كارمن لبّس: الممثلة اللبنانية لا تتكّل على الجمال فقط

تصعب مقارنة تجربة أي ممثلة لبنانية معاصرة بما تمتلكه الفنّانة القديرة كارمن لبّس من غنى المسيرة التي بدأت تحت نيران الحرب المحلية في ثمانينات القرن العشرين، والتنوع الذي يشمل مختلف ضروب الدراما في التمثيل الإذاعي، واعتلاء خشبة المسرح، والحضور العميق في الفن السابع، والشاشة الفضيّة في مصر وسورية ولبنان. يحق لناقد درامي تسميتها بإنصاف «سيدة الشاشة اللبنانية».

تتحدث لبّس في مقابلة مع «الحياة» بوضوح حادّ عن دورها الجديد في بطولة مسلسل «كواليس المدينة» (كتابة غادة عيد وإخراج أسامة الحمد) الذي يعرض حالياً. تقول: «أؤدي شخصية رنا حيدر التي تتعامل مع الناس كحجارة داما. أصابت الغنى بالاحتيال بعد أن كابدت الفقر، لذا المال بالنسبة إليها يصير الأهم. هو مفتاح السلطة المغرمة بها، لا يهمها أحد، وتدوس على كل شيء لأجل المال».

ورداً على سؤال حول ربط المشاهدين العمل بملف «بنك المدينة» ودور لبّس بشخصية رنا قليلات التي ارتبط اسمها بالقضية الشهيرة، تجيب بأن الأمر متروك لحكم المشاهدين بما يحلّلون من إسقاطات ضمن الخطوط الدرامية، لكنها تعتقد بأن غالبية الناس في مجتمعنا للأسف، لن توفر فرصةً لتكون مكان «رنا»، مضيفةً: «كثيرون يحلمون بأن يحصلوا على ما حصلت عليه رنا، النفوذ والمال والسلطة، ولا يوجد لديهم مشكلة بأن يتصرفوا بطريقتها، لا مشكلة لديهم بأن يُشتروا ويباعوا. عموماً اللبناني تهمه المظاهر بنسبة مبالغ فيها، وهذه مشكلة كبيرة لدينا».

وتوضح لبّس بعض الانتقادات التي تُنقل لها من الجمهور حول بعض الأمور التي تتعلق بالمشهدية الدرامية في خط «رنا» ومفردات حوارها كارتداء خادماتها أزياءً نمطية أو لفظها كلمات إنكليزية في شكل خطأ كـ «رولاكس» بدل «ريلاكس» (استجمام في السياق). تقول مبتسمةً بحق: «أنا سعيدة بهذه (القفشات) الدقيقة التي التقطها الجمهور، فهذا دليل متابعة في المقام الأول». وتكشف أن «زي الخادمات مقصود أن يكون في هذا الشكل لأن مجـريات الأحداث ســــتكشف استغلال رنا خادماتها بعلاقات مع رجال من أجل الوصول إلى بعض أهدافها، إضافة إلى أنها ليست سيدة مجتمع أو امرأة راقية في المقام الأول، وهي ليست ملمةً باللغات الأجنبية، بل تتصنعها للظهور بمستوى أعلى من حقيقتها الماضية».

وعن تركيز الدراما اللبنانية على قصص الحب في شكل أساسي، ترفض لبّس الوقوف في موضع التقويم، لكنها ترى أن على الدراما أن «تتضمن قصص الحب والاتجاهات التاريخية، وأيضاً القصص التي تلامس الواقع وغيرها، لكن المشكلة تحصل إذا ذهبت الدراما كلها في اتجاه واحد».

وتتابع في سياق مشاكل الدراما المحلية معتبرةً أنها لا تزال تحتاج إلى الكثير، قائلةً: «طالما أن المسلسل اللبناني يبقى ضمن إطار المحطات اللبنانية ومن دون أن يباع للخارج إلا كعرض ثان أو ثالث، لن يتطور أبداً». وتؤكد أنه «عندما يرتفع الإنتاج يرتفع معه كل شيء، من كتابة ووقت وتصوير وإضاءة وفريق عمل وكل العناصر الأخرى»، لافتةً إلى أن «الممثل اللبناني أصبح معروفاً في الخارج بفضل الأعمال العربية وليس المحلية، مثلاً سيرين عبدالنور خرقت القاعدة في الخارج، ولكن ضمن مسلسل عربي لا لبناني». وتضيف: «الحرب كسرت الدراما اللبنانية، فنزل مستواها إلى درجة لم يعد هناك دراما، بل أصبحت تجارة. نحن في حاجة إلى دولة لدعم الدراما وتطويرها وهو ما لم يحصل أبداً على عكس سورية».

وعن الجدل الدائر حول طغيان عامل الجمال أخيراً في الصف الأول للبطلات اللبنانيات في الأعمال الدرامية، تشدّد لبّس على أنه لا توجد ممثلة لبنانية تتكّل فقط على جمالها. هناك أيضاً ممثلات سوريات ومصريات يتكلن على جمالهن من ضمن ما يتكلن عليه. القصة أكبر من لبنان، ربما اللبنانيات يسلَّط الضوء عليهن لأنهن يُعرفن بجمالهن وأناقتهن وجرأتهن. لكن المشكلة تكمن في الدراما العربية عموماً، إذ أصبح الجمال هو المعيار الأول وليس التمثيل. وليس فقط على صعيد الدراما فقط، بل على صعيد الغناء أيضاً، ولكن إذا وجدنا الاثنين يكمل بعضهما بعضاً فهو أمر ممتاز».

وترى أن «الموضوع يرجع إلى اختيار المنتج»، مضيفةً: «لدينا الكثير من الجامعات في لبنان التي تخرّج ممثلين موهوبين، ولكن لا أحد يهتم بهم، والمنتج دائماً يفرض اختياره. المشكلة في المنتج والمخرج والكاتب الذين يجب أن يقدموا شخصيات لا تعتمد على الجمال أولاً».

صحيفة الحياة اللندنية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى