قواعد الصداقة الحقيقية
مُصطلح الصداقة أُخذ من الصدق، وتعني الصدق في النصيحة والإخاء، وتقوم على مشاعر الحب والتفاهم والتقارب العمري، والصداقة تعني أيضاً تبادل الخبرات والآراء، والتماثل في الاهتمامات والقيم والاتجاهات والظروف الاجتماعية بين الأصدقاء، كما أن التعاون والفهم العميق والاستعداد للإفصاح عن الأسرار أهم الخصائص التي يمتاز بها الأصدقاء، والصديق الحقيقي يكون عوناً لصديقه في السراء والضراء، ويُشاركه أفراحه وأتراحه، كما أنه يتقبل صديقه ويُشجعه ويُحسن من سلوكه، وكلما زاد التوافق في المقومات؛ كانت الصداقة أقوى.
تقول الدكتورة هبة علي، خبيرة التنمية البشرية لـ«سيدتي»: «رجلٌ بلا صديق كرجلٍ بذراعٍ واحدة»؛ فكلٌّ منا بحاجة إلى أصدقاء يقفون بجانبه في السراء والضراء، ولكن عليك أن تعرف قواعد الصداقة الحقيقة.
مقومات الصداقة الحقيقية
– العفوية والصدق:
الوضوح والصدق هما الأساس لبناء علاقة صداقة حقيقية، ويمكن تحقيق ذلك في حال اعتاد الأصدقاء عدم إخفاء الحقائق عن بعضهم بعضاً، ومن الجدير بالذكر هنا أن ذلك لا يعني بوح كل شيء عند مقابلتهم؛ إنما من المفروض أن يكون الأصدقاء على طبيعتهم ويتجنبوا التصنع، وإخبار بعضهم عن الأمور المتعلقة بحياتهم بصدق.
– الوفاء والإخلاص:
من أهم الصفات التي يجب أن تتميز بها جميع العلاقات وليس فقط الصداقة «الإخلاص والوفاء»، ولا يمكن إثباتهما بالقول فقط؛ بل تدل عليهما الأفعال، مثل:
- الشعور بالسعادة عند نجاح الصديق وتفوقه.
- ذكر محاسن الصديق أمام الأشخاص الآخرين في حال غيابه.
- عدم السماح لأحد بالتكلم عن صديقه بالسوء.
- حفظ أسرار صديقه.
- إظهار الفخر والاعتزاز بصديقه دائماً.
– تقدير واحترام الاختلافات:
من المعروف أنه لا يوجد أشخاص متطابقون بصفاتهم وطباعهم تطابقاً كاملاً في هذه الحياة؛ وإنما يتميز جميع أفراد المجتمع باختلافاتهم، والأصدقاء الحقيقيون يعرفون ذلك جيداً ويقدِّرونه، ويفهمون اختلافات بعضهم بعضاً، ولديهم القدرة على الاندماج معاً من دون أي تصنع، أو بذل أي جهدٍ لتحقيق ذلك.
– العطاء دون مقابل:
إن العطاء دون انتظار أي مقابل من الأمور الأساسية في جميع العلاقات، وليس في الصداقة فقط، ومن أجل تكوين صداقة حقيقية يجب عليك أن تكون مِعطاءً، ولا يشتمل مفهوم العطاء على الأمور المادية؛ وإنما يشتمل أيضاً على الأمور المعنوية والعاطفية، مثل:
- تقديم التشجيع والدعم للأصدقاء.
- الابتسام في وجوه الأصدقاء.
- مجاملة الأصدقاء بكلامٍ لطيفٍ نابعٍ من القلب.
- الدعاء للأصدقاء في ظهر الغيب.
– التحلِّي بالصدق:
تدوم العلاقات المبنية على الصدق للأبد؛ فالصديق الحقيقي يتحلَّى بالصدق ولديه الاستعداد على تقديم أو تلقي الملاحظات من صديقه، بعكس العلاقات السطحية التي غالباً ما تتلاشى مع مرور الوقت، كما أن الصديق يتحلَّى بالنزاهة والتواضع، ويُجيب عن الأسئلة بكل مصداقية حتى لو كانت الأسئلة المطروحة صعبةً أو محرجة، فعندما يتحدث الأصدقاء معاً ويفتحون قلوبهم ويُصارحون بعضهم بعضاً؛ فذلك يجعل صداقتهم حقيقية ومتينة.
– تَقَبُّلُه والتعاطف معه:
تُعد معرفة طبيعة الصديق وتقبله بصفاته الجميلة أو عيوبه، وعدم إكراهه على التغيير أو السخرية منه، من القواعد الأساسية التي من شأنها أن تحافظ على الصداقة؛ فذلك يُولِد التراحم والتعاطف، ويجعل الفرد مرناً؛ ما يُوسع من إمكاناته للحصول على صداقات طويلة الأمد.
