لعنة الطوائف ….
لعنة الطوائف قتال .. دمار .. موت .. حالة تستمر سنوات طويلة بين أبناء البلد الواحد سببها اختلاف طائفي أو مذهبي أو قبلي .. تتآكل خلالها بنية النسيج الاجتماعي وتتفت مكوناته الأساسية الى مركبات متنافرة لا يجمع بينها الا الدين أو الطائفة أو القبيلة …. حرب استنزاف تمتص دماء الشعب وخيرات البلد البشرية والاقتصادية والنفسية ، توصل جميع الأطراف المتناحرة الى مرحلة التعب والانهاك الكامل .. لتكون المرحلة الحاسمة .. وهي المرحلة الأسوأ ( الرضوخ )…!! ا
الرضوخ الى قرارات محاصصة أو تقسيم يتم توقيعها على عجل وبأنامل متعبة من الضغط على الزناد القاتل .. وبعيون أنهكها دمع الفراق .. ليأتي التوقيع بمباركات دولية وكاميرات ملونة .. برعاية خاصة حيث يتبنى كل طرف في الصراع قطب عالمي خارجي أو دولة تجد في هذا الطرف ضالتها المنشودة لتتدخل في شؤون هذا البلد المتوسل دعماً واحتضاناً .. ليصبح تحت حمايتها وتدافع عنه ليكون حليفها الاستراتيجي وصوتها الطروب في المحافل الداخلية والخارجية تبني له مناطقه وبيوته واقتصاده وينشر فكرها وثقافتها ويعلم أبناءه وجوب تقديم فروض الطاعة والانصياع …
انها التبعية المعلنة أحياناً وغير المعلنة بكثير من الأحيان التي تعيشها المجتمعات العربية بكافة أشكالها .. فلا نجد بلداً عربياً الا أنه تابع بكليته لدولة ما أو أن شعبه مقسوم في تبعيته حسب انقساماته الطائفية الى قسم شيعي يتبع ايران وقسم سني يتبع دول الخليج العربي الملكية .. والصراع على أشده بين القسمين تشعله بلحظة مصالح الدول الداعمة ومن خلفها مصالح الدول الأبعد والأكبروالتي تعمل بسياسة ممنهجة على تفتيت البلدان العربية لتسهل السيطرة عليها وسرقة ثرواتها النفطية والطبيعية التي تحتاجها هذه الدول الكبرى لتستمر .. لعبة عالمية قذرة أبعد ما تكون عن شعارات السيادة والاستقلال والحرية والديمقراطية التي تنادي بها دول العالم المتحضر وتسيطر من خلال دغدغة مشاعر هذه الشعوب المطيفة على قرار الدول وسيادتها ..
لبنان .. العراق ..مثال قديم … اليمن .. السودان ..سوريا أمثلة حية حديثة عن كيفية تتبيع الدول وتقسيمها وتفتيتها ..باشعال فتيل حرب أهلية قائمة على دغدغة الانتماءات الطائفية ومدها بالمال والسلاح وتغذيتها بتأجيج الأحقاد وزرع الشقاق والانقسامات … لينتهي الأمر الى بلد منهك مدمر وشعب محبط ضعيف وعقود بناء وتعمير طويلة الأجل مع شركات أجنبية وعربية ..وديون لصندوق النