كيف اصبح اللعب على المكشوف في منطقة بلاد الشام بين القوى الإقليمية والدولية ؟
ماهر عصام المملوك
لماذ هذا التوقيت الواضح للعيان وحتى لعامة الناس في وقف إطلاق النار في لبنان ليتم إشعال الحرب في شمال غرب سوريا بعد التهدئة شبه المتعمدة في غزة ؟
سؤال يطرح نفسه وعلى كافة المستويات وبالاخص لأهل وسكان منطقة بلاد الشام من باب إلى أين المسير والى اين المصير…!
لابد هنا ولو بعجالة ان نستعرض موجزاً سريعاً عن منطقة بلاد الشام والتي هي واحدة من أكثر المناطق في العالم تعقيدًا وتشابكًا على الصعيدين الإقليمي والدولي.
وتمتاز هذه المنطقة بموقعها الجغرافي الاستراتيجي الذي جعلها محورًا لصراعات القوى الكبرى منذ القدم وحتى اليوم. ومع تصاعد الأحداث في العقود الأخيرة، يبدو أن لعبة المصالح والنفوذ أصبحت أكثر وضوحًا، ولم تعد تقتصر على السياسات الخفية أو الاتفاقيات السرية، بل باتت تتجلى بشكل علني حتى لعامة الناس.
توقيت التحركات الأخيرة مع وقف إطلاق النار في لبنان
شهد لبنان مؤخرًا تصعيدًا عسكريًا محدودًا سرعان ما أعقبه وقف لإطلاق النار. ويبدو أن هذا التوقف لم يكن عفويًا، بل جاء كنتيجة لتفاهمات دولية وإقليمية تتعلق بإعادة ترتيب الأولويات. فاللاعبون الأساسيون، سواء في الداخل اللبناني أو من القوى الإقليمية والدولية المؤثرة فيه، يدركون أهمية المحافظة على نوع من التوازن الهش في لبنان، لاسيما في ظل الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي يعيشها.
وبالمقابل وفي نفس التوقيت تم إشعال الحرب في شمال غرب سوريا حيث تزايدت حدة المواجهات العسكرية في شمال غرب سوريا، في منطقة إدلب تحديدًا، حيث أصبحت هذه المنطقة بؤرة للصراع بين أطراف دولية وإقليمية. فمن جهة، تحاول تركيا توسيع نفوذها وتأمين حدودها الجنوبية من التهديدات التي تمثلها الجماعات الكردية المسلحة. ومن جهة أخرى، تسعى روسيا لتعزيز موقفها في سوريا ودعم الدولة السورية لاستعادة السيطرة على كامل الأراضي السورية. هذا التوقيت، الذي شهد تهدئة شبه متعمدة في غزة، يشير إلى وجود تنسيق بين القوى الكبرى لإعادة توزيع الأوراق في المنطقة.
والسؤال هنا لماذا هذا التوقيت؟
لاشك ان إعادة ترتيب الأولويات اصبح ضرورة حتمية ومن الواضح أن القوى الدولية والإقليمية تعيد ترتيب أولوياتها في المنطقة. ففي الوقت الذي تتجه فيه الأنظار إلى الصراعات الأكبر مثل الحرب الروسية – الأوكرانية أو التوترات في بحر الصين الجنوبي، تُركت منطقة الشرق الأوسط لفترة في حالة من الجمود النسبي. لكن هذا الجمود بدأ يتلاشى مع ظهور مؤشرات على إعادة رسم خرائط النفوذ.
وماذا بخصوص توظيف الأزمات المحلية في المنطقة ؟
نجد ان القوى الإقليمية والدولية تحاول استغلال الأزمات المحلية لتحقيق أهدافها. في لبنان، يتم استخدام الأزمة الاقتصادية والسياسية كأداة للضغط على الأطراف المختلفة لتقديم تنازلات. وفي سوريا، يتم توظيف الصراع بين الجماعات المسلحة والدولة السورية لتحقيق مكاسب استراتيجية، سواء عبر السيطرة على الأراضي أو ضمان التأثير في أي تسوية سياسية مستقبلية.
قد يكون التوقيت مرتبطًا أيضًا بتوترات إقليمية أوسع، مثل التصعيد بين إيران وإسرائيل أو التحركات التركية في شرق البحر المتوسط. هذه الملفات تفرض نفسها كعوامل ضغط إضافية تسهم في تسريع القرارات العسكرية والسياسية في المنطقة.
دور القوى الإقليمية
تركيا
تلعب تركيا دورًا محوريًا في شمال غرب سوريا. فإلى جانب أهدافها الأمنية، تسعى أنقرة لتعزيز نفوذها الإقليمي من خلال دعم الفصائل المعارضة للنظام السوري. كما أنها تستخدم قضية اللاجئين كورقة ضغط على الاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي. بالإضافة إلى ذلك، تستغل تركيا الفراغ الذي تتركه الولايات المتحدة في بعض مناطق الصراع لتعزيز وجودها وتأمين مصالحها.
إيران
تمثل إيران لاعبًا رئيسيًا آخر في المنطقة، حيث تسعى لتعزيز نفوذها عبر دعم النظام السوري وحزب الله في لبنان. وتعتبر إيران أن وجودها في بلاد الشام ضروري للحفاظ على ممرها الاستراتيجي الممتد من طهران إلى البحر المتوسط. لكن هذا الحضور يواجه تحديات متزايدة من الضغوط الدولية والغارات الإسرائيلية المتكررة.
