الاستقلالية الشخصية هي قيام الزوجين بتقرير مصير حياتهما وتصرفاتهما، واتخاذ كل القرارات المرتبطة بحياتهما بشكل مستقل دون الحاجة إلى المساعدة أو تدخل أطراف خارجية، أو الأطراف المحيطة سواء من أهل الزوج أو الزوجة بمعنى أن يستقل الزوجان ببعضهما البعض بمساحة معينة، لكي يشعر كل منهما بحريته، واستقلاليته.
الاستقلالية الشخصية تكون في القرار والمرجعية
تقول استشاري العلاقات الأسرية والإنسانية رانيا المعداوي لسيدتي: الحياة الزوجية مبنية على المشاركة والمساحات المشتركة والتلاقي ، وتبادل الرأي والاستماع للرأي الآخر، إلا أن هذا لا يعني ذوبان المسافات بشكل كامل بين الزوجين فلا بد من وجود مساحة خاصة من الاستقلالية والحرية تُحترم بين الشريكين، وتحافظ على تجديد وتطوير العلاقة بينهما، والاستقلالية الشخصية عامة تكون في القرار والمرجعية، فمن الطبيعي أن يتشارك الزوجان معاً في كل أمور الحياة واتخاذ القرارات، في حياتهما اليومية المشتركة بشكل عام، ومن ثمّ فإن الزوجين لا يجب أن يسمحا للآخرين بالتدخل في حياتهما، فالشريكان معاً يكونان أقوى في مواجهة كل التحديات والعقبات، وتماسكهما وترابطهما يعزز تطور علاقتهما، ويكرس لنموها لكي تصبح أقوى أمام المشاكل الحياتية، وليس من حق أي طرف خارجي أن ينصب نفسه وصياً على الزوجين طالما كانا في بيت الزوجية، والاستقلالية بشكل عام تكون في الحرية والقدرة على التفكير والتصرف فيما يريده الشخص دون أن يكون مقيداً، والاستقلالية في الحياة الزوجية هي ترك كل طرف من الأطراف الحرية، وبعض المساحة للطرف الآخر.
طرق تساهم في الحفاظ على الاستقلالية في الزواج
لاشك أنّ القيام برياضة تحبّونها أو هواية تفضّلونها كفيل بتحسين مزاجكم، ويعتبر ذلك من أحد أهم المبادئ في العلاقة الصحية السليمة، وهي حرية مواصلة الهوايات التي كانت تُمارس قبل الزواج، وبالإمكان القيام بذلك معاً، وعندما يكون للزوجين هواياتهما الخاصة ضمن العلاقة فذلك قد يجعلهما مخلصين لبعضهما، ويعتبر ذلك بمثابة التوابل التي تعطي القليل من الحرية، والتعبير عن الذات لكل واحد منهما، وهذا هام جداً لتعزيز الاحترام المتبادل، وإذا لم تكن لدى الشريكين أي من الهوايات الخاصة، فلابد من تطوير هوايات لهما، ليس فقط لتنمية أنفسهم، بل ليكونوا نشطاء أكثر في عين الطرف الآخر.
تقبل رأي الآخر
الزوجان هما كيانان منفصلان انضما سوياً لتحقيق هدف مشترك هو السعادة الزوجية، وقبول الآخر على ما هو عليه يؤدّي إلى زواج ناجح مبني على الثقة والاحترام، في حين أن رفضه أو محاولة تعديله ليصبح نسخة عن شريكه، بالتأكيد سيؤدّي إلى إحداث شرخٍ في العلاقة، والاستقلالية الشخصية تكرس للاختلاف في الآراء والطباع وهذا أمر طبيعي، ولا يمنع الطرفين من التوصّل إلى أرضيّة مشتركة، من خلال تقديم بعض التنازلات أو تعديل سلوكيّات واتجاهات تعوقهما عن التفاهم والتلاقي، والتقبل لرأي الآخر سوف يتيح ذلك إجراء محادثات عميقة ومناقشات حول القضايا التي يختلفون بشأنها، ويجعل كل طرف يشعر بحرية التمسك بأفكاره.
