كردستان العراق .. دولة قيد الانتظار

ماشكو مقهى كردي تقليدي يقع على سفح قلعة أربيل الموجودة منذ قرون، وهو مكان تجمّع عادي للفنانين والسياسيين. مصطفى ماشكو، المحاط بجدران من صور قديمة تُظهر رجالاً في سراويل فضفاضة من الزي التقليدي، وصور ذات ورق مصقول لرجال آخرين يرتدون بدلات سوداء ونظارات شمسية عصرية، يأخذ المدفوعات من الزبائن ويخبرني عن حياته.
مصطفى (27 عاماً) يملك عملا تجاريا، لكنه يعتني بالمقهى بشكل غير رسمي للحفاظ على إرث جدّه. على عكس والديه، هو لا يتحدث العربية، ولم يزر بغداد قط، ويقول إنه لا يملك أي ارتباط بكيان يُدعى العراق. الجانب العراقي الوحيد لوجوده هو جواز سفره، الذي قد يتخلى عنه بكل سرور إذا كان في وسعه ذلك، لأنه لا يجلب له سوى الحزن في المطارات. “عندما أقول إنني من شمالي العراق، يبتسم الأشخاص في وجهي. لكن عندما أقول فقط أنا عراقي، أحصل على نظرات دنيئة”.
مصطفى ماشكو يمثل الجيل الجديد من أكراد العراق الذين عاشوا في ظل العراق، لكنهم ليسوا جزءا منه. فعلى الرغم من أنهم يتعلمون العربية لغة ثانية في المدرسة، إلا أنهم نادراً ما يتحدثون بها وليس لديهم أي اهتمام بها. وعندما يكون باستطاعتهم تحمّل التكاليف، يسافر الشباب إلى إسطنبول ودبي وبيروت، لكن لا تطأ أقدامهم تراب العاصمة العراقية. في المنطقة المحيطة بهم، التي يشيرون إليها على أنها كردستان، المدن تنهض ويرفرف العلم الكردي، ولوحات الطرق وأسماء الشوارع والمتاجر ووسائل الإعلام كلها باللغة الكردية، اللغة الرسمية للحكومة. وقد يتطلب الأمر عدة أيام حتى يُدرك زوّار أربيل، العاصمة الكردية، أنهم في العراق ـ ألاحظ أن كلمة العراق هي بمثابة إضافة عرضية تقريباً على اللوحة الموجودة على مبنى البرلمان الكردستاني.
وحتى المشهد في الشمال متميز، بما فيه من التلال والجبال المدهشة التي تتعارض بحدة مع صحراء الجنوب الغربي المسطحة. وعندما زُرِعت أشجار نخيل في وسط شارع رئيس في أربيل، احتج السكان المحليون على ما اعتبروه رمزا للعراق. كذلك علامات الازدهار الاقتصادي تفصل المنطقة الكردية؛ فنادق الخمس نجوم اللامعة والأحياء السكنية التي تدخلها عن طريق بوابات – مع أسماء مثل القرية الإنجليزية والقرية الإيطالية – تذكّرنا بمدينة ناشئة في الخليج أكثر مما هي من البنية التحتية الكئيبة المهترئة في الجنوب. بعد غزو الولايات المتحدة للعراق وخلع صدّام حسين في عام 2003، قلب الخمسة ملايين كردي في العراق الصفحة على عقود من القمع وشرعوا بقوة في بناء أمّة، تغذيها الآبار التي يتدفق منها النفط. لقد استفادوا من الدستور العراقي الذي منح منطقتهم مكانة خاصة ذات حكم شبه ذاتي. وعمل تقدّم كردستان على تعزيز رغبة قديمة في الاستقلال. والجيل الجديد من الأكراد هم بالفعل مستقلون في قلوبهم وعقولهم.
لحظة فارقة
للحظة في وقت سابق من هذا الصيف، الأشخاص الذين هم على شاكلة ماشكو شعروا بأنهم قريبون بشكل مغر من تحقيق الحلم الكردي، نتيجة الكارثة التي حلّت على العراق. فمع قيام جيش الجهاديين “داعش” بالتقدّم إلى الموصل – أكبر ثاني مدينة عراقية، على بُعد ساعة ونصف في السيارة من أربيل – تحطمت عملية مضت عليها عشر سنوات لبناء دولة عراقية يتشارك فيها أغلبية العرب الشيعة السلطة مع العرب السنّة والأقلية الكردية. الرئيس الكردي، مسعود بارزاني، الذي أمضى الأعوام القليلة الماضية في خلاف مع الحكومة المركزية في بغداد، أعلن أنه لم يعُد ملزما بالدستور العراقي، ودعا البرلمان الكردي إلى التحضير من أجل استفتاء على الاستقلال. وقال: “لقد حان الوقت لتحديد مصيرنا، وينبغي لنا ألا ننتظر الآخرين ليحددوه نيابة عنا”.
وكانت حكومة بارزاني تعمل بهدوء على الأقل منذ عامين، من أجل تلك اللحظة بعد أن نفد صبره مع استبداد رئيس الوزراء السابق في العراق، نوري المالكي. ووفقاً لأحد كبار المساعدين، كان الزعيم الكردي قد كتب لباراك أوباما قبل أشهر من سقوط الموصل، محللاً مأزق العراق، ويخبره أن الأكراد سيجرون استفتاء على الاستقلال. ويقول المسؤول إن القشة الأخيرة بالنسبة لبارزاني كانت سقوط الموصل ـ وكان المالكي قد رفض الاستجابة لتحذيراته المتكررة بشأن نوايا الجهاديين تجاه المدينة.
الانفصال، بالطبع، هو عمل فوضوي في أجزاء العالم الأكثر استقراراً، فكيف ستكون حال أمة ناشئة سيئة الطالع بسبب وضعها الجغرافي؟ كردستان، الواقعة بأكملها في اليابسة بلا مياه حولها، التي تشكل جزءا من دولة مضطربة عنيفة، هي أيضاً محاطة ببلدان معادية لطموحها. في الواقع، الاستقلال الكردي يمكن أن يهز الشرق الأوسط مثل زلزال، ويزعزع أسس الدول المجاورة التي فيها أقليات كردية – سورية وتركيا وإيران – وتحديد أول إعادة رسم لخريطة الشرق الأوسط منذ اتفاقية سايكس ـ بيكو عام 1916 التي قسمت ممتلكات الإمبراطورية العثمانية إلى دول قومية. ليس من المستغرب أن الرسالة التي تم إرسالها للأكراد من قِبل إيران وتركيا، لكن أيضا بشكل حازم جداً من قِبل الولايات المتحدة، كانت: لا يوجد أحد مستعد لجمهورية كردية. الأولوية لهزيمة “داعش”، ولذلك يجب الحفاظ على السلامة الإقليمية للعراق.
خطوة متهورة
اكتشف الأكراد بسرعة أنهم أيضاً ربما كانوا متهورين في سعيهم من أجل الحرية. بحلول شهر آب (أغسطس)، كانت الحرب الخاطفة لـ”داعش” قد وصلت مناطق قريبة من أربيل، ما جعل موجات من السكان المذعورين تهرب من أجل السلامة. الجيش الكردي، البشمركة – وهم محاربو الجبل المعروفون بتنظيم الثورات المتكررة، الذين يدل اسمهم على “أولئك الذين يواجهون الموت” – كان على وشك الانهيار. يقول مسرور بارزاني، ابن الرئيس ورئيس الأمن الوطني في كردستان: “لقد أدركنا أننا الآن جيران مع المنظمة الإرهابية التي تتشارك معنا ألف كيلومتر من الحدود ولم نعد نتشارك إلا 15 كيلومترا مع حكومة بغداد. لقد كان ذلك بمثابة تهديد كبير. لذلك قررنا المقاومة وكنا قد بدأنا ذلك، لكنهم تفوّقوا علينا نظرا لمعداتنا القديمة”.
