كيف هزمت “مُسيّرات” حزب الله “البدائيّة” القبب الحديديّة والطّائرات الإسرائيليّة المُتطوّرة؟
عندما كشَف السيّد حسن نصر الله أمين عام حزب الله في خِطابه الذي ألقاه مساء الأربعاء بمُناسبة ذكرى الشّهداء، إن المُقاومة الإسلاميّة باتت تملك الآلاف من الصّواريخ الباليستيّة “الدّقيقة” والمِئات من الطّائرات المُسيّرة “المُتقدّمة”، يتم إنتاجها محليًّا ومن خِلال “عُقول جبّارة” وخُبراء “أكفّاء”، لم يعر الإسرائيليّون هذا الكشف ما يستحقّه من اهتِمام، وركّز مُحلّلوهم وجِنرالاتهم على الفيديو الذي بثّه الإعلام العسكري للحزب عن الوَحدات الخاصّة المُختصّة بالقِتال فوق الثلوج، باعتِبارها “السِّر” الأحدث، وتعكس قُدرات لا تمتلكها إلا القِوى العُظمى.
الأمر المُؤكّد أن السيّد نصر الله كان يعلم جيّدًا أن الجناح العسكري التّابع لحزب الله، كان بصدد إطلاق طائرة “حسان” المُسيّرة التي انطلقت اليوم الجمعة من جنوب لبنان، في مهمّة استطلاعيّة ناجحة لمُدّة 40 دقيقة فوق الأجواء الفلسطينيّة المُحتلّة غطّت مِساحة قَدرها 70 كيلومترًا، وعادت إلى قواعدها سالمةً، الأمر الذي سيُربك كُل الخُبراء والمُحلّلين الإسرائيليين، ويفتح فصلًا جديدًا في الصّراع العربي الإسرائيلي ومآلاته.
***
لا شك أن بيان المُقاومة اللبنانيّة “الدّقيق” حول هذه المُسيّرة الذي يُؤكّد مجددًا أن هذه المُقاومة تقول الحقيقة دائمًا، ولا تميل إلى التّضليل، أو المُبالغة، على درجةٍ كبيرةٍ من الأهميّة، ولكن ما يجعله أكثر أهميّةً، اعتِراف الجِنرال أفيخاي أدرعي المُتحدّث باسم الجيش الإسرائيلي في تغريدةٍ على حِسابه على “تويتر” “أن الطّائرة تمّ رصدها، واستِدعاء مروحيّات وطائرات حربيّة، وإطلاق صاروخ (إن لم يكن أكثر) من القبّة الحديديّة دون تمكّنه من اعتِراضها، وأن صفّارات الإنذار انطلقت وقال “إن الطائرة تمكّنت، بعد دقائق معدودة، من العودة إلى الأجواء اللبنانيّة”.
اللّافت أن هذا الاختِراق العسكري الكبير لهذه الطائرة المُسيّرة، جاء بعد يوم من إعلان المُتحدّث العسكري الإسرائيلي بالتصدّي لطائرتين مُسيّرتين، انطلقت الأولى من جنوب لبنان، والثّانية من قطاع غزّة، ممّا يعني أننا ننتقل حاليًّا إلى مرحلة الطّائرات المُسيّرة المُتطوّرة جدًّا، التي اخترقت أو ستخترق أجواء فلسطين المحتلة من الشّمال والجنوب معًا”، الأمر الذي سيحدث صدمة نفسيّة عالية في نُفوس المُستوطنين الإسرائيليين وقِياداتهم، ويفقدهم الثّقة بجيشهم، الذين يُعانون من القلق والرّعب أساسًا، وباتت أعداد كبيرة منهم تحزم حقائبها، وتهرب إلى أوروبا وأمريكا وكندا بحثًا عن ملاذاتٍ آمنة، باعتراف الصّحافة الإسرائيليّة نفسها.
أن تخترق طائرة استِطلاع “صغيرة” لم تُكلّف إلا بضعة مِئات من الدّولارات “الأجواء الإسرائيليّة” وتفشل طائرات حربيّة ومروحيّات أمريكية الصُّنع، وصواريخ القبّة الحديديّة كلّفت الملايين من الدّولارات في إسقاطها، فهذا إنجازٌ عظيمٌ جدًّا لحركة المُقاومة الإسلاميّة اللبنانيّة يُنبئ بمُستقبلٍ قاتم لدولة الاحتِلال ومُستوطنيها.
هذه المُسيّرة “حسان” جاءت تُذكّرنا بالطّير الأبابيل”، وتُقاتل إلى جانب المُؤمنين مع الفارق الكبير في المُقارنة، وتطير في أجواء العدوّ بكُل ثقة واقتِدار لأكثر من 40 دقيقة، وتلتقط آلاف الصّور للقواعد العسكريّة للعدوّ على الجبهة الشماليّة، وتعود إلى قواعدها سالمة، وبهذه “الغلّة” المعلوماتيّة الهائلة التي لا تُقدّر بثمن.
صواريخ المُقاومة من نوع “كورنيت” دمّرت أُسطورة الدبّابة “الميركافا” في حرب تمّوز عام 2006 وحرب غزّة عام 2014، وها هِي المُسيّرات، بعد الصّواريخ الباليستيّة، من الجنوبين اللبناني والفِلسطيني، “تُجهِز” على سُمعة القبب الحديديّة وتفضح كفاءتها المزعومة، وتعكس في الوقت نفسه القُدرات الإنتاجيّة الذاتيّة لمحور المُقاومة وفصائله.
***
أور هيلر مُعلّق الشّؤون العسكريّة في “القناة 13” الإسرائيليّة قال اليوم بالحرف الواحد “هذه الطّائرة المُسيّرة أكّدت فشلًا جديدًا لمنظومة القبب الحديديّة في الشّمال، يطرح الكثير من الأسئلة الصّعبة”.
أتمنّى أن تكون بعض الحُكومات الخليجيّة التي تتسابق لشِراء هذه القبب مُقابل المِليارات من الدّولارات، اعتقادًا منها أنها تُوفّر لها الحِماية والأمان، أن تكون قد تابعت تفاصيل هذا الفشل الإسرائيلي أمام مُسيّرات المُقاومة سواءً “اللبنانيّة” أو “الفِلسطينيّة”، ومن المؤكّد أن “شقيقاتها” في اليمن تملك القُدرات الاحترافيّة والقتاليّة نفسها، إن لم تكن أكثر تطوّرًا، فالأبُ واحد.. واللُه أعلم.
صحيفة رأي اليوم الألكترونية