إسرائيل
لا يمكن إغفال الدور الإسرائيلي في هذه المعادلة. فإسرائيل تراقب التطورات عن كثب، وتسعى لضمان عدم تعاظم نفوذ إيران وحزب الله في سوريا ولبنان. وقد شنت إسرائيل العديد من الغارات الجوية في سوريا مستهدفة مواقع يُعتقد أنها تابعة لإيران. وتستفيد إسرائيل من دعم الولايات المتحدة لضمان تفوقها العسكري في المنطقة.
دور القوى الدولية
الولايات المتحدة
تعتبر الولايات المتحدة الفاعل الرئيسي في تحديد ملامح السياسة الدولية في بلاد الشام. ورغم تقليص وجودها العسكري في سوريا، إلا أنها تواصل دعم قوات سوريا الديمقراطية (قسد) كشريك أساسي في محاربة الإرهاب، وفي الوقت نفسه تعمل على كبح النفوذ الإيراني والروسي. كما تستخدم واشنطن العقوبات الاقتصادية كأداة ضغط على الدولة السورية وحلفائها.
روسيا
روسيا، من جانبها، ترى في سوريا محطة رئيسية لتعزيز نفوذها في الشرق الأوسط. ومن خلال دعم الدولة السورية ، تسعى موسكو إلى تأمين قواعدها العسكرية على البحر المتوسط وضمان دورها كلاعب أساسي في أي تسوية سياسية مستقبلية. وتُظهر التحركات الروسية الأخيرة في إدلب رغبتها في استكمال الهيمنة على المشهد السوري.
الصين
رغم أن الصين ليست لاعبًا مباشرًا في الصراعات العسكرية، إلا أنها تسعى لتعزيز نفوذها الاقتصادي في المنطقة من خلال مبادرة الحزام والطريق. وتراقب بكين عن كثب التحولات في بلاد الشام لضمان حماية مصالحها المستقبلية.
نعود الان لاستعراض التداعيات على المنطقة والتي تكون من خلال استنزاف الموارد وتصاعد الصراعات من اجل استنزاف الموارد الاقتصادية والبشرية لدول المنطقة. فالاقتصادات المحلية في حالة تدهور مستمر، مما يزيد من معدلات الفقر والبطالة، ويعمق الأزمات الاجتماعية. بالإضافة إلى ذلك، تساهم العقوبات الاقتصادية في تعقيد الوضع، كما هو الحال في سوريا ولبنان.
اما بخصوص استمرار النزوح فنجد ان أزمة النزوح الداخلي واللجوء بسبب الصراعات في سوريا ولبنان يفرض تحديات إضافية على الدول المضيفة مثل تركيا والأردن ولبنان، ويزيد من الضغوط على المنظمات الإنسانية التي تعمل في ظل ظروف صعبة.
اما بالنسبة لتصاعد التوترات الطائفية في منطقة بلاد الشام فحدة هذه النزاعات وشدتها قد يؤدي الى تدخل اكبر للقوى الإقليمية والدولية وإلى تأجيج التوترات الطائفية والعرقية، مما يهدد النسيج الاجتماعي في دول المنطقة برمتها وكما تسهم هذه التوترات في تعقيد جهود المصالحة وإطالة أمد الصراعات.
اما بخصوص تفاقم الفراغ الأمني فإلى جانب الأضرار الاقتصادية والاجتماعية، سوف يؤدي تراجع سيطرة الدول المركزية إلى تفاقم الفراغ الأمني. وهذا سيسمح بشكل او باخر بظهور جماعات متطرفة جديدة أو إعادة تنظيم الجماعات القديمة، مما يهدد الأمن الإقليمي والدولي.
لقد اصبح ومن المؤكد ومن دون ادنى شك بأن التحركات الأخيرة في بلاد الشام تشير بوضوح إلى أن المنطقة أصبحت ساحة مفتوحة للعب القوى الإقليمية والدولية. ورغم كل المحاولات المستمرة لتحقيق الاستقرار، إلا أن المصالح المتضاربة تجعل من الصعب الوصول إلى حلول دائمة. ومع استمرار هذه الديناميكيات، يبقى السؤال: إلى أي مدى يمكن لهذه الصراعات أن تستمر قبل أن تؤدي إلى تغييرات جذرية في خريطة المنطقة؟
و يمكن ان نرى في الأيام القادمة القلية اخبار حروب سوف تحمل الكثير والكثير من الأحداث التي لايمكن لسكان هذه المنطقة ان يتخيلوها او يتوقعوها وفي ان تحصل على وقتهم .
ولاندري ولكن اصبحنا شبه متأكدين من ان الخارطة الجديدة للشرق الأوسط الجديد وبالأخص الخارطة الجديدة لبلاد الشام قد اصبحت شبه جاهزة لظهورها وتطبيقها على ارض الواقع الجديد والحتمي لما بعد اتفاقية سايكس بيكو ،ولاندري تحت اي من الأسماء الدولية الجديدة الدولية سوف تنضوي …!!!
بوابة الشرق الأوسط الجديدة