كيف نجحت إيران في تسجيل نقاط في مفاوضات فيينا؟
يرى عدد من الخبراء أن إيران نجحت إلى حدّ ما في تسجيل نقاط خلال المفاوضات النووية غير المباشرة مع الولايات المتحدة والرامية إلى إعادة إحياء الاتفاق النووي للعام 2015 الذي انسحب منه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في مايو/ايار 2018 وأعاد مع الانسحاب فرض عقوبات قاسية على الجمهورية الإسلامية.
وبحسب هؤلاء فإن أهم النقط التي سجلتها طهران هي نجاحها في إدراج رفع العقوبات كأولوية في الوثائق التي ستشكل أساس المناقشات في الجولة المقبلة للمفاوضات حول الملف النووي في فيينا.
وبعد توقف دام خمسة أشهر، استؤنفت المفاوضات لإنقاذ الاتفاق النووي الإيراني الدولي في 2015 في نهاية نوفمبر/تشرين الثاني. ويهدف أحد رهانات المحادثات إلى إعادة الولايات المتحدة إلى الاتفاق الذي انسحبت منه في 2018 لتعيد بعدها فرض عقوبات على طهران.
ويعتقد الخبراء أنه عبر الاعتماد على حلفائها الروس والصينيين وتكرار مواقفها والتخلي في اللحظة الأخيرة في “بادرة حسن نية”، عن الورقة الرابحة التي كانت في جعبتها – استبدال كاميرات المراقبة في موقع نووي – نجحت طهران في تحريك الوضع.
وقال الخبير الإيراني في الشؤون السياسية حسين كناني مقدم إنه في ختام الجلسة الأخيرة للمناقشات “هناك نصان: أحدهما بشأن العقوبات والآخر حول الأنشطة النووية. هذه خطوة مهمة بالفعل لأنه مع انسحاب الولايات المتحدة والعقوبات التي فرضتها كان الاتفاق متوقفا عمليا”، مضيفا “الآن يمكننا القول إن الشروط الأولية توفرت لعودة الأميركيين إلى الاتفاقية”.
واختتم دبلوماسيون كبار من فرنسا وألمانيا وبريطانيا (إي3) خلال اجتماع مع نظرائهم الإيرانيين والصين والروس، جلسة المفاوضات السابعة الجمعة بعد أيام من المناقشات “الشاقة والمكثفة” بحسب طهران. ولم يحددوا موعدا جديدا، على أمل أن يجتمعوا مرة أخرى قبل بداية العام الجديد.
وقال دبلوماسيون من الدول الأوروبية المشاركة إن “جميع شركاء إيران الآخرين مستعدون لمواصلة المناقشات”، داعين الإيرانيين إلى “استئنافها بسرعة”.
من جهتها أكدت الخارجية الإيرانية على لسان الناطق باسمها سعيد خطيب زاده أن التوقف تقرر بموافقة كل الأطراف، مضيفا أن جميع “الأطراف اتفقوا على نصين جديدين”، موضحا أن “وجهات نظر إيران أخذت في الاعتبار وعلى أساسها يمكننا مواصلة المناقشات”.
وقدم كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري المحافظ المتشدد النصين على أنهما “نقاط إضافية” على ما تم التفاوض عليه من قبل أسلافه الإصلاحيين، في اتفاقية 2015.
وكان قد أصر على إدراج “الرفع الكامل للعقوبات الجائرة وغير الإنسانية” المفروضة على إيران، كأولوية، فيما أثارت هذه الطريقة في تعديل النص إلى حد كبير غضب المفاوضين الأوروبيين والأميركيين الذين هددوا مرارا وتكرارا من دون تنفيذ وعيدهم، بالانسحاب من المناقشات ولوحوا بالخيار العسكري الذي تريده إسرائيل بشدة.
ويرى الخبير الفرنسي في الشؤون الإيرانية برنار هوركاد أن المفاوضين الإيرانيين “نجحوا خلال هذه الجولة في إقناع محاوريهم بضرورة تسوية العقوبات كأولوية لأن ذلك سيمهد الطريق لتسوية تقنية للشق النووي”.
وأكدت السلطات الإيرانية باستمرار أنها تحترم اتفاقية فيينا وأنها ترى أنه “يعود إلى الولايات المتحدة أمر إصلاح الضرر”، كما يرى مؤلف كتاب “الجيوسياسية الإيرانية”.
وأضاف هذا الباحث أن “إيران تدرك أن ميزان القوى يميل لمصلحتها لأنها الآن بلد عتبة، أي قادرة خلال فترة قصيرة، مثل ثلاثين دولة أخرى في العالم، على تصنيع قنبلة ذرية إذا أرادت ذلك. يمكنها تخصيب اليورانيوم عندما تشاء”. وفي الوقت نفسه تأمل طهران في الحصول على نتائج.
وقال حسين كناني مقدم “يبدو أن الجمهورية الإسلامية تريد التوصل إلى نتيجة نهائية، سواء كانت الانسحاب النهائي أو العضوية الكاملة في خطة العمل الشاملة المشتركة. وفي كل الأحوال الهدف هو الخروج من هذا الوضع غير الواضح”.
وأضاف أنه لجعل الاتفاق المقبل دائما “في مواجهة إسرائيل التي تمتلك كما يعتقد بين ثمانين و300 رأس نووية، يجب على مجموعة 5+1 (فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة والصين وروسيا وألمانيا) حماية إيران التي لا تمتلك أيا منها، وإلا يمكن أن ينهار الاتفاق في أي لحظة”.
ومن المقرر أن يصل مستشار الأمن القومي الأميركي جيك ساليفان إلى إسرائيل الثلاثاء في زيارة ستتركز حسب مسؤولي البيت الأبيض، على المحادثات النووية.