كيف أواجه ابني الذي بدأ بالتدخين خلسة؟
لا يختلف اثنان على أن التدخين والادمان عليه لدى الشباب اللبناني هو من أسوأ العادات التي تضرب هذه الفئة العمريّة. وعادة يكتسب المراهقون هذه العادة السلبيّة من الرفاق والجوّ المحيط بهم إضافة إلى رغبات نفسية غير ظاهرة تدفعهم إلى ممارسات كهذه. غير أن حوار الأهل معهم هو الأدق والأكثر تعقيداً. فكيف للأهل أن يواجهوا ابنهم الذي لجأ إلى التدخين في صفوف الثانوية خلسة؟ وكيف لهم أن يقرّبوه منهم بدل الضغط عليه للاستمرار في ممارساته خارج المنزل وبعيداً عن نظرهم ومراقبتهم؟
“يجب على الأهل أن يعرفوا تماماً ما هي النقاط التي عليهم منقاشتها مع أبنائهم وبأي نبرة” تجزم اختصاصية التطوير الذاتي جوزيان خوري في حديث لـ”النهار”، مشددة على ضرورة عدم استعمال القوّة أو العنف من قبل الأهل. وتلفت إلى “أن علاقة الأولاد بالأهل عادة ما تنمّ عن رفض ومعارضة لذلك يجب على الأهل عدم إملاء أي قرارات على أبنائهم -خصوصاً في مرحلة المراهقة- متعلقة بحياتهم”.
هذه مراحل الحوار المفترض
كما عرضت خوري لأبرز المراحل التي يجب على حوار الأهل المرور بها: مثل عبارة “نحن نفهمك” للتأكيد للابن أن الأهل يفهمونه ويحيطون به. من ثم شرح أنهم يفهمون الأسباب التي دفعته إلى التدخين ومنها أن أصحابه مدخنون وأنه يريد إثبات تقدّمه في العمر ونضوجه.
ثم على الأهل بحسب خوري أن يشرحوا لابنهم أنهم يفهمونه تماماً لكنّهم يودّون شرح سيئات ومضار التدخين التي قد لا تخطر على باله. إلى ذلك عليهم أن يفهموه أن القرار يعود إليه إنما لو عاد إليهم فإنهم يفضلون لو أنه لا يدخّن لأجل صحّته.
كما تعقّب خوري على ضرورة “أن يضع الأهل المسؤولية في قرار الاستمرار بالتدخين بين يدي الابن، كأن يقولوا إن هذه المسؤولية في النهاية تعود لك وأنت الوحيد المسؤول عن جسمك وتتحمل مسؤولية قرارك”.
للتفريق بين حاجاتهم ورغباتهم
نسأل خوري عن الفرق بين ما نمنع أبناءنا عنه وبين التدخين الذي نترك لهم القرار في الابتعاد عنه، فتقول شارحة “إنه لدى الإنسان حاجات ورغبات ويجب التمييز بين الفئتين”. وتضيف “الحاجات الأساسية للأبناء وهي الطعام والمنزل والمدرسة وسواها هي من مسؤولية الأهل، وفي المقابل هناك الرغبات التي على الأهل أن يتفهّموا أبناءهم في شأنها وأن يبرهنوا لأبنائهم أنهم يفهمونهم تماماً وأنهم يعرفون أن لديهم رغبة في التدخين أو سواه من الرغبات التي يحاول المراهقون تحقيقها. ثم عليهم كما ذكرنا سابقاً أن يعرّفوهم على مخاطرها وأنهم يتمنون لو يبتعد أولادهم عنها”.
هل نلجأ إلى القوّة؟
أما في ما يخصّ اللجوء إلى القوة فإنه غير مفيد بتاتاً مع المراهقين والناضجين، إذ تختلف طريقة معاملتهم عن الصغار. وفي هذا الشأن تقول خوري “إذا أراد المراهق التدخين فإنه سيدخّن خلسة لو لجأ أهله إلى المنع والقوة، كما أن هذا القرار هو مسؤوليته، مع ضرورة الانتباه إلى أن قرارات المراهقين يجب قبولها كما هي وإظهار تفهماً تجاهها”. مؤكدة وجوب معرفة الأسباب التي دفعت الأبناء إلى التدخين بدلاً من اللجوء إلى القوة، إذ إن المراهقين يلجأون عادة إلى التدخين لتفريغ الغضب والاحتقان.
فبين حملات التوعية ونصائح الأهل يبقى الأسلوب الذي نتعاطى فيه مع الشباب هو الأهم والأكثر فعالية في نفوسهم. فالقوة لا تحلّ الأسباب التي دفعتهم إلى التدخين، ربما علينا مساعدتهم على حل الأسباب والابتعاد عن أصدقاء السوء أولاً ثم شرح مضار هذه العادات عليهم، وذلك كلّه مع ضرورة الابتعاد عن القوّة ومنحهم المجال لاتخاذ القرار بنفسهم بعد أن يبنوا نظرتهم للأمور من خلال تجربتهم الخاصة.
صحيفة النهار اللبنانية