كورونا يعقّد المشهد السياسي في “إسرائيل”.. حرب أهلية؟
يعيش كيان الاحتلال الإسرائيلي حالةً من الهلع والخوف، نتيجة انتشار جائحة كورونا، حاله حال عشرات الدول في العالم. ويخشى الإسرائيليون أن يصيب الفيروس مئات الآلاف، ويقتل عشرات الآلاف.
وتسخّر “الدولة” الصهيونية كل إمكانياتها المادية والبشرية لتجاوز الأزمة، بما فيها الأجهزة الأمنية، وعلى رأسها جهاز الاستخبارات والمهمات الخاصة الخارجية (الموساد).
ثمة تقديرات طبية إسرائيلية بأن مئات الحالات المصابة بفيروس كورونا منتشرة في “دولة” العدو الصهيوني، ولم تخضع للفحص أو المتابعة. لذلك، تذهب الأوساط الطبية إلى أن “إسرائيل” مقبلة على كارثة حقيقية قد تشلّ أركان “الدولة” كافة، في ظل رفض المتدينين اليهود الانصياع للتعليمات الصادرة عن وزارة الصحة، وإصرارهم على الاعتماد على فتاوى الحاخامات الدينية.
قد يستغرب القارئ العربي عندما يعلم أن البعض في “إسرائيل” يستخدم أساليب الشعوذة والطقوس الدينية التوراتية للخلاص من فيروس كورونا والنجاة منه، وكان آخرها إعلان وزير الصحة الإسرائيلي – وهو من المتدينين اليهود الحريديم حلفاء نتنياهو في اليمين – أن التعاليم التوراتية والمسيح المنتظر هما المخلّص والمنقذ من فيروس كورونا.
كما استخدم عدد من الحاخامات طائرة مروحية لأداء الصلوات فوق فلسطين، وهم من الحاخامات الشرقيين والغربيين، والأرثوذوكس والمتدينين القوميين الذين يستخدمون سحر الكبالاه لمنع انتشار كورونا. طبعاً، كانت النتائج عكسية، فقد تضاعفت أعداد المصابين بالفيروس، وتزايدت المخاوف من انتشاره بصورة واسعة.
إنّ أزمة كورونا في “إسرائيل” والصراع بين المتديّنين والعلمانيين هما امتداد للصراع في المجتمع الإسرائيلي، وانعكاس لأزمته السياسية، فمنذ انتهاء انتخابات الكنيست الثالثة والعشرين، برزت أزمة سياسية حقيقية بين الأقطاب السياسية الإسرائيلية، فبعد تكليف رئيس حزب “أزرق أبيض” بتشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة، ارتفعت أصوات اليمين التي تعتبر ذلك انقلاباً على الانتخابات.
كما يسعى نتنياهو إلى استثمار تعطيل الحياة العامة في تأخير بدء جلسات محاكمته. وقد نجح في ذلك عبر وزير القضاء، من خلال إعلان حالة الطورائ، ما أجَّل الجلسة الأولى إلى شهر أيار/مايو.
ثمة صراع سياسيّ يتصاعد في “إسرائيل”، إذ نجح حزب “أزرق أبيض” مع “القائمة المشتركة” و”إسرائيل بيتنا” و”العمل ميرتس” في جمع 61 صوتاً لإعادة انتخاب رئيس جديد للكنيست من حزب “أزرق أبيض”، بدل أدليشتاين من “الليكود”، والذي بشّر باحتمال الدخول في حرب أهلية.
وهذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها الحديث عن الحرب الأهلية، في ظلّ اتهام اليمين للقضاء وأركان الدولة بأنهم يسعون إلى الانقضاض على حكم اليمين الإسرائيلي.
وعلى الرغم من توافق 61 نائباً على تغيير رئيس الكنيست، لكن هذا لا يعني بالضرورة قدرة غانتس على تشكيل حكومة تحظى بأغلبية برلمانية، فثمة إجماع لدى الفرقاء على الإطاحة بنتنياهو، لكن لا إجماع على الشكل والكيفية. وفي كتلة “أزرق أبيض” عضوان يرفضان منح الثقة لحكومة تستند إلى دعم “القائمة المشتركة” العربية.
إضافةً إلى ذلك، أجمعت “القائمة المشتركة” على التوصية لغانتس، رغم معارضة المكتب السياسي لكتلة بلد (التجمع)، وهم 3 من أصل 15 عضواً في القائمة. وبذلك، تبدو إمكانية عدم منح غانتس الثقة واردة في حال لم يوافق على شروطهم.
كما أن ليبرمان الذي أوصى بغانتس شرط تشكيل حكومة وحدة وطنية، ليس سهلاً عليه دعم حكومة مع العرب.
ثمة تعقيدات جمة وصراع على القوانين، ففي الوقت الذي يسعى خصوم نتنياهو إلى تجنيد كل الدعم لمحاصرته عبر القوانين، كقانون مدة رئيس الحكومة، وعدم التكليف في حال وجود تهم بالفساد، تقدّم أعضاء “الليكود” بقانونين يضربون بهما تحالف غانتس مع العرب، وهما قانون ضم الأغوار الذي يؤيده غانتس، ويتعارض مع مطالب “القائمة المشتركة”، وقانون إعدام الأسرى الفلسطينيين، الذي يدعمه ليبرمان، وترفضه “القائمة” العربية.
ما زالت خيارات الوحدة بين “الليكود” و”أزرق أبيض” حاضرة، ولكن طريقها معقّدة، كما المشهد السياسي المعقّد في ظل تنامي فيروس كورونا في “دولة” الاحتلال.
هذا الواقع يظهر حجم التناقض الداخلي الإسرائيلي، كما يظهر مقوّمات الدولة وقدراتها على مواجهة الوباء.
الميادين نت