قنابل موقوتة.. خريطة البراكين التي قد تنشط مجددًا وتسبب كارثة
ربما لا يزال البعض منا يتذكر بوضوح تلك المشاهد في نشرات الأخبار حول تلك الغيمة العملاقة من الرماد التي تسبب فيها ثوران بركان «كريمسفوتن» في أيسلندا عام 2011، وتسببت في إلغاء 900 رحلة طيران في أوروبا، إذ كان لهذا الثوران البركاني أثر سلبي بالغ على حركة الطيران العالمية في ذلك الوقت.
الآن، هناك دلائل واضحة على أن بركان «كريمسفوتن» يستعد للانفجار مرة أخرى، ونتيجة لذلك، فقد رفعت السلطات الأيسلندية مؤخرًا مستوى تهديد هذا البركان، مما يثير مخاوف في صناعة الطيران المدني التي تعاني حاليًا من جائحة كوفيد-19. لكن هذا البركان ليس هو التهديد الوحيد، فهناك مخاوف لدى العلماء من تجدد نشاط عدد من البراكين حول العالم مما قد يتسبب في كوارث كبيرة تفوق الوصف.
بركان كريمسفوتن.. التأثير في حركة الطيران
«كريمسفوتن» هو البركان الأكثر ثورانًا في أيسلندا على مدى 800 عام الماضية، حيث عرف 65 ثورانًا بشكل مؤكد. كان العلماء الآيسلنديون يراقبون «كريمسفوتن» بعناية منذ ثورانه عام 2011، وقد رصدوا من الإشارات المختلفة ما يشير إلى أن البركان يستعد للانفجار مجددًا، وهو ما يهدد حركة الطيران في أوروبا التي لم تتعاف بعد من آثار جائحة «كوفيد-19».
بركان «كريمسفوتن» هو بركان غريب، يقع بالكامل تقريبًا تحت الجليد، والجزء الوحيد المرئي منه هو سلسلة من التلال القديمة على جانبه الجنوبي، والتي تشكل حافة فوهة بركان كبيرة يسمى «كالديرا»، وعلى طول قاعدة هذه الحافة تحت الجليد، وقع انفجار عام 2011. يتميز البركان بأن ناتج الحرارة الناجم عنه مرتفع للغاية مما يتسبب في إذابة الجليد المغطى وينتج بحيرة مخفية تحت الجليد من المياه الذائبة يصل عمقها إلى 100 متر.
كما يتميز البركان بأنه يمكن أن تكون له استجابة محفزة للضغط؛ يحدث هذا عندما تستنزف بحيرة المياه الذائبة، وتؤدي إزالة الماء من أعلى البركان إلى تقليل الضغط بسرعة، إذ يمكن أن يؤدي ذلك إلى انفجار البركان بما يشبه رفع الغطاء عن قدر الضغط.
بركان كراكاتوا.. الخوف من تسونامي قاتل
كان ثوران بركان «كراكاتوا» الإندونيسي في أغسطس (آب) 1883، أحد أعنف الانفجارات البركانية في التاريخ الحديث، كان البركان يقع على جزيرة صغيرة وسط مضيق «سوندا» بين اثنتين من أكبر جزر إندونيسيا، والذي تسبب ثورانه في اختفاء الجزيرة بين عشية وضحاها تقريبًا، كان الانفجار قويًا لدرجة أنه أمكن سماعه على بعد حوالي 4500 كيلومتر، وعندما انهار هذا البركان في البحر بعد انفجاره، تسبب في حدوث تسونامي بارتفاع 37 مترًا، وهو ارتفاع كافٍ لإغراق مبنى من ستة طوابق. تسبب هذا التسونامي في تدمير 300 بلدة وقرية ومقتل أكثر من 36 ألف شخص.
وفي عام 1927، أدت سلسلة من الانفجارات المتفرقة تحت الماء إلى ظهور جزء من البركان الأصلي مرة أخرى فوق البحر، مكونًا جزيرة جديدة تسمى «Anak Krakatoa»، والتي تعني «طفل كراكاتوا». وفي ديسمبر (كانون الأول) 2018، وخلال ثوران صغير آخر، انهار أحد جوانب «طفل كراكاتوا» في المحيط وتعرضت سواحل المنطقة مرة أخرى لموجة تسونامي كبيرة تسببت بمقتل 437 شخصًا ونزوح أكثر من 16 ألفًا.
لا يزال هذا البركان نشطًا حتى الآن، لكن المشكلة أن تسونامي التي تسببها الانفجارات البركانية مختلفة عن تلك التي تحدث نتيجة الزلازل في المحيط، ولأنها ليست شائعة جدًا، لا يزال العلماء لا يفهمونها تمامًا، ولا يوجد في إندونيسيا نظام إنذار مبكر متقدم معمول به لمواجهة موجات تسونامي الناتجة عن البراكين. هذا يسبب مخاوف من إمكانية مقتل الآلاف من جديد في ثوران آخر لهذا البركان.
بركان جبل نيراجونجو.. الأخطر في العالم
يطلق الباحثون في جامعة ولاية أوريجون على جبل نيراجونجو «أخطر بركان في العالم». هذا ليس فقط بسبب الكمية الهائلة من الحمم البركانية التي يقذفها بانتظام من بحيرة الحمم البركانية الخاصة به، ولكن بسبب الغازات السامة التي يطلقها أيضًا، ويمكن أن تكون مميتة.
في يناير (كانون الثاني) 2002، قتل مزيج من الغازات السامة والحمم البركانية من جبل نيراجونجو حوالي 100 شخص في مدينة جوما المزدحمة القريبة. يقع بركان نيراجونجو في جمهورية الكونغو الديمقراطية وشهد وقوع انفجارين مدمرين في التاريخ الحديث، الأول تسبب في نشأة بحيرة الحمم التي يصل عمقها الآن 600 متر وتحتوي على واحدة من أكثر الحمم سيولة على الأرض.
عادة، لا يشكل تدفق الحمم البركانية من ثوران بركان مشكلة مقارنة بالمشاكل الأخرى، لكن الحمم البركانية الموجودة في بحيرة الحمم في نيراجونجو تتميز بأنها أقل لزوجة بكثير، وهو ما يعني أنها فائقة السيولة وقادرة على التحرك بسرعة تصل إلى 97 كم/ ساعة.
جبل هود في أمريكا.. فات موعد انفجاره
هذا البركان النشط الذي يقع على بعد حوالي 80 كيلومتر من مدينة بورتلاند بولاية أوريجون الأمريكية، حيث يعيش 2.5 مليون شخص هناك، فات موعد انفجاره المتوقع بالفعل، وكان آخر ثوران له في منتصف القرن التاسع عشر، فيما كان العلماء يتوقعون ثورانه من جديد منذ سنوات مضت وهو ما تأخر.
يظل هذا البركان نشطًا، مما يعني أنه سيثور مرة أخرى. تقول هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية إن ثوران هذا البركان يمكن أن ينتج عنه كميات كبيرة من الرماد والجزيئات الدقيقة، مما يؤدي إلى تدمير منطقة بورتلاند والتسبب في حدوث أعطال واسعة في الشبكة الكهربائية، وجعل المياه المحلية غير آمنة للشرب، ويخضع جبل هود لمراقبة العلماء عن كثب، مما يعني أنه يمكن أن يكون لدى السكان الكثير من التحذير المسبق إذا بدا أن ثوران البركان وشيك.
جبل فوجي.. طوكيو في خطر
يعد جبل فوجي أحد أكثر رموز اليابان شهرة، وقد ثار هذا البركان آخر مرة في عام 1707، لكن المسؤولين الحكوميين اليابانيين يخشون من ثورانه مرة أخرى. إذا حدث ذلك، فسوف يتسبب في أضرار بمليارات الدولارات ناهيك عن الخسائر الكبيرة في الأرواح، حيث يبعد البركان حوالي 100 كيلومتر عن العاصمة طوكيو.
ويخشى بعض العلماء أن الانفجارات الأخيرة للبراكين الأخرى في اليابان يمكن أن تتسبب في ثوران جبل فوجي عن طريق خلق حالة عدم استقرار عميق تحته، مما يؤدي إلى تراكم الرماد وانفجار قمته.
بركان إرتا ألي.. بوابة الجحيم
يطلق سكان مدينة «عفار» القريبة على بركان «إرتا ألي» عدة أسماء بينها «جبل الدخان»، و«بوابة إلى الجحيم»، بسبب ثوراته المتكررة والتوهج الغريب الذي تنتجه بحيرة الحمم البركانية الموجودة في قمته. وفقًا لعلماء جامعة ولاية أوريغون الأمريكية، فإن البركان ينفجر بشكل مستمر منذ عام 1967.
هذا البركان هو واحد من عدد قليل من البراكين النشطة باستمرار في العالم، وهو عضو في مجموعة البراكين ذات بحيرات الحمم البركانية، وفي حين أنه لا يوجد سوى خمسة براكين معروفة بها بحيرات من الحمم البركانية على مستوى العالم، يحتوي هذا البركان على بحيرتين نشطتين من الحمم البركانية، مما يجعله فريدًا من نوعه.
براكين أخرى
هناك براكين أخرى يخشى العالم من ثورانها بشكل قوي مثل بركان تال في الفلبين، الذي بدأ في إطلاق الحمم البركانية في يناير (كانون الثاني) 2020، مما تسبب في عواصف رعدية. ينفجر هذا البركان بشكل متكرر، إذ ثار 34 مرة في الـ 450 عامًا الماضية.
وهناك بركان كولاويا في جزر هاواي الأمريكية وهو الكتلة البركانية الأكثر نشاطًا في العالم، لدرجة أنه أصبح في ثقافة السكان المحليين بمثابة المنزل الأسطوري لإلهة النار في هاواي. كان هذا البركان ينفث الحمم باستمرار منذ حوالي عام 1983 إلى 2018، عندما قالت هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية إنه توقف، لكن العلماء يقولون إن البركان سيثور مرة أخرى قريبًا.
أيضًا بركان تونجوراهوا في الإكوادور، الذي حذر العلماء في فبراير (شباط) 2020، أن هذا البركان يظهر عليه علامات الانهيار الهيكلي، وبدأ البركان في الانفجار منذ عام 1995، وكان آخر ثوران بركاني كبير حدث في عام 2016.
وفي نهاية القائمة يأتي بركان جبل روابيهو في نيوزيلندا، وهو أحد البراكين الحقيقية المستخدمة باعتبارعها موقع تصوير جبل الهلاك في سلسلة الأفلام الشهيرة «Lord of the Rings». يخشى العلماء من وقوع انفجار بركاني على أي مستوى. وكان آخر مرة ثار فيها هذا البركان عام 2007.
ساسة بوست