لافروف يهاجم الوجود العسكري الأميركي: «التحالف» يصل أطراف دير الزور الشمالية
تتجه المعارك في محافظة دير الزور إلى واقع جديد، يتضمن فصل معارك ريفيها الشرقي عن الغربي. عزلُ تنظيم «داعش» في الريف الغربي الممتد إلى جنوبي الرقة، بدا أحد أبرز أهداف التحرك الأول لعملية «عاصفة الجزيرة» المدعومة من واشنطن، والذي وصل إلى مسافة قريبة من ضفة الفرات الشمالية قبالة أحياء دير الزور. وفي المقابل، توسّع «الشريان» الذي كسر حصار دير الزور على مسافة واسعة تمتد من جبل الثردة حتى أطراف «اللواء 137». واستقبل أمس دفعة جديدة من التعزيزات العسكرية القادمة من السخنة، سوف تنضم إلى القوات المتمركزة في المدينة والمطار، لتحرير الأحياء التي ما زال يسيطر عليها «داعش»، وباقي أرياف المحافظة.
عمليات الجيش أمس انحصرت في تثبيت النقاط التي حررها أخيراً، بالتوازي مع استهدافات مدفعية وجوية لخطوط «داعش» وتحصيناته في محيط الثردة جنوب المطار، وفي محيط عيّاش والبغيلية على المدخل الغربي للمدينة. وبالتوازي، وصلت المدينة دفعة جديدة من المساعدات الغذائية عبر مدخل الشولا ــ البانوراما، بعد انتهاء وحدات الهندسة من تفكيك الألغام المزروعة في محيطه. وبعد أنباء عديدة عن استهداف قوات «التحالف الدولي» للجيش السوري في محيط دير الزور الشرقي، خرج المتحدث باسم «التحالف»، ريان ديلون، لينفي تلك الأنباء، مشدداً على أن مهمة «التحالف» واضحة وتنحصر في محاربة «داعش».
وعلى الضفة الشمالية، تابعت «قوات سوريا الديموقراطية» تقدمها في محيط المنطقة الصناعية، ووصلت إلى «اللواء 113 ــ دفاع جوي»، لتكون على بعد 6 كيلومترات فقط من ضفة الفرات المقابلة لأحياء دير الزور. وشهد أمس هجوماً مضاداً للتنظيم على الطرف الشرقي للمدينة الصناعية في محيط «دوار الـ10 كيلومتر» على الطريق الرئيسي بين دير الزور والحسكة. ومن المتوقع أن تستكمل «قسد» تحركها نحو أطراف المدينة بشكل سريع، لتتمكن بذلك من إتمام عزل تنظيم «داعش» في ريف المحافظة الغربي، والذي يضم تجمعات مهمة للتنظيم، أبرزها معدان والتبني.
ومن شأن وصول «قسد» إلى الضفة المقابلة للمدينة أن تغلق المجال أمام انسحاب عناصر «داعش» من الأحياء التي يسيطر عليها، عبر الفرات، بمجرد انطلاق عمليات الجيش السوري للسيطرة عليها. وهو ما قد يضع العمليات في المدينة أمام احتمالين، الأول هو حصار «داعش» بين الجيش و«قسد» بشكل كامل، وهذا يتطلب سيطرة الجيش على حويجة صكر أو الجفرة شمال المطار. والثاني، هو ترك المجال أمام «داعش» للانسحاب نحو الريف الشرقي، لتجنّب معارك طويلة ومكلفة عسكرياً داخل المدينة.
وعلى جبهة أخرى، ضيّق الجيش الخناق على «داعش» في الجيب المحاصر في ريفي حمص وحماة الشرقيين، ونشّط عملياته في شمال وغرب جبل البلعاس، ليقترب من إنهاء وجود التنظيم في القرى الواقعة إلى الشرق من جب الجراح. كذلك في الجنوب، تابع الجيش تقدمه على طول الحدود مع الأردن، ووصل أمس إلى مخيم الحدلات الذي تم إخلاؤه قبل نحو أسبوع من قبل «فصائل البادية»، بعد نقل المدنيين منه إلى مخيم الرقبان.
ويترافق تحرك الجيش على هذا المحور مع حراك روسي ــ أردني مشترك، يهدف إلى ضم تلك المنطقة الحدودية وصولاً إلى التنف ضمن مناطق «تخفيف التصعيد». ورغم المعلومات غير الرسمية المتكررة عن اتفاقات خاصة بالمنطقة، لم يخرج أي تصريح رسمي حول تلك المنطقة، على الرغم من حديث وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس من عمّان، عن تعاون بلاده المستمر مع الأردن لضمان تعزيز منطقة «تخفيف التصعيد» في درعا والقنيطرة.
وخرج لافروف أمس بمواقف لافتة أدان فيها أيّ وجود أجنبي مسلح على الأراضي وفي الأجواء السورية من دون موافقة الحكومة السورية، باعتباره خرقاً للقوانين الدولية. الرؤية الروسية لاقتها تصريحات أردنية من قبل وزير الخارجية أيمن الصفدي، الذي أكد حرص بلاده على «إنهاء وجود التنظيمات الإرهابية والميليشيات الطائفية على الحدود الشمالية». غير أن الضيف الروسي أكد في المقابل بعبارات واضحة أن «وجود القوات الروسية هو بدعوة رسمية من السلطات السورية، وكذلك وجود ممثلي إيران وحزب الله… ونحن نتعاون في هذا الإطار حصراً لضرب الإرهاب والتقدم نحو الحل السياسي».
الانتقاد الروسي توجه بشكل رئيس إلى الجانب الأميركي، إذ رأى لافروف أنه «يوجد على الأرض السورية أطراف لم توجه لها الدعوة، ولديها أسلحة وإمكانيات عسكرية كالولايات المتحدة»، لافتاً إلى أن بلاده «وجدت في مرحلة ما أنه يمكن التعاون مع الأميركيين في مكافحة الإرهاب ــ في زمن إدارة باراك أوباما السابقة ــ لكن الخطط التي وضعت ولقيت موافقة القيادة السورية، لم تدخل إطار التنفيذ، لأن الولايات المتحدة لم يكن لديها الشجاعة أو الرغبة في إبعاد تنظيم «جبهة النصرة» الإرهابي عن المعارضة». وأشار إلى أن هناك الكثيرين من أعضاء «التحالف الأميركي» يحاولون «الحفاظ على «النصرة» وإخراجها من تحت الضربات العسكرية». وأعرب عن ثقة بلاده بأن «السعودية عازمة على حل الأزمة السورية، وهذا ما تأكد في بداية (عملية أستانا)… حينها تلقّينا تأكيداً من السعودية على أنها تدعم هذه الصيغة، وهي مستعدة للتعاون في خلق مناطق «تخفيف التصعيد» والوفاء بالتزامات أخرى وضعت في أستانا».
وفي موازاة ذلك، ذكرت وزارة الدفاع الروسية أن وزير الدفاع سيرغي شويغو بعث برسالة إلى المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا، يدعو فيها المجتمع الدولي إلى تعزيز المساعدات للسوريين، معرباً عن قلق بلاده من الوضع الإنساني الخطير لللاجئين في منطقة التنف (على الحدود الأردنية) وعقيربات (ريف حماة الشرقي).
صحيفة الأخبار اللبنانية