تحليلات سياسيةسلايد

لا مؤشرات خروج أميركي من سوريا

أيهم مرعي

تحوّل وجود القوات الأميركي في سوريا، في الأيام الماضية، إلى مادة دسمة لدى عدة وسائل إعلام أميركية، بعد أن تمّ تسريب معلومات عن وجود نية لسحب تلك القوات، قبل أن يتم نفي الأنباء المتداولة في هذا الخصوص، والتشديد على ضرورة البقاء في ذلك البلد، لضمان استمرار العمليات العسكرية ضد «داعش»، والحفاظ على التوازن في ظل الوجودين الإيراني والروسي هناك.

 

وكان موقع «المونيتور» الأميركي، الذي سرّب معلومات عن الانسحاب، قد أشار في أحد تقاريره، نقلاً عن مسؤولين أميركيين، إلى أن «وزارة الدفاع الأميركية طرحت خطة تهدف إلى إنشاء شراكة بين قوات قسد الكردية، والقوات الحكومية السورية، في سبيل محاربة تنظيم داعش في سوريا»، مبيناً أن «الهدف هو حماية قسد على المدى المتوسط إلى الطويل».

وتحدث الموقع عن «وجود مؤشرات متزايدة إلى انسحاب القوات الأميركية من سوريا»، لافتاً إلى أن الانسحاب «قد يكون حتمياً إن لم يكن وشيكاً». كما نقلت صحيفة «بوليتيكو» عن ثلاثة مسؤولين أميركيين أن «هناك مداولات حول الانسحاب من سوريا».

لكن قناة «CNN» سارعت إلى نفي «صحة كل تلك التقارير الإعلامية»، بحسب ما نقلته عن مسؤول في البيت الأبيض، أكّد أن «إدارة الرئيس جو بايدن لا تفكّر في الانسحاب من سوريا». وعلى أي حال، يبدو أن تصاعد عمليات «المقاومة الإسلامية في العراق»، ضد القواعد الأميركية في كل من سوريا والعراق، وتجاوزها الـ160 استهدافاً في ثلاثة أشهر، والطلب العراقي الرسمي من الأميركيين وضع جدول انسحاب لقواتهم من هذا البلد، يتسبّبان في تحفيز النقاش الأميركي حول الوجود العسكري في كلا البلدَين المذكورين.

يعزز هذا النقاش أيضاً تصاعد الخشية من تحول القوات الأميركية إلى أهداف عسكرية مباشرة للمقاومة براً وجواً في سوريا والعراق، في تكرار لتجربة ما بعد الغزو الأميركي عام 2003.

وكانت قد أعلنت وزارة الخارجية العراقية، رسمياً، «التوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة على صياغة جدول زمني لخروج القوات الأميركية من العراق»، كاشفة أن الجدول يفترض «أن يحدد مدة وجود مستشاري التحالف الدولي، وينص على مباشرة الخفض التدريجي لهؤلاء، وإنهاء المهمة العسكرية للتحالف».

والواقع أن أي انسحاب أميركي شامل من العراق، سيعني بطبيعة الحال انسحاباً من سوريا، بسبب تابعية القوات الموجودة في الأخيرة لنظيرتها في الأول، فضلاً عن عدم وجود أي إمكانية للإمداد من أي دولة مجاورة لسوريا، خاصة في الشرق والشمال، في ظل حالة العداء التركية لـ«قسد»، واستحالة السماح للأميركيين باستخدام الأراضي التركية لتقديم الدعم للقوات الكردية.

على أنه ميدانياً، لا يبدو أن ثمة أي أثر لهذه النقاشات إلى الآن، في ظل مواصلة القوات الأميركية نشاطها في سوريا.

وفي هذا الإطار، نفّذت هذه القوات، أمس، إنزالاً على حي الحصية في بلدة الشحيل في ريف دير الزور الشرقي، قالت وسائل إعلام كردية إنه «استهدف شخصية يعتقد أنها أحد القيادات المسؤولة عن تمويل تنظيم داعش في المنطقة».

ومع ذلك، يبدو أن تصاعد الحديث عن مصير الوجود الأميركي في سوريا، أثار ريبة لدى قيادة «قسد»، التي عاودت انتقاد الولايات المتحدة، على لسان قائدها العام، مظلوم عبدي، الذي أكد أن «الصمت التركي حيال الانتهاكات التركية بحق مناطقنا، يقودنا إلى نتيجة واحدة، أن الأتراك يتصرفون بمباركة أميركية غير معلنة».

لكن مصادر مقربة من «قسد» نفت، في حديث إلى «الأخبار»، علمها بـ«وجود أيّ نوايا للانسحاب الأميركي من سوريا»، مبينة أن «قسد» «تلقت قبل مدة قصيرة تأكيدات بأن الانسحاب ليس ضمن الخطط المطروحة لإدارة الرئيس جو بايدن في سوريا»، مرجّحة «عدم حصوله أثناء ولاية الرئيس بايدن على الأقل».

من جهتها، أكدت صحيفة «حرييت» التركية أنّ «لدى أنقرة اعتقاداً بأنّ واشنطن تميل إلى الانسحاب ليس فقط من سوريا، وإنّما من كل الشرق الأوسط»، فيما رفضت وزارة الدفاع التركية التعليق على أنباء الانسحاب.

وقال المستشار الإعلامي للوزارة، زكي أكتورك، إنه «يجب التعامل مع هذه الأخبار بحذر، علينا انتظار التصريحات الرسمية، ولا يمكننا التعليق من دون الاطلاع على بيان رسمي أو بدء تنفيذ الانسحاب».

بدوره، قال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إن «هذا حدث بالفعل مرة واحدة عندما أعلن الرئيس السابق، دونالد ترامب، عن نية مماثلة»، وأضاف أنّ «المسألة ليست فيما إذا كانت القوات الأميركية ستغادر سوريا أم لا، لأنهم موجودون أساساً بشكل غير قانوني، لكن الأمر متعلق بأن القوى السياسية السورية التي تحتمي بالمظلة والرعاية الأميركيتين، تعتمد على رهان زائف أخلاقياً وسياسياً»، في إشارة إلى «قسد»، لافتاً إلى أن الأخيرة «بدأت حين الانسحاب الأميركي في مدة ولاية ترامب، بطلب المساعدة من روسيا لإقامة اتصالات مع حكومة دمشق، وحين غيرت واشنطن رأيها توقّفت قسد عن المطالبة بالمساعدة، وعادت فوراً إلى جناح الولايات المتحدة».

صحيفة الأخبار اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى