كريس هارمن: التاريخ من تحت

 

من بَنى طيبات البوابات السبع؟

يقول، في صفحات الكتب ستعثر على أسماء الملوك؟

فهل كانوا الملوك من جَر كتل الصخور؟

وبابل، التي دمرت مرات كثيرة

من الذي رفعها مرات كثيرة؟

وفي أي منازل مدينة ليما ذهبية التلألؤ عاش سكانها؟

وبنّاؤو سور الصين، إلى أين توجهوا عشية انتهائهم من العمل؟

وروما العظيمة، المليئة بأقواس النصر. من بناها، وعلى من انتصر القياصرة؟

وبيزنطة، التي كثيراً ما مدحتها الأغاني، هل كان لساكينها قصور فقط؟

وحتى في أطلنطس الخرافية، في ليلة ابتلعها المحيط، الغرق ما زال يصرخ على عبيدها

الإسكندر الشاب غزا الهند.

فهل كان وحده؟

وقيصر هزم الغال؟ ألم يصطحب حتى طباخاً معه؟

وفيليب، ملك إسبانيا، بكى عندما غرق أسطوله. هل كان هو وحده من بكى؟

وفريدريك الثاني ربح حرب السنين السبع. من كان الرابح الآخر؟

في كل صفحة نصر؟

من طبخ في احتفاليات المنتصرين؟

ومن دفع الفاتورة؟

تقارير كثيرة

وأسئلة كثيرة.

هذه ترجمتي لقصيدة برتولد بريشت «أسئلة عامل يعرف القراءة»، التي افتتح الكاتب كريس هارمن بها كتابه الموسع «تاريخ العالم من العصر الحجري إلى الألفية الجديدة من منظور شعبي» (verso ــــــ 2017)، وقد ارتأينا أن نوردها لأنها تلخّص فكرته في جمل قصيرة. المقصود أن التواريخ التي عادة ما نقرؤها في المناهج المدرسية وحتى الجامعية، ليست سوى «التاريخ من فوق» كما يُقال. كتب التاريخ ما هي سوى أخبار الحكام والملوك والأباطرة والخلفاء، لا تواريخ الشعوب التي هي من تصنع التاريخ. لذلك، فإن أسئلة الأديب الألماني الماركسي التي تصرخ مطالبة بإجابات، مسوغة. موضوع التاريخ سلسلة من الأحداث تتابعت حتى أوصلتنا إلى ما نحن عليه الآن، يقول الكاتب، وهو منظِّر الحزب التروتسكي في بريطانيا (حزب العمال الاشتراكيين). إنه قصة كيف استحلنا نحن، البشر، إلى ما عليه الآن. فهم ذلك مفتاح ما إذا كان بمقدورنا تغيير العالم الذي نعيش فيه، وكيفية إنجاز ذلك. فالديكتاتور في رواية جورج أورويل «1984» يقول: «من يملك الماضي يملك الحاضر»، الذي هو هدف الطغاة في الأوقات كافة. قبل أكثر من عشرين قرناً مثلاً، أصدر إمبراطور الصين أمراً بقتل كل من يستخدم الماضي لنقد الحاضر. والأزتيك قاموا في القرن الخامس عشر بتدمير وثائق الممالك التي سبقتهم في وادي المكسيك، ثم قام الإسبان بتدمير كل الوثائق في المنطقة عندما احتلوها. وكذلك فعل العباسيون بآثار الأمويين، وحتى بقبورهم.

انطلاقاً مما سبق، يؤكد الكاتب أن هدف عمله تقديم خطوط عامة لتاريخ العالم، وليس أكثر من ذلك، لكن آملاً أن يساعد بعض الناس في تقبل الماضي والحاضر. قال الكاتب إنه على علم بأنه سيتعرض لإجحافين ناتجين عن أحكام مسبقة أولها أن التغير المستمر في المجتمعات المتعاقبة نتاج الطبيعة غير المتغيرة للبشر. الإجحاف الثاني أن البشرية التي تغيرت في الماضي وصلت إلى نهاية التاريخ، وفق حكم فرنسيس فوكوياما، مستشار وزارة الخارجية في الولايات المتحدة، صاحب مقولة «نهاية التاريخ»، علماً بأنه تخلى عنها.

نكتفي بهذا العرض لأفكار المؤلف، وننتقل الآن إلى سرد محتواه.

قسم الكاتب مؤلفه إلى سبعة أقسام يحوي كل منها مجموعة فصول، على النحو الآتي:

1) صعود المجتمعات الطبقية: مدخل وخمس فصول هي:

مدخل: ما قبل الطبقات:

1) «ثورة» العصر الحجري الحديث؛ 2) الحضارات الأولى؛ 3) التقسيم الطبقي الأول؛ 4) اضطهاد المرأة؛ 5) «العصور المظلمة» الأولى.

2) العالم القديم ويحوي ستة فصول هي:

1) الحديد والإمبراطوريات؛ 2) الهند القديمة؛ 3) الإمبراطوريات الصينية القديمة؛ 4) أولى المدن الإغريقية؛ 5) صعود الإمبراطورية الرومانية وانهيارها؛ 6) صعود المسيحية.

3) «العصور الوسطى» ويحوي ستة فصول هي:

1) قرون من الفوضى؛ 2) الصين: انبعاث الإمبراطورية؛ 3) بيزنطة: الحفرية الحية؛ 4) الثورات الإسلامية؛ 5) الحضارات الإفريقية؛ 6) الإقطاع الأوروبي.

4) التغير العظيم ويحوي أربعة فصول هي:

1) إخضاع إسبانيا الجديدة؛ 2) من النهضة إلى الإصلاح؛ 3) الآلام الحادة لولادة النظام الجديد؛ آخر ازدهار لإمبراطوريات آسيا.

5) انتشار نظام جديد ويحوي ستة فصول هي:

1) زمن السلام الاجتماعي؛ 2) من الخرافة إلى العِلم؛ 3) التنوير؛ 4) العبودية والعمل المأجور العبودي؛ 5) العبودية والعنصرية؛ 6) اقتصاد «العامل الحر».

6) العالم ينقلب رأساً على عقب ويحوي 11 فصلاً هي:

1) مدخل أميركي؛ 2) الثورة الفرنسية؛ 3) اليعقوبية خارج فرنسا: 4) تراجع العقل؛ 5) الثورة الصناعية؛ 6) ولادة الماركسية؛ 7) 1848؛ 8) الحرب الأهلية الأميركية؛ 9) احتلال الشرق؛ 10) الاستثناء الياباني؛ 11) اقتحام الفردوس: كومونة باريس.

7) قرن الأمل والرعب ويحوي عشرة فصول هي:

1) عالم رأس المال؛ 2) الحرب العالمية والثورة العالمية؛ 3) أوروبا في حالة هياج؛ 4) ثورات في العالم المستَعمَر؛ 5) «العشرينيات الذهبية»؛ 6) الركود العظيم؛ 7) الأمل المخنوق: 1934-1936؛ 8) منتصف الليل في أوروبا؛ 9) الحرب الباردة؛ 10) الفوضى العالمية الجديدة.

استنتاجات: أوهام العصر.

صحيفة الأخبار اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى