محظوظ منْ يجد صديقاً صدوقاً يصدقه القول والفعل، وبائس محزون من وجد صديقاً خادعاً مخادعاً يزيف له الحقيقة ويضمر له السوء، فالحياة بلا صديق ليست حياة، ولا ينكر أي منا أن الحظ في العثور على أصدقاء جيدين هو ضمان للفرح والسعادة والرفاهية طوال العمر، فالأصدقاء هم لبنة الفرح ومصدر السعادة يقدمون لنا الدعم الذي نحتاجه في الأوقات الصعبة، ويساعدوننا في مواجهة وعبور تحديات الحياة ومشاقها، وعلى الرغم من صدق عبارة “من يجد صديقاً يجد كنزاً”، إلا أن هناك أوقاتاً لا توفر فيها علاقات الصداقة أي شيء إيجابي فحسب، بل تصبح مصدراً للتوتر والانزعاج.. بالسياق التالي “سيدتي” التقت لبنى ناجي البنا، استشاري تنمية بشرية وخبير دعم ذاتي في حديث حول كيفية تجاوز العلاقات السامة بين الأصدقاء.
بعض الأحيان تشوب علاقة الصداقة بعض شوائب تعكر صفوها
تقول لبنى ناجي البنا، استشاري تنمية بشرية وخبير دعم ذاتي لـ”سيدتي”: الصداقة علاقة إنسانية متفردة تقوم على المودة والاحترام والصدق والمشاعر الطيبة، وهذا أمر مفروغ منه، ولكن في بعض الأحيان تجد العلاقة الطيبة النقية الطاهرة يشوبها بعض شوائب تعكر صفوها وتغير من طبيعتها، ونلاحظ ذلك عندما يبدأ الصديق في التحول والانحراف عن مسار الصداقة المقدس فيتوقف فجأة عن كونه ملجأ لك، ويتراجع عن كونه مكاناً آمناً تشعر فيه بالطمأنينة وراحة البال، ويصبح وجوده مبعث عدم استقرار ومعاناة. في بعض الأحيان، تكون المشاعر الكامنة وراء هذا النوع من الصداقة والأصدقاء هي الحسد والأنانية والاعتماد العاطفي وعدم التعاطف، وفي هذه الحالة تتحول هذه العلاقة الإنسانية الرائعة لعلاقة سامة مؤذية.
كيفية التعرف إلى الصداقة السامة؟
تقول لبنى: يمكنك ببساطة أن تدرك أن علاقة الصداقة الفعلية تحولت لعلاقة سامة مختبئة أو جهرية:
- عندما يتوقف الصديق عن كونه ملجأ لك في اللحظات الصعبة، وعندما يختبئ ويختفي عندما تكون في حاجة إليه.
- عندما يصبح عدم الاستقرار والمعاناة أركان علاقتكما فتستشعر أن صديقك تغير ومشاعره تحولت وتصرفاته أصبحت غريبة.
- عندما يشجعك صديقك على القيام بأشياء يمكن أن تضرك. فالأصدقاء السامون يزينون لك طريق الباطل بالزهور، فتجد نفسك منساقاً لوسوساتهم الخبيثة المختبئة تحت عباءة ملونة من المشاعر الجميلة المزيفة، منقاداً لإشاراتهم تحركك أهواؤهم الفاسدة، خاضعاً لسيطرتهم المعنوية يحركوك كيفما يشاءون في طريق نهايته مظلمة لا تراه ثقة فيهم واعتماداً على بصيرتهم.
- الأصدقاء السامون لا يقدمون راحة أو عزاء لمشاكلك، بل قد يكونون هم أنفسهم سببها وبالتالي، فإنهم يحاولون التأثير عليك عملياً للقيام بأفعال من شأنها أن تسبب لك مشاكل مع أسرتك أو شريك حياتك أو في عملك أو تضر بتحصيلك العلمي وما إلى ذلك.
- الأصدقاء السامون أيضاً قد يستخدمون سلاح النقد بهيئة ملاحظات خفية لا توافق على سلوكك أو آرائك، تثقب احترامك لذاتك شيئاً فشيئاً، دون معارك كبيرة، كما أنهم لا يوجهون لك نصائح بطريقة بناءة.
كيف تخرج من الصداقة السامة؟
تقول لبنى: إن من خصائص العلاقات السامة في الصداقة أنها تترسخ دون أن تدرك ذلك بسبب الرابطة العاطفية التي تربطك بالصديق السام، وعلى الرغم من أن ديناميكية فساد العلاقة تكون واضحة جداً في عيون الآخرين، إلا أنه من الصعب جداً التعرف إليها من الداخل، على أن اكتشاف العلاقة السامة هو الخطوة الأولى لوضع حد لكل الانزعاج الذي تسببه.
للقيام بذلك، لا يوجد شيء أكثر فعالية من الاستماع إلى ما تكشفه مشاعرك فاسأل نفسك:
- هل تغضب باستمرار من هذا الصديق؟
- هل تشعر بالذنب في صداقته؟
- هل تشعر أنه يتحكم في العلاقة ولا يسمح لك بأن تكون أحد منشئي الحوار؟
انظر لحياتك بعين ناقدة وتابع إلى أي مدى تتطور بشكل عادي أم فوق العادي أم توقف تطورك أو أنك تتراجع بسبب صديق..!
إذاً استطعت الإجابة عن الأسئلة السابقة بصدق وتجرد فاعلم أنك من المحتمل أن تكون في خضم صداقة سامة، على أن العامل الحاسم في تحديد خطورة تلك الصداقة السامة هو تحليل مدى إرهاق فكرة قضاء الوقت مع هذا الشخص بالنسبة لك. فإذا شعرت بالإرهاق بعد كل لقاء معه، فستتأكد أنك تتعامل مع شخص سام، وبمجرد أن تدرك هذه الحقيقة، وفي خضم محاولتك للحصول على حياة اجتماعية مرضية، لن تتخلى عن تلك الصداقة بسهولة فأنت واقع تحت سيطرتها وهي توفر لك الأمان وتسهل عليك اتخاذ القرار، ومن ثمّ ستقنع نفسك أنه لا يوجد أشخاص سامون بل علاقات سامة، وستلقي اللوم على نفسك بسبب الخوف من الوحدة أو اكتساب مكانة معينة، أو الحصول على قبول الآخرين، إلا أنك يجب أن تخرج من تلك المعضلة.
- فتتقبل أن الأشخاص السامين لا يتغيرون بسهولة، لذا بدلاً من تركيز جهودك على مطالبة صديقك بالتصرف بشكل مختلف، أخبره بما تشعر به. إن إخباره بما تشعر به يمكن أن يكون طريقة جيدة لوضع العلاقة في نصابها الصحيح وحمله على الالتزام بتغيير مواقفه.
- اعمل على تقليل الوقت الذي تقضيه مع ذلك الشخص أو تغيير نوع الأنشطة التي نقوم بها معه.
- من المستحسن أن تقوم ببناء نوع من الدرع الواقية لإبعاد نفسك عن هذا التأثير السلبي وكذلك وضع حدود حول نفسك لحمايتها.
- وإذا كنت لا تزال تشعر أن العلاقة مع ذلك الشخص الآخر ما زالت بذات القوة وتستنزف كل طاقتك، فربما يكون الحل هو الابتعاد عن هذا الصديق وإغلاق الباب أمام هذه الصداقة إلى الأبد.
مجلة سيدتي