لأوّل مرّةٍ في تاريخها: إسرائيل تدخل “حرب” كورونا وحيدةً وضدّ عدوٍّ ليس معروفًا وتوتّرٌ كبيرٌ بين الجيش ووزارة الصحّة حول إدارة المُواجهة: “لسنا جيشًا يملك دولةً”
يؤكّد جميع المُراقبين السياسيين في كيان الاحتلال الإسرائيليّ أنّ مُواجهة جائحة “كورونا” التي ضربت الدولة العبريّة أيضًا، ستؤدّي في نهاية المطاف إلى تشكيل لجنة تحقيقٍ رسميّةٍ لفحص الفشل والإخفاقات التي ميّزت التعامل مع هذا الوباء من قبل دوائر صُنع القرار بالكيان، وتحديدًا الكشف عن النواقص الكثيرة التي يُعاني منها الجهاز الطبيّ في إسرائيل من جميع النواحي، وفي هذه الأيّام ارتفعت حدّة التوتّر حول معالجة الـ”كورونا” بين وزارة الصحّة الإسرائيليّة وبين جيش الاحتلال الإسرائيليّ، الذي يزعم أنّه هو الجهة الوحيدة القادِرة على “إدارة” المعركة ضدّ تفشّي الوباء، وفي خطوةٍ غيرُ مسبوقةٍ، خرجت وزارة الصحّة في تل أبيب بتصريحٍ لافتٍ للغاية حيث قالت إنّ إسرائيل هي دولة تملك جيشًا، وليس جيشًا يملك دولةً، على حدّ تعبير الوزارة، التي دخلت عمليًا في مُواجهةٍ مُباشرةٍ مع البقرة المقدسّة في الكيان، أيْ جيش الاحتلال الإسرائيليّ.
وبطبيعة الحال تجدّد السجال داخل الحكومة الإسرائيليّة بين رئيسها بنيامين نتنياهو ووزير الأمن، العنصريّ-المُتطرَّف، نفتالي بنيت، على خلفية من الأحقّ بالإشراف على مهمّة مكافحة انتشار فيروس الـ”كورونا”،وبحسب المصادر المطلعّة على سير الأحداث في دوائر صنع القرار، فإنّ رئيس حكومة تسيير الأعمال نتنياهو وافق على تقسيم المسؤوليات عن علاج تفشّي وباء الـ”كورونا” لعملمه، لا بل يقينه، بأنّه بعد أنْ تنهي الأزمة ستُشكّل لجنة تحقيق رسميّة، وستُوجِّه الاتهامات له، لذا فإنّ خطّ الدفاع الرئيسيّ الذي قرر نتنياهو تبنّيه هو المسؤولية المُشتركة، لكي لا يبقى المتهّم الوحيد في الـ”جرم”، كما أكّدت المصادر.
وبحسب المصادر السياسيّة واسعة الاطلاع في تل أبيب فإنّه في الوقت الذي يُنظر إلى ذلك كـ “أزمة ائتلافية عادية”، إلّا أنّ المراقبين ينظرون لذلك كـ “انشقاق جديد” في معسكر اليمين الإسرائيليّ، ذلك أنّ نتنياهو يرأس حزب “الليكود”، وبنيت تحالف “يمينا”، وهما يُشكّلان سويًا العمود الفقري لمعسكر اليمين الإسرائيلي، وفق ما ذكرت قناة i24NEWS في كيان الاحتلال الإسرائيليّ.
وتابعت المصادر الرفيعة عينها قائلةً إنّ مُقرّبين من نتنياهو هاجموا بنيت بشدّةٍ، بعد انتقادات وجّهها الأخير على خلفية إدارته لأزمة “كورونا”، وقالوا أنّه من المتوقع أنْ يتصرف الوزراء نتنياهو بشكلٍ مسؤولٍ في حالات الطوارئ، وأنْ يعالجوا مواضيع إدارة الأزمة عبر المناقشات الدائرة في الحكومة، وليس في وسائل الإعلام، كما أكّدت المصادر ذاتها.
وصرّحت مصادر إسرائيليّة، وُصِفت بأنّها رفيعة المُستوى، صرّحت بحسب ما نقلت القناة الإسرائيليّة i24NEWS بأنّه من المناسب أنْ يتولّى وزير الأمن (الحرب) المهام التي كلّفه بها نتنياهو والتي لم يقم بها بعد، بدلًا من التورّط المستمر في الهجمات الإعلامية ضدّه وضدّ الحكومة التي هو عضو فيها، طبقًا لما قالت المصادر.
في المقابل، كرّر بنيت هجومه على سياسة وزارة الصحة الإسرائيليّة الجارية، وحثّ على تكليف أجهزة الأمن بإدارة مكافحة أزمة كورونا، قائلًا إنّ التأخير في إنشاء هيئة فحوصات هو الذي يؤدي إلى الحظر الكليّ، كما يُلحق أضرارًا جسيمة بالاقتصاد الإسرائيليّ، وسبل عيش الملايين من العاملين وأصحاب المصالح في القطاع الخاص، على حدّ تعبيره.
وتابع الوزير المُتطرّف بعد أنْ اجتاز عدد العاطلين عن العمل في الكيان المليون، تابع قائلاً إنّه يجب أنْ ننتقل من سياسة المطرقة إلى سياسة الملقط، يجب إعطاء الجيش الإسرائيليّ ووزارة الأمن (الحرب) المسؤولية الفورية عن إجراء الفحوصات للكشف عن وباء الـ”كورونا”، عندها فقط سنكون قادرين على تسريع وتيرة الفحوصات بسرعةٍ، وحصر الـ”كورونا” دون الحاجة إلى فرض الحظر الكليّ، وتكبيد الميزانية خسائر جسيمة، على حدّ قوله.
صحيفة رأي اليوم الألكترونية