قصة كتابي عن أسامة بن لادن : الأكثر مبيعاً بعد 11 أيلول 2001 !
لم أتوقع أن تخلص قراءتي المتأنية لتجربة أسامة بن لادن في كهوف أفغانستان إلى (إنذار بفعل كبير) سيقدم عليه هذا الرجل ومن معه على صعيد العالم، ففي الوقت الذي اشتغلتُ فيه على هذه الشخصية في النصف الثاني من تسعينات القرن الماضي، كان في ذهني تصورات أن الإسلاميين في العالم سيقدمون أنفسهم على الساحة الدولية بقوة بعد انهيار الاتحاد السوفييتي.
ووقتها كنت أجري حواراً طويلاً (بمثابة السيرة الذاتية) مع مفتي سورية في ذلك الوقت الشيخ أحمد كفتارو، وسألته عن انهيار الاتحاد السوفييتي، فإذا به يعلن صراحة أن ذلك فشل لكل الأفكار التي طرحت نفسها في خدمة البشرية، وأن الإسلام بطبيعة الحال هو الحل، لكن الشيخ كفتارو يشتغل على التسامح : ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)، أما بن لادن فهو يشن حربا على العالم الذي قسمه إلى (فسطاطين) .
كان بن لادن شخصية مثيرة للانتباه ، ترك الجاه والعز وأمواله الكثيرة التي ورثها عن أبيه الملياردير السعودي محمد بن لادن وذهب ليقاتل السوفييت (الشيوعيين) الموجودين في أفغانستان تحت عنوان الجهاد، ووجدت في تفاصيل حياته وحياة العرب الأفغان هناك مايثير، فأجهزة الكمبيوتر موجودة في الكهوف والتدريب اليومي على قدم وساق، وحرب عصابات تشن على الروس وبن لادن يجلس على الأرض مع كلاشينكوف (غنمه) من معركة قتل فيها جنرالا روسياً.
أنجزت كتابي الذي صدر عن عدة دور للنشر في سورية والقاهرة وبيروت بعنوان: أسامة بن لادن (واحد من مليار)، معتمداً على منهجية البحث التجميعي ومستعيناً بعدد من مقالات عنه ولقاءات في صحف الغرب معه ترجمتها لي السيدة ريما السعدي، وساهم تصميم الغلاف الذي وضعه الصديق الفنان جمال سعيد بإعطاء تكثيف بصري للكتاب، فابن لادن أمام خارطة العالم ونقاط من الدم على الغلاف.
انتشر الكتاب سريعاً، لكن انتشاره الحقيقي كان بعد أحداث الحادي عشر من أيلول سبتمبرعام2001، والهجمات التي ضربت مانهاتن ومبنى وزارة الدفاع الأمريكية، وفي الرد عليها شنت أميركا حرباً على العالم.
صدر الكتاب بطبعات كثيرة ، وربما تجاوز عدد نسخ الطبعات المتتالية مائتي ألف نسخة باللغة العربية ، ثم ترجم الكتاب إلى لغات أخرى، وفي أحد معارض الكتاب كان ثمة رتل من المهتمين يقفون لشراء الكتاب الذي نفذ بساعتين .
وأخبرني أحد الصحفيين أن مسؤولة ثقافية في إحدى السفارات الأمريكية في المنطقة بادرت لشراء الكتاب، وسألت عن كاتبه ، وأن الصحفي الذي سُئل عني (عمار مصارع) أخبرها أنني صحفي متابع ، ولكنني تحولت عن اهتمامي بالسياسة إلى كتابة الرواية والقصة !
ضحكتُ عندما أخبرني هذا الصحفي بذلك، وكنت أمام حالة من الاستغراب، فأعدت قراءة الكتاب لأتعرف على هذه الدوافع وراء اقتنائه، فاكتشفت أن المسألة لاتعدو كونها اهتماماً بجاذبية الشخص وشهرته التي تجاوزت حدود المنطقة إلى العالم، لكنها بعد (مانهاتن) جعلت الكتاب هو الأكثر أهمية لمن يبحثون عن الشخص المطلوب في كل العالم .
اليوم ، أستعيد تجربتي في هذا الكتاب، وأحاول أن أقنع نفسي أن من الضروري إعادة صياغته، لأن ما قامت به المجموعات الإسلامية في العالم ، يعيد إلى الواجهة تجربة بن لادن، والدعم الذي تلقاه من الغرب في أفعانستان لمواجهة السوفييت، ثم أثره في الحملة على الإسلام في العالم ، وجعل المسلمين (في قفص الاتهام)!