– الحفاظ على التواصل:
يُديم التواصل العلاقة بين الأصدقاء؛ فالاتصال بالصديق مرة واحدة على الأقل في الأسبوع يضمن التعرف إلى أخباره ومستجدات حياته، كما أنه سيُخفف من تراكمات الهموم والمسؤوليات عليه بالنقاش والتنفيس عن المشاعر، بالإضافة إلى أن الالتقاء به وجهاً لوجه وزيارته في مناسباته سيُعزز الترابط الأخوي بينهما، كما أن الاتصال الفعال على وسائل التواصل الاجتماعي يُمكن الفرد من متابعة منشورات صديقه والتحقق من أوضاعه والتفاعل معه.
– الثقة وحفظ الأسرار:
يحتاج بناء الثقة بين الأصدقاء للإفصاح عن مواطن القوة والضعف عند الاثنين، والتحلِّي بالشفافية؛ فالصديق الذي يطمح للحفاظ على صديقه مدى الحياة عليه أن يكون جديراً بالثقة، ويقف بصدد أي شخص يُحاول كسر الثقة بينه وبين صديقه، كما أن الوفاء بالوعود وكتم الأسرار وعدم الإفصاح عنها في لحظات الضعف؛ يُعزز الثقة بين الأصدقاء.
– التحلِّي بالإيجابية:
إن التمتع بالإيجابية يمكِّن الفرد من تكوين صداقات حقيقية والحصول على أصدقاء جيدين؛ وذلك لأن معظم الأشخاص يفضِّلون الوجود مع مَن يُشعرهم بالسعادة والبهجة، ويرسمون الابتسامة على وجوههم، ويستمتعون بقضاء الأوقات معهم.
كما يقوم الأصدقاء الجيدون بإلهام أصدقائهم وإشعارهم بالرضا، بالإضافة إلى تركيزهم على صفات أصدقائهم الجيدة وتحفيزهم لإنجاز مشاريعهم، وممارسة هواياتهم الإبداعية؛ فهم ينشرون طاقتهم الإيجابية، ويبتعدون كل البعد عن إحباطهم أو التقليل من شأنهم.
– طلب المشورة منهم:
يُعد طلب المشورة من الصديق وأخذ بعض من أفكاره وتعليقاته في مواضيع معينة أحد الطرق التي تبين المجاملة والاهتمام برأيه، ومن الجدير بالذكر أن طلب المشورة لبناء الوعي الذاتي أو خلق عادات جديدة، أو إجراء تغييرات إيجابية؛ سيدل على مدى التقدير لذاتهم والإعجاب بهم، بغض النظر عن خلفياتهم الثقافية أو معتقداتهم الحياتية؛ فالأصدقاء الحقيقيون يُضيفون شكلاً فريداً لحياة أصدقائهم.
– نصحهم وإرشادهم:
يسعى الصديق الحقيقي للحفاظ على صديقه والأخذ بيده إلى طريق الصواب والرشاد، ويُحاول توجيهه بتقديم بعض الاقتراحات أو الفرضيات التي من الممكن أن تُعزز من سلوكه المعرفي، وتُبنى الصداقات الطويلة على الاحترام المتبادل، وتجنب الاندفاعية؛ تفادياً للإحراج، فعند تقديم النصائح بطريقة مُهذبة يُرجح بأن يأخذها الصديق بعين الاعتبار.
– حل النزاعات بحكمة:
تُعتبر إدارة وحل الخلافات في الصداقة مهارة حيوية يتمتع بها الأصدقاء ذوو الفطنة للمحافظة على أصدقائهم، سواءً أكان الخلاف بين الصديقين أم أحدهما مع غيره من الأصدقاء، ويكون ذلك بالاستماع والنظر لكل شخص من منظوره الخاص، والتماس الأعذار للطرف الآخر، وتركه يُعبر عن مكنونه الداخلي والأسباب التي أدت إلى النزاع، وفي النهاية التوصل لحلول مُرضية، وتقديم الاعتذار لبعضهما، وإدراك أن الصداقة أهم من المصالح الشخصية والصراعات.
– وضع الحدود:
تتطلب الصداقات القوية وضع بعض الحدود؛ لذلك يفضل أخذ الحيطة والحذر للحفاظ على الصديق وعدم استنزافه بالطلبات أو المشورات، بالإضافة إلى عدم تعدي خط الاحترام الخاص به، وبقدر الاستمتاع بالتواصل معه إلا أنه يجب ترك مساحة كافية له تُمكنه من الإقبال والانفتاح وعدم التهرب أو التململ من العلاقة.