البشمركة، مثل غيرهم من الموظفين في القطاع العام، لم تُدفع رواتبهم منذ شهور. فقد كانت حكومة كردستان الإقليمية مفلسة عملياً؛ لأن حصة الإيرادات من بغداد كانت محتجزة لدى حكومة المالكي منذ بداية العام بسبب نزاع حول النفط. وفي جميع أنحاء أربيل، الرافعات عاطلة عن العمل، وهياكل المباني غير منتهية، وفواتير المقاولين غير مدفوعة، ورجال الأعمال بائسون. وكانت الحكومة تمول نفسها عن طريق الاقتراض من الشركات الخاصة. لذلك طلب الأكراد المساعدة، وقد استجاب الأمريكيون بشن غارات جوية، واستجاب الإيرانيون بمستشارين عسكريين ومدفعية، والأتراك بقروض. يقول ريواس فايق، عضو البرلمان في أربيل: “الاستقلال مشروع استراتيجي، لكننا غير جاهزين، والبنية التحتية غير جاهزة، والاقتصاد غير جاهز ودفاعاتنا غير جاهزة”.
وفي الشهرين الماضيين تم تخفيف الحديث عن الاستقلال، لكن الشعور بالإحباط واضح. رد عليّ مسرور بارزاني بقوة حين سألته عن “أحلام” الاستقلال، قائلاً: “إنه ليس حلماً، إنه هدف. لماذا يُحرَم الأكراد من حقوقهم؟ لأن الجميع يبحثون عن مصالحهم الخاصة”. انضم الأكراد الآن إلى الحكومة الجديدة في بغداد التي ساعدت الولايات المتحدة على بنائها، ويقول الزعماء إنهم على استعداد لمنح العراق فرصة أخيرة. وقال قوباد طالباني، نائب رئيس الوزراء: “لا يمكن أن نكون السبب – لن نكون السبب – في فشل العراق”.
لكن من الصعب العثور على أي أحد في كردستان يعتقد أنه سيتم إنقاذ العراق. الجواب قد يكون على شكل كونفدرالية، وفقاً لنيجيرفان بارزاني، رئيس الوزراء وابن شقيق الرئيس، الذي التقيته في مكتبه الكبير في مبنى يحمل شبهاً غريباً بالبيت الأبيض. يقول نيجيرفان، العفوي وحُسن المعشر على الرغم من متاعب كردستان، إن العراقيين أثبتوا أن ليس لديهم ولاء للدولة. “الشيعة غير مستعدين للموت في الموصل (التي معظمها من السنّة)، والذين في الموصل غير مستعدين للموت في النجف وكربلاء (ذات الأغلبية الشيعية)، والأكراد غير مستعدين للموت في الموصل. علينا أن نجد معادلة لكيفية العيش معاً، هذا هو الأمر الأكثر أهمية، ومعرفة كيف نتحمل بعضنا بعضا داخل منطقة جغرافية تسمى العراق”.
بحلول الوقت الذي وصلت فيه إلى أربيل في وقت سابق تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، كانت “داعش” قد تراجعت بسبب الهجمات الجوية الأمريكية والتقدّم البري من البشمركة المُسلحة حديثاً. لكن لا يزال الأكراد لا يشعرون بالأمان. في سوق قيصري القريب من القلعة، حيث يبيع الشباب كل شيء، بدءا من أحدث موديلات الهواتف الخليوية إلى الملابس والأحذية، تهيمن “داعش” – كما هي معروفة في المنطقة – على الأحاديث. التاجر المتفائل الوحيد الذي التقيته هو ريبوار عثمان، الذي يبيع أزياء البشمركة والمعدات العسكرية المقلدة في الغالب، إضافة إلى عدد قليل من البنادق الحقيقية. فهو يقول: “بسبب “داعش”، عملي جيد. الجميع يحتاج إلى مناظير لرؤية مكان “داعش””.
الخطوط الأمامية
عند زيارتي لهم على خط المواجهة في السهول على ضواحي أربيل، حيث حفروا خنادق عميقة وأنشأوا خط دفاعهم، وجدت أن البشمركة يشعرون بشيء من النشاط والانتعاش بسبب المواجهة مع “داعش”. يقول المقاتلون إنهم لم يفكروا في أجرهم حتى قمت بإثارة المسألة – فهم مشغولون جداً بالدفاع عن كردستان على نحو يلهيهم عن التفكير في الراتب. أولئك الذين التقيتهم هم الجنود المحترفون، لكن كل رجل كردستاني، وعدد قليل من النساء، كانوا من البشمركة في مرحلة ما. يقول العميد ديدوان خورشيد: “البشمركة رمز للحرية؛ والدي كان من البشمركة، وابني من البشمركة”.
