كورونا يشعل أسعار النفط والسعودية ترفع إنتاجها
خفضت السعودية أكبر مصدر للنفط في العالم، سعر البيع الرسمي لشحنات أبريل /نيسان من جميع خاماتها إلى شتى الوجهات، في وقت تعتزم المملكة زيادة إنتاجها في الشهر ذاته إلى أكثر من عشرة ملايين برميل يوميا للمرة الأولى منذ مايو/أيار الماضي.
وأبلغ مصدران رويترز اليوم الأحد أن السعودية، تعتزم زيادة إنتاج النفط لتقترب من حوالى 11 مليون برميل يوميا في أبريل/نيسان، وذلك بعد انهيار اتفاق خفض المعروض بين أوبك وروسيا.
وقالت المصادر إن شركة النفط الوطنية العملاقة أرامكو ستعزز إنتاجها من الخام بعد انتهاء اتفاق خفض أوبك+ الحالي في نهاية مارس/آذار.
ودفع انهيار محادثات تمديد الاتفاق أسعار النفط للهبوط يوم الجمعة نتيجة لتكهنات بإلغاء السعودية استراتيجية دعم الأسعار لصالح اقتناص الحصص بالسوق على غرار ما حدث في 2014 وهو أفقد أسعار الخام نحو ثلثي قيمتها.
ويوم السبت، قلصت أرامكو سعر البيع الرسمي لشحنات أبريل/نيسان من جميع خاماتها إلى شتى الوجهات، بعد انهيار اتفاق خفض المعروض النفطي بين أوبك وروسيا يوم الجمعة، والذي دفع أسعار الخام للانخفاض بشدة في الأسواق العالمية.
وضخت السعودية 9.7 مليون برميل يوميا في الشهرين الأخيرين.
وقالت المصادر التي رفضت الكشف عن هويتها نظرا لحساسية الأمر إن أرامكو ستعظم إنتاجها وتبيع مزيدا من الخام لحماية حصتها السوقية.
وتبلغ طاقة إنتاج النفط السعودية 12 مليون برميل يوميا مما يعطيها القدرة على زيادة الإنتاج سريعا.
وانتهى اتفاق استمر لثلاث سنوات بين أوبك وروسيا يوم الجمعة بعد أن رفضت موسكو تأييد تعميق تخفيضات النفط للتأقلم مع تفشي فيروس كورونا لترد أوبك على ذلك بإلغاء جميع القيود على إنتاجها.
ولا يستبعد مراقبون أن تصل مستويات الأسعار إلى نفس فترة 2016 حين بلغ خام برنت نحو 27 دولاراً للبرميل.
طاقة إنتاج النفط السعودية تقدر بـ 12 مليون برميل يوميا مما يعطيها القدرة على زيادة الإنتاج سريعا
ومطلع 2017، تعهدت دول “أوبك بلاس” بأن تخفض الإمدادات في السوق بواقع 2.1 مليون برميل يوميا بهدف رفع الأسعار لأن السعودية قلصت إنتاجها النفطي بأكثر مما كان متفقا عليه.
وقالت المصادر إن ضعف التزام روسيا بتخفيضات الانتاج كان محبطا بالنسبة للرياض.
وقال المصدر الثاني “المملكة ليست في حرب مع أي أحد، لكنها تسعى وراء مصالحها الخاصة. فور انقضاء الاتفاق، الجميع سيرفعون الإنتاج.
وباتت تدابير جديدة أكثر صرامة ضرورية إذ تعاني الإيرادات النفطية خصوصا من تباطؤ سريع فرضه وباء كورونا أو “كوفيد-19” على الاقتصاد الصيني، أول مستورد عالمي للنفط.
واقترحت أوبك في وقت سابق على موسكو وشركائها التسعة الآخرين خفضاً جماعياً إضافياً بـ1.5 مليون برميل يوميا حتى لا يؤدي انتشار الفيروس إلى تقويض ما تمّ التوصل إليه في 2017 للحفاظ على أسعار مستقرة للنفط في سوق يشهد فائضا في الانتاج.
لكن وزير الطاقة الروسي الكسندر نوفاك قال أمام الصحافيين الجمعة عقب مفاوضات طويلة في فيينا “بدءاً من الأول من نيسان/أبريل، وبالنظر إلى قرار اليوم، فإنّ لا أحد — لا دول المنظمة ولا دول تحالف أوبك بلاس — سيكون مضطرا إلى خفض الانتاج”.
وأغلق سعر برميل برنت على 45.27 دولارا الجمعة، وهو الأدنى منذ نحو أربع سنوات.
واعتبرت وكالة “بلومبرغ” الاقتصادية أن سبب رفض روسيا التوقيع على تعميق وتمديد اتفاق خفض إنتاج النفط هو النفط الصخري، الذي تعد الولايات المتحدة أكبر منتج عالمي له.
وذكرت الوكالة، على لسان مصادر لم تسمها، أن موافقة روسيا على مقترح اتفاق تعميق وتمديد خفض إنتاج النفط ستكون بمثابة هدية من جانب تحالف “أوبك+”، بما فيه روسيا، إلى الولايات المتحدة.
وترى موسكو، حسب الوكالة، أن الوقت قد حان للضغط على الأميركيين الذين زادوا من حجم إنتاج النفط الصخري، بينما أبقت الشركات الروسية على نفطها في الآبار امتثالا لاتفاق خفض الإنتاج.
وتعد واشنطن حاليا أكبر منتج للنفط الخام في العالم بمتوسط إنتاج يومي يبلغ 13.1 مليون برميل يوميا وفق أرقام فبراير/شباط الماضي، بينما روسيا ثاني أكبر منتج بمتوسط 11.2 مليون برميل يوميا.
وردا على الموقف الروسي، خفّضت المملكة سعر البرميل لزبائن آسيا بنحو 6 دولارات، وبـ3.1 دولارات في الشرق الأوسط، وبأكثر من 10 دولارات في أوروبا وهو خفض غير مسبوق يهدف لمنافسة الخام الروسي.
وقال بيل فارين-برايس الخبير في شؤون النفط في المنطقة إنّ السعودية “تردّ على خروج روسيا من اتفاق الخفض عبر إشعال حرب أسعار”.
ومن المرجح أن يقتدي منتجون آخرون في أوبك مثل العراق والكويت والإمارات بتحرك السعودية يوم السبت بإجراء تخفيضات كبيرة على أسعار شحنات الخام لشهر أبريل/نيسان.
وقال مصدر في قطاع النفط بمنتج كبير عضو في أوبك “إما أن تقتدي بخفض أسعار البيع الرسمية أو تموت في السوق”.
وتهاوت مؤشرات الأسواق الخليجية خلال مستهل تعاملات اليوم الأحد بعد انهيار الاتفاق بين أوبك وروسيا، كما ساهمت المخاوف من فيروس كورونا في موجة المبيعات بأسواق المنطقة.
وتراجع مؤشّر سوق “تداول” في المملكة صاحبة أكبر اقتصاد في المنطقة بنحو 7 بالمئة لدى افتتاح تعاملات الأسبوع الجديد.
وهبط سهم شركة أرامكو إلى ما دون سعر الطرح الرئيسي وهو 32 ريالا (8,5 دولار)، لأول مرة منذ ادراج عملاق النفط السعودي في البورصة في 11 كانون الأول/ديسمبر. وجرى تداوله بعد نصف ساعة من بدء تعاملات الأحد بنحو 31 ريالا.
وأرامكو أكبر شركة مدرجة في سوق مالية على مستوى العالم. ومع تراجع سعر سهمها، انخفضت قيمتها الإجمالية إلى ما دون 1.6 تريليون دولار.
كما يتأهب متعاملو النفط الآسيويون لجولة أخرى من تراجعات الأسعار الكبيرة غدا الاثنين لخامي برنت ودبي الرئيسيين، وسط ترقب لعودة إشعال معركة حصص السوق بين كبار المنتجين.
ميدل إيست أونلاين