لجنة الاتصال العربية : ما زال مسار التعاون للحل في سوريا فاعلا ومستمرا ..
د . فؤاد شربجي
ردا على من روج أن التطبيع العربي مع سوريا جمد أو انتهى، جاءت نتائج اجتماعات (لجنة الاتصال العربية) في القاهرة لتؤكد ان مسار التعاون العربي مع سوريا لحل أزمتها مستمر بفعالية وأصرار . إصرار عربي وسوري بنفس الوقت. والاصرار تضمن العمل على زيادة الفعالية تصاعدها ، حيث جاء في البيان الختامي الصادر عن أجتماعات القاهرة التأكيد على (تعزيز الدور العربي) في هذا المسار … التعزيز أشد أنواع التصعيد كما هو معروف ..
ويبدو أن المسارعين لإستنتاج أن (التطبيع العربي مع سوريا) جمد أو توقف لا ينتبهون لمدى تعقيد الأزمات المتعددة، و المتراكبة، في القضية السورية. الأمر الذي نبهت له سوريا وتنبهت إليه الدول العربية .وهذا ما أوجب أن تقوم المساعي العربية مع سورية، على (مبدأ التدرج ). التدرج في الحلول العامة . و في حل كل قضية فرعية على حدة لضمان ( الجدوى الأكبر) لهذا المسار. والتدرج يشكل ضمان معالجة أي عقبة تنشأ أثناء المسار، مما يضمن الاستمرار الفاعل بتدرجه و تجاوزه لأي عقبات تظهر . والتدرج ينطبق أيضا على مكافحة تصنيع وتهريب المخدرات وعلى تهيئة الظروف الملائمة لعودة اللاجئين وعلى ابتكار طرق مجدية في إطار الحل السياسي الذي لا يناقض جوهر السيادة الكاملة للقرار السوري. ويبدو ان قرار تفعيل اجتماعات اللجنة الدستورية. يأتي كخطوة على طريق الحل السياسي، ولكنها خطوة تستلزم تنقيتها من أي شوائب تعرقل عملها، كالسعي مثلا إلى (تغيير النظام والحكم) عبر طروحات دستورية لا يمكن للحكومة السورية أن تقبلها. وهذا ما يعرقل مسار عمل اللجنة الدستورية و ما يجعله عقيما . لابد أن العرب يعرفون ذلك جيدا ويعوون لا واقعية مثل هذه الطروحات المعرقلة و المجهضة للحل . وربما سيجهد العرب كي لا تسمم مثل هذه المساعي أعمال اللجنة الدستورية المرتقبة…
إن العرب بقيادة المملكة العربية السعودية اكتشفوا أن مقاطعة سورية و عزلها لا يفيد ولا يجدي. و لا بد انهم أقتنعوا ان مصلحة الأمة العربية تقتضي استعادة سوريا لعافيتها و لدورها الطبيعي بما يتيح لها ممارسة دورها العربي الذي ينعكس إيجابا على الأمن القومي العربي و في مساعي تحقيق الازدهار والتنمية التي تقوم عليها رؤية السعودية 30 20 . كل ذلك يجعل من الضروري إضطلاع العرب بدور قيادي في عملية تسوية الأزمة السورية ومعالجة تبعاتها السياسية والأمنية والإنسانية. و يأمل الشعب السوري أن يستشعر العرب مدى حاجة اشقائهم في سوريا للمساعدة الاقتصادية العاجلة خاصة وأن مثل هذا العون الاقتصادي ، إن جاء مجدية و فاعلة و سيحفز بطريقة فاعله التعاون العربي مع سوريا لأنه سيسرع بحل مشكلات حياتية ملحة و خانقة. كما سيسهم في تشجيع الإنتاج و يهيئ الظروف الملائمة لمعالجة الكثير من القضايا، و أهمها وأولها قضية اللاجئين ….إن السوريين يحتاجون لتعاون أشقائهم العرب في استعادة دور دولتهم الطبيعي. لكن أكثر ما يحتاجونه هوالدعم الاقتصادي العاجل خاصة وانه أولوية معاشية ملحة …
اجتماعات (لجنة الاتصال العربية) في القاهرة أكدت أستمرار المسار العربي في التعاون مع سوريا لحل أزمتها ، و استعادة حياتها الطبيعية سياسيا واقتصاديا وأمنيا . وكما تقدمت الدول العربية في هذه الاجتماعات باقتراحات إلى سوريا لتسهيل ودفع التحرك عبر هذا المسار، قدمت سوريا بالمقابل اقتراحات على شكل رؤى في مسار الحل . كما عرضت إنجازاتها في إطار تعميق التعاون السوري مع العرب بما يحقق المصلحة العربية عامة والمصلحة السورية الخاصة….. ربما تكون هذه التجربة بين سوريا والدول العربية مثالا وطريقا لإستعادة الفعالية العربية كأمة تحتل مكانتها كقطب في عالم تعدد الأقطاب الذي يجري إستيلاده عالميا ، و لا يمكن أن تكتمل قطبية العرب و العروبة بدون سورية …