ويُضيف، وهو يعرض علي صورة له مع الرئيس بارزاني المبتسم خلال زيارته الأخيرة إلى قاعدة خورشيد: “نحن فخورون بما فعلناه في الشهرين الماضيين”. (حتى الرئيس عاد ليكون من البشمركة ويقضي الكثير من وقته على الجبهة). يقول خورشيد إن استعادة الموصل أمر ضروري لأمن كردستان، لكنه يتوقع أن يستغرق طرد “داعش” مدة عام على الأقل. ويقول: “طالما أنت بالقرب من النار فستحترق”. أخذني رجال العميد إلى واحدة من القرى التي تمت استعادتها من “داعش” في شهر أيلول (سبتمبر)، وهي قرية مهجورة منازلها في حالة خراب، بعضها تم تفجيره من الداخل، وآخر تم هدمه جراء الهجمات الجوية.
تسلقنا إلى سطح أحد المنازل الذي تم تحويله إلى مقر للبشمركة، والضابط المسؤول، سعيد هجار، يُشير إلى مجموعة من الكتل على بُعد كيلومترين تقريباً. يقول: “”داعش” هناك. هو جيش قوي. لقد حاول مرتين استعادة السيطرة على القرية التي نحن فيها. لا يقاتلون بدبابات فقط، بل يقاتلون بالألغام والمتفجرات”. البشمركة تحتل مكانا أسطوريا في الثقافة الكردية، حتى لو تبين في الحرب ضد “داعش” أنهم أقل قوة من صورتهم. في البداية تم إعطاء الاسم لجيش المُلا مصطفى بارزاني – والد الرئيس الحالي وبطل القومية الكردية – أثناء جمهورية مهاباد، وهي تجربة استقلال كردية قصيرة الأمد في إيران في عام 1946. لقد كانت مدينة مهاباد هي التي ولد فيها مسعود بارزاني؛ واستعادة إرث والده هي طموحه المستمر مدى الحياة.
في يوم خريف مشرق، زرتُ برهم صالح، رئيس الوزراء الكردي السابق، الذي عرفته لأعوام عديدة، في منزله في أربيل. أخبرني أن ما يربط الأكراد ليس فقط الثقافة التي تحتفل بحب الحياة وجمال الجبال، لكن أيضاً القمع الذي رزئوا به طوال التاريخ – ومقاومتهم له. “كردستان هي الاضطهاد، لكنها أيضاً عازمة على التغلب عليه”. ويُشير الأكراد إلى أنفسهم على أنهم الأمة الأكبر في العالم التي بدون دولة، مجتمع مكون من 30 مليون شخص، أغلبهم من السنّة، المنتشرين عبر عدة دول. لقد عانوا تقريباً القمع المتواصل، وطموحهم من أجل تقرير المصير فقد أهميته بسبب الانقسامات القبلية وسوء التقدير السياسي.
القومية الكردية تعود إلى أوائل القرن العشرين عندما كانت الإمبراطورية العثمانية تنهار؛ وهناك محاولتان لتأسيس جمهورية كردية تم قمعهما من قبل تركيا وإيران. عاطفياً، يقول برهم صالح، إن كل كردي يرغب في كردستان موحدة، وليس مجرد دولة تم اقتطاعها من العراق “لكننا نعرف أن هذا الأمر غير ممكن – إنه مثل القومية العربية – لذلك التركيز يتم على كردستان العراق، حيث لدينا أمة يتم تشكيلها ـ عمل قيد التنفيذ”.
