان مديرها أيضا، إن “الدورة الماضية نظمت في ظروف صحية استثنائية، واقتصرت على عرض الأفلام المحلية فقط”.
وتابع: “كانت فرصة للجمهور التونسي، وللشباب خصوصا، لمواكبة أفلام الستينات والسبعينات من القرن الماضي لمشاهدتها”.
ورأى أنه من الناحية البيداغوجية (التربوية) تحقق هدف هذه الدورة التي أصرت الإدارة على تنظيمها على الرغم من الظروف الصحية الصعبة جراء فيروس كورونا، إذ تم تنظيم ندوات مهمة بخصوص مستقبل المهرجان والأرشيف.
ورضا الباهي مخرج ومنتج سينمائي تونسي، بدأ يعمل في ميدان السينما في ستينات القرن العشرين، وله أعمال منها “العتبات الممنوعة” و”شمس الضباع” و”الملائكة” و”شمبانيا مرة” و”السنونو لا يموت في القدس” و”صندوق عجب” و”زهرة حلب”.
وتأسس مرجان قرطاج السينمائي عام 1966 ببادرة من المخرج التونسي الراحل الطاهر شريعة، تحت إشراف وزارة الثقافة، وكان ينتظم في تونس كل سنتين. وهو أقدم مهرجان سينمائي في دول الجنوب لا يزال يعقد دوراته بانتظام. ومنذ عام 2015 أصبح المهرجان يعقد سنويا.