لرمضان 2015…الدراما تبحث عن رواية
استثمر صانعو مسلسل «ذاكرة الجسد» (سيناريو وحوار ريم حنّا/ إخراج نجدة أنزور) جماهيرية رواية الكاتبة الجزائريّة أحلام مستغانمي، وتمكّن العمل الذي أنتجه «تلفزيون أبو ظبي» العام 2010، من تحقيق نجاحٍ فتح شهيّة صناع الدراما على تكرار الاجتهاد. هكذا جاءت المواسم الرمضانية المتعاقبة، مشبعة بتجارب تُبنى فيها سيناريوهات المسلسلات على منتجٍ روائي يكون، غالباً، صاحب قاعدةٍ شعبية واسعة وذائع الصيت.
يبدو أنّ الموسم الدراميّ الحاليّ لن يكون فقيراً بهذا الصنف من المسلسلات. ذلك ما يثبته الحديث عن اقتراب رواية «الأسود يليق بك» لأحلام مستغانمي من حجز مكانها على سكّة الإنتاج التلفزيوني، من المرجّح أن تؤدّي بطولته أمل بشوشة، بطلة «ذاكرة الجسد».
من جهته أعلن المخرج سيف الدين سبيعي في شهر أيلول الماضي، عن بدء اشتغاله على مشروعٍ تلفزيوني مأخوذٍ عن رواية «قواعد العشق الأربعون» للكاتبة التركيّة إليف شافاق معرباً عن رغبته بتولّي الدكتور وليد سيف عملية تحويل الرواية إلى نصّ تلفزيوني.
على خطٍّ موازٍ، أعلنت شركة «مون آند ستارز» توصّلها إلى اتفاق يقوم بموجبه السيناريست خلدون قتلان بتحويل رواية «نازك خانم» للروائية لينا هويان الحسن إلى مسلسلٍ تلفزيوني، فيما تخضع روايتها الثانية «سلطانات الرمل» لمعالجة تلفزيونية يقوم بها السيناريست عدنان العودة لمصلحة الجهة المنتجة ذاتها.
يبدو أنّ هذا الصنف من الصناعة يلقى رواجاً في أروقة شركة «سما الفنّ» أيضاً، فالمكتب الإعلاميّ للشركة كان قد أعلن في وقتٍ سابق بدء اشتغال السيناريست حازم سليمان على إنجاز مسلسلٍ مقتبسٍ عن رواية «العرّاب» لمؤلّفها ماريو بوزو، على أن يتولّى المثنّى صبح إخراج العمل في محاولة قد تنضوي على مخاطرة كبيرة، خصوصاً أمام شهرة النسخة الهوليودية لفرانسيس كوبولا. ومن المتوقّع أن يؤدّي الممثل سلّوم حداد بطولة العمل الذي يمتدّ على جزأين.
اقتباس الأعمال الروائيّة في مسلسلات تلفزيونيّة ليس بظاهرة مستجدّة سورياً وعربياً، إذ بدأت في العام 1973، مع المخرج السوري علاء الدين كوكش الذي قرّر تحويل «الله والفقر» للأديب صدقي إسماعيل إلى رواية تلفزيونيّة، اشتغل على كتابة السيناريو يومها عبد العزيز هلال، وأنجز سباعيّة حملت عنوان «أسعد الورّاق» تيمناً باسم الشخصية البطلة.
بدأ التصوير، وبعد إنجاز الحلقات الثلاث الأولى، تلقّت الممثلة القديرة منى واصف عرضاً هوليودياً للمشاركة في فيلم «الرسالة» للمخرج العالمي مصطفى العقّاد، الأمر الذي استدعى سفرها ليبقى شريكها هاني الروماني على قيد انتظارٍ دام عامين كاملين، استكمل كوكش، بعدهما، عمليات التصوير وقدم عملاً تحوّل، لاحقاً، إلى واحدة من كلاسيكيات الدراما السورية.
«لماذا انتظرت؟ كان يجدر بكَ أن تتخلّى عن إنجاز عملٍ معلّق، خاصة أنَّ الانتاجات التلفزيونية كانت فقيرة في ذلك الوقت ولا تحتمل المغامرة»، سؤال طرحناه على المخرج علاء الدين كوكش الّذي أجاب باقتضاب: «حكاية أسعد الوراق ساحرة، عوالمها مدهشة، إذا كان التمسك بتنفيذها على مدى سنتين مقامرة، فإنّ التخلي عنه ضربٌ من الجنون».
ويضيف كوكش «اللجوء إلى الروايات المحبوبة يكسب العمل جماهيرية مسبقة الصنع، هذا ما تثبته بعض التجارب الهوليودية مثل «العطر» (رواية باتريك زوسكيند/ سيناريو آندرو بيركين وبيرند إيشينغر)، و»شيفرة دافنشي» (رواية دان براون/ سيناريو آكيفا غولدسمان)، كما أنّ قلّة النصوص التلفزيونية الجيّدة تدفعنا للبحث عن بنية دراميّة محكمة توفّرها رواية كنّا قد اطلعنا عليها بصورة مسبقة، حينها يصير الإشراف على تحويلها إلى نصّ تلفزيونيّ جاهز أمراً يسيراً».
ليس هناك من معيار أكاديمي يمكن تطبيقه على هذه المشاريع للتنبؤ بنجاحات أو سقطاتٍ مسبقة، فالرأي العام العربيّ الذي حول «باب الحارة» إلى مطلبٍ جماهيريّ ملحّ، يستطيع إسقاط الأعمال سابقة الذكر من دون الالتفات إلى ما تنضوي عليه من قيمةٍ أدبيّة.
صحيفة الحياة اللندنية