مذبحة حلبجة
لا يوجد حدث في الذاكرة الكردية الحديثة يرمز إلى محنة المجتمع أكثر من حملة الأنفال في الثمانينيات التي قام بها صدام حسين، والتي أدت إلى تدمير آلاف القرى الكردية، وقتل أكثر من 182 ألف مدني وتدمير الجبال والأشجار والماشية. باكير عبد القادر عبدالله كان من البشمركة في حلبجة، المدينة التي تقع بالقرب من الحدود الإيرانية حيث قتل صدام حسين، في عام 1988، الأكراد بالغاز عقاباً لهم على الاستيلاء على المدينة والقتال إلى جانب طهران خلال الحرب بين إيران والعراق. كرجل جاد متماسك وهادئ يرتدي الزي الكردي المُخطط، يتحدث إليّ في منزله في حي للطبقة الوسطى في أربيل.
بعد أن طلبت أن يروي لي أحداث السادس عشر من آذار (مارس) انهار فجأة، ورأسه سقط بين يديه. أربع طائرات قامت بالقصف في البداية، ثم أسقطت الأوراق للتأكد من اتجاه الريح، قبل إطلاق الغاز، أخبرني ذلك بعد صمت طويل، متذكراً الدخان الأصفر والأبيض، ورائحة التفاح والثوم الفاسد، والجثث المنتشرة في الشوارع. “لقد أصبحت حلبجة رمزاً لأمتنا وقامت بتشجيع القومية بين جميع الأكراد”.
حلبجة أيضاً تذكير بالطريقة التي خذل فيها العالم الأكراد: الولايات المتحدة، مثل صدام حسين، اتهمت إيران بالهجمات لأن الأمر كان مناسباً سياسياً. بعد ثلاثة أعوام، وبعد إخراج صدام من الكويت من قِبل قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة، تم تشجيع الأكراد من قِبل السلطات الغربية للانتفاض ضده نظامه الضعيف. مرة أخرى، كانوا بمفردهم لمواجهة هجوم صدام المُضاد. الولايات المتحدة وحلفاؤها لم يقوموا بإنشاء منطقة حظر جوي فوق شمالي العراق، أول حماية دولية ممنوحة للأكراد، إلا عندما هرب 1.5 مليون كردي إلى إيران، وأصبحت أزمة إنسانية واسعة تلوح في الأفق. لكن بدلاً من اغتنام هذه اللحظة التاريخية، قام الأكراد بتوجيه أسلحتهم ضد بعضهم بعضا.
في طريق الخروج من أربيل نحو السليمانية، الممتدة على وادي جبال سفين، توجد نقطة تفتيش تحرسها القوات التابعة إلى “الآسايش”، جهاز المخابرات في الاتحاد الوطني الكردستاني. هذا واحد من الحزبين اللذين يسيطران على السياسات الكردية، الآخر هو الحزب الديموقراطي الكردستاني الذي يتبع له بارزاني. على بعُد أمتار قليلة من نقطة التفتيش يرفرف علم الاتحاد الوطني الكردستاني. من هناك وعلى طول الطريق إلى السليمانية، معقل الاتحاد الوطني الكردستاني، الصورة الواضحة الوحيدة هي صورة جلال طالباني، زعيم الاتحاد الوطني الكردستاني الموقّر الذي ظل عاجزاً على مدى عامين تقريبا، بسبب إصابته بسكتة قلبية.
نقطة التفتيش كانت الجبهة الأمامية في الحرب الأهلية بين الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديموقراطي الكردستاني بين عامي 1994 و1996، التي تقاتل فيها البشمركة مع بعضهم بعضا من أجل السيطرة على شمالي العراق. وتورط الزعماء الأكراد مع الدول المجاورة، مع تلاعب إيران في بعض الأحيان بأحد الأطراف ضد الآخر، وبارزاني في مرحلة ما استعان بصدام حسين من أجل هزيمة الاتحاد الوطني الكردستاني. لقد كانت واقعة مُذلّة في التاريخ المعاصر لأكراد العراق يفضل العديد منهم عدم الحديث عنها اليوم. بدلاً من ذلك، يقوم المسؤولون من كلا الجانبين بالإشارة إلى الطريقة التي لعبت فيها التنافسية دوراً بين الحزبين من خلال الانتخابات والمؤسسات الديمقراطية.
صحيفة فاينانشال تايمز