قصي الخولي: نحتاج قائداً مثل الخديوي اسماعيل
للمرّة الأولى منذ انطلاقته الفنيّة قبل ثلاثة عشر عاماً، غاب قصي الخولي عن الدراما السوريّة هذا العام. لا يخفي الممثل السوري أنّ ذلك يشعره بالحزن. «للمرّة الأولى منذ بداياتي، لا أشارك بمسلسل سوري في رمضان. يحزنني ذلك، لأنّني ابتعدت قليلاً عن فضاء هيّأني لكي أصنع اسماً، وأكون فناناً يتابعه الناس». يقول إنّه شعر بمزيج من الحنين والحزن والثقة والفرح، عند متابعته الإنتاج الدراميّ السوريّ لهذا العام. «على الرغم من كلّ الأسى الذي تشهده سوريا، استطاعت الدراما تأكيد وجودنا. الدراما أساسيّة مهما حصل ويحصل، وستستمرّ وتفرض نفسها على الساحة، كونها من أفضل ما يقدّم على الشاشات العربية».
غياب الخولي عن الدراما السوريّة في الفترة الماضية، كان ناجماً عن تفرّغه للجزء الأوّل من مسلسل «سرايا عابدين». لكنّه ينكبّ حالياً على قراءة أعمال دراميّة عدّة، وعمل سينمائيّ واحد، للاختيار بينها، كما يبدأ بتصوير الجزء الثاني من «سرايا عابدين» بعد أسبوعين. «أدرس حالياً مجموعة مشاريع، بهدف تقديم نفسي بشكل جديد، وأحاول قدر الإمكان الهرب من التكرار الذي يشكّل مطبَّاً حقيقيًّا في عالم التلفزيون».
«سرايا عابدين» ليس تأريخاً
تعرّض «سرايا عابدين» لانتقادات قاسية، لتضمّنه مغالطات تاريخيّة. وعن مشاركته في العمل، يقول الخولي: «سعدتُ جداً بقراءة النص، وقرأت عن الخديوي إسماعيل بشكل موسّع، وأرى أنَّ الوطن العربي بحاجة إلى قائد مثله يؤمن بمقدرات بلاده. أحببت الشخصية، وقدّمتها بمحبة، والتزمت بالنصّ المستوحى عن القصة التاريخيَّة». يضيف الخولي أنّنا كعرب ينقصنا الكثير لتقديم عمل عربي تاريخي بمصداقية تامّة. «يُكتب التاريخ بأيدي المنتصرين، ولدينا مشكلة في أن نكون صادقين، إذ إنّ العمل التاريخي يحتمل التأويل، ما يجعله ساحة مستباحة للنقد السلبي. وفي «سرايا عابدين» لا نقدّم تاريخاً، بل مسلسلاً يستند إلى قصّة تاريخيّة. ومن يريد المعلومة التاريخيّة، فليقرأها، ولكن للأسف أيضاً، نحن أمة لا تقرأ».
إلى جانب النقد الموجّه للعمل ككلّ، تعرّض الخولي لانتقادات عدّة طالت أداءه، خصوصاً لناحية عدم إتقانه اللهجة المصريّة. يعترف الممثل السوري، بأنّ «اللهجة المصريّة صعبة جداً ولها مفاتيحها، ولكنَّ الدراسات أكّدت أن الخديوي إسماعيل لم يكن يتحدّث بالمصرية، بل كانت لهجته متأثِّرة بالبولونيّة والتركيّة وغيرهما. وأنا لا أجيد اللهجة المصرية، ومن شروط العمل ألا يجيد الخديوي تلك اللهجة، وقد اجتهدت في إبراز ذلك».
لستُ بديلاً عن عابد فهد
يستغرب الخولي النقد السلبي الموجّه لعدد من المسلسلات العربيّة، بسبب ترويجها «لعلاقات فاسدة». «إذا كانت مسلسلاتنا العربية كذلك، فماذا عن المسلسلات التركيّة، والبرازيلية؟ هناك ازدواجية معايير في التعاطي مع الأعمال التي تعرض على الشاشات العربيّة ذاتها».
كان الخولي يستعدّ لخوض أولى تجاربه في مجال الإخراج الدرامي، في مسلسل «قلم حمرة»، وقد عمل على ذلك مدَّة سنة ونصف السنة مع الكاتبة يم مشهدي والممثلة سلافة معمار، لكنه لم يستطع استكمال المشروع، لالتزامه بـ«سرايا عابدين». يقول إنّه سعيد بالعمل الذي أخرجه حاتم علي، لأنّه قدّم طرحاً جريئاً. «علينا الاعتراف بأخطائنا وحقائقنا في المسلسلات، وتسمية الأشياء بمسميّاتها. أنا شرقي وأعتزّ بشرقيتي، ولكن علينا أن نغوص في مشاكلنا السياسيّة والدينيّة والجنسيّة كي نواكب ما يدور حولنا. فلنكن أكثر حرية وتفاؤلاً، مع حرصنا على هذه الصناعة التي حقّقت إنجازات على صعيد الوطن العربي، وجعلت قطاعات كثيرة تزدهر في سوريا مثلاً، وأمّنت الحياة الشريفة لعائلات كثيرة».
ينفي الخولي ما تداولته بعض وسائل الإعلام عن تلقّيه اتصالاً من قبل «شركة الصباح للإنتاج»، ليكون بديلاً للممثل عابد فهد، في مسلسل يجري إعداده للموسم الرمضاني المقبل. «هناك اتصالات مع الشركة لتعاون مستقبلي لكن ليس كبديل عن فهد. هذا الكلام عارٍ من الصحة».
العين على هوليوود
كان لقصي تجارب سينمائيّة عدّة، منها «سيناريو» من تأليفه وإخراجه، وقد أنجز مؤخراً فيلماً قصيراً، لم يعنونه بعد، ويهدف إلى تقديمه في عدد من المهرجانات. «يحكي الفيلم عن راقصة باليه، وأقدّم من خلاله رؤية حول حالة بلدي. لديّ مشكلة مع الموسيقى والمونتاج، وعليّ أن أتفرّغ له مدة يومين ليكون جاهزاً، لكن المشكلة هي في إيجاد الوقت».
أما بالنسبة إلى المسرح، يقول الخولي بكل أسى: «نحن ودعنا المسرح كخشبة، والعروض المسرحية الحقيقية هي ما يشهده العالم العربي منذ أكثر من ثلاث سنوات، وما نراه عبر السينما والتلفزيون هو لحظات بسيطة من الحقيقة».
يعتبر الخولي أنّه إذا ما تخلّى عن حلم هوليوود، فهو بالتالي يتخلّى عن حياته. «سأحقِّق حلم المشاركة في فيلم هوليووديّ، ولو ناهزت التسعين من العمر. فالحلم يجب أن يكون كبيراً وبعيداً، ولا ينقصنا أي عنصر لنشارك في أفلام عالميّة».
يختم الخولي بالردّ على من يتهم الدراما العربيّة بالتقليد: «التقليد هو فنّ حقيقي، والدراما والمسرح والسينما هي فنون مستوردة في الأساس. وإذا كان التقليد يوازي ما يحصل في الغرب، فعلينا الاعتراف بأهمية تجاربنا العربية، خصوصاً حين يكون هناك إبداع في تقديم المواد الفنية. وها نحن اليوم نكسر القوالب ونتطوّر ونقارب دراما الواقع، وما نحن بحاجة إليه هو النقد البنّاء».
صحيفة السفير اللبنانية