وضع حدود وتوقعات واضحة
يجب التواصل بصراحة ووضوح مع الشريك طوال الوقت، والتحدث عن الاحتياجات والرغبات الفردية، للحفاظ على توازن صحي في هذه العلاقة، مع وضع حدود واضحة للاستقلالية الشخصية؛ مما يؤدي للشعور بالراحة والتفاهم، وتوضح احترام استقلال كل منهما، فمثلاً إن كان أحد الشريكين يجتمع مع الأصدقاء لممارسة أي هواية أو نشاط ما في نهاية الأسبوع، فلابد أن يداوم على الاستمرار في ذلك، وهذا الأمر يُعدّ فرصة ممتازة للطرف الآخر كي يمارس هواياته أيضاً، فذلك قد يجعلهما مخلصين للأنا الذاتية دون الإضرار بالسعادة الزوجية، وهذا يجعلهم سعداء.
لا تفرطوا في أصدقائكم
عليكم أن تفهموا جيداً، أنكم لستم مجبرين على التواجد في كل مكان مع الشريك، لذلك لابد من عدم التفريط في الأصدقاء القدامى، فلقاء أصدقاء الطفولة أو الصبا أو حتى الجامعة يعطي الشعور بالألفة، بل لابد من منح بعضكم الفرصة للقاء الأصدقاء والأحباء من أجل الضحك والتذكر والشعور بالألفة والإحساس بالذات.
منح بعض الحرية للشريك
الحرية في العلاقة وإتاحة المساحة للآخر تسمحان بتكوين بيئة صحية لمشاعر قوية، وأكثر عمقاً من دون إلغاء كيان الشريك بحجة الحب والقلق عليه، فالحب خيار مشترك وليس فردياً، فلا داعي لإلقاء الأسئلة للطرف الآخر التي تنم على عدم الثقة بالذات وعدم الثقة بالشريك الآخر.
التعود بالانفراد في بعض الأمور
من المهم أن الاعتياد على التواجد في بعض الأماكن للطرفين كل طرف بمفرده من دون الطرف الآخر، مثلاً عند التسوق، أو عند شراء بعض المستلزمات، فهذا يرسل رسالة للطرف الآخر بعدم التبعية والاستقلالية شعورياً وجسدياً، وهذا ضروري لخلق السعادة الزوجية وعلاقة زوجية آمنة.
تقدير الوقت الخاص بهما معاً
لاشك أن بعض الغياب في الحياة الزوجية يساهم في إبقاء نار الحب مشتعلة، فيبقى المحبوب ساكناً في أعماق القلب ويتجلى بمظهر آخر فيحفز على الاشتياق للشريك، ويزيد الشغف لأنه يجعل القلب أكثر ولعاً به، ويجعل العقل أكثر تفكيراً، ويجعل العلاقة تكون في تجدد دائم، وهو فرصة للتأكد من مكانة الزوج في القلب ويسلط الضوء على طبيعة العلاقة، وإذا كان يملك كل طرف جانباً من الاستقلالية والحرية، عندها يتقبل الطرفان التجربة برحابة صدر تامة لأن الابتعاد قليلاً يسمح أحياناً بتقييم العلاقة مجدداً وتعميق معرفة الشريك، بعيداً عن الرتابة والروتين.
طلب الدعم الخارجي
بالنهاية إذا شعر أي من الطرفين بصعوبة الحصول على حريته واستقلاليته، فلا بد أن يفكر في طلب التوجيه من معالج أو استشاري علاقات أسرية، لتقديم المساعدة والعون في التغلب على تحديات الحفاظ على الاستقلال في العلاقة الزوجية.
مجلة سيدتي