كتب

قصة إحباط جيل خاض حربا عادلة ضد الفاشية في’مجد عابر’

محمد الحمامصي

قصة إحباط جيل خاض حربا عادلة ضد الفاشية في’مجد عابر’…..جوان سالاس يستخلص في هذه الرواية حيواته المتعددة وتجاربه ويصوغها في قصة خالدة عن الحب المحبط والشباب الضائع والأوهام المحطمة، مؤكدا انها تأتي كشهادة لرفاقه الموتى.

في سن الخامسة عشرة سجن لمدة ثلاثة أشهر بسبب احتجاجه على دكتاتورية بريمو دي ريفيرا. وبعد هزيمة الجمهورية الإسبانية على يد الفاشيين، كان واحدًا من الذين سلكوا طريق المنفى وعبروا إلى فرنسا أولا. حيث أمضى تسع سنوات في المنفى متنقلا بين فرنسا وهايتي وجمهورية الدومينيكان والمكسيك، كان يعمل في الطباعة. وعقب انتهاء الحرب وعودته إلى كاتالونيا في عام 1948، بدأ في كتابة عمله العظيم، “مجد عابر”. وكرس نفسه لنشر الكتب الثقافية والأدبية باللغة الكاتالونية، بقدر ما كان ذلك ممكنًا ضمن قيود الرقابة التي فرضتها ديكتاتورية فرانكو.

قصة إحباط جيل خاض حربا عادلة ضد الفاشية في’مجد عابر’

“مجد عابر” التي صدرت أخيرا عن دار صفصافة بترجمة عبد السلام باشا، والتي أخذت عنوانها من عبارة شكسبير “المجد العابر في أحد أيام شهر أبريل…”، لا تنفصل أحداثهاعن حياة سالاس، حيث جاءت على خلفية الحرب الأهلية الإسبانية التي اندلعت في ثلاثينيات القرن العشرين، فعلى الرغم من تخرجسالاس في الأكاديمية العسكرية الكاتالونية وعمله كضابط، إلا أنه قاتل إلى جانب الجيش الجمهوري، وكما أشار الكاتب الإسباني الكبير خوان جويتيسولو في مقدمته لإحدى طبعات الرواية العديدة أنها “ملحمة آسرة تثير العديد منالمقارنات مع أعمال دوستويفسكي وستادال. وأضاف إن سالاس “لا يؤسس تفكيره على حقائق مؤكدة، بل على حياة معرضة لسخافة العالم ومواكبة الدماء والموت والظلم”.

في هذه الرواية سالاس، محارب الحرب الأهلية الإسبانية، يستخلص حيواته المتعددة وتجاربه ويصوغها في قصة خالدة عن الحب المحبط والشباب الضائع والأوهام المحطمة. يقول أنها تأتي كشهادة لرفاقه الموتى، ويضيف “سعيت إلى أن أشهد على ما مررت به، ضد الكذبة السوداء – الكتائبيين – وكذلك الكذبة الحمراء – الكتائبيين أولاً ثم الشيوعيين”.

الرواية مقسمة إلى أربعة أجزاء، ولكن يظل مركزها المحوري هي الحرب التي يقدمها من منظور المهزومين. وقد نشرت الرواية في خمسينيات القرن العشرين وتعرضت للرقابة في أسبانيا الفاشية، ولم تنشر في وطن الكاتب سوى عام 1971، وبسبب قوتها على مستوى الرؤية والمعالجة الموضوعية والفنية تمت مقارنة سالاس مع دوستوفيسكي..تتخللها الصور الحية للعالم الطبيعي والحياة اليومية، والتي تعطي الخيال مضمونا حقيقيا، والمناقشات الحادة والخطوط الفلسفية المفجعة بالجراح وأيضا بلمسات من الفكاهة – عادة ما تكون مظلمة.

“مجد عابر”

تعبر “مجد عابر” عن إحباط جيل خاض حربا عادلة ضد الفاشية، لكنه فقد مثاليته وشبابه، وقد افتتح سالاس الرواية بمقدمة تحت عنوان “اعتراف المؤلف”، قال: “المجد العابر في أحد أيام شهر أبريل…” كل محب لشكسبير يعرف هذه الكلمات، وإن كان عليّ أن ألخص روايتي في جملة واحدة، سأختار هذه الجملة”.وأضاف ” توجد لحظة ما في الحياة حيث يبدو أننا نستيقظ من حلم، ولم نعد شبابا. لا يمكن أن نظل شبابا للأبد بالطبع. لكن ماذا يعني أن نكون شبابا؟ يقول بودلير “لم يكن شبابي سوى عاصفة مظلمة”. ربما كل شباب هو هذا، وكان هذا، وسيكون هذا: عاصفة كئيبة يشقها برق المجد -مجد عابر- في أحد أيام أبريل”.

يدفعنا شغف غامض أثناء تلك السنوات الشاقة العاصفة. نبحث، بوعي أو بلا وعي، عن مجد لا يمكننا تحديده. نبحث عنه في أشياء كثيرة، لكن في الحب على وجه الخصوص.. وفي الحرب، إن ظهرت الحرب في طريقنا. كانت هذه هي حال جيلي. يصبح العطش للمجد حادا لدرجة الألم في لحظات ما من الحياة؛ ويصبح العطش أكثر حدة كلما كان المجد الذي نتعطش إليه عصيا على التحديد؛ وأكثر غموضا أيضا. تحاول روايتي الإمساك، تحديدا، ببعض تلك اللحظات لدى بعض شخوصها. وماذا كانت النتيجة؟ لست أنا من يجب أن يرد على هذا السؤال.

لكنني أعرف أن من أحب كثيرا سيحصل عىل عفو كبير. كان هناك شغف أكبر بسان ديسماس ومريم المجدلية في أزمان غابرة؛ لم يكن هناك الكثير من التحذلق كما هي الحال الآن، ولم نكن نحاول إخفاء الشغف الذي نحمله جميعا في أعماقنا خلف النظريات والرسائل والتنظريات المجردة. نحن خطاؤون بعطش كبير للمجد. لأن المجد هو هدفنا.

ميدل إيست أونلاين

لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على الفيسبوك

لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على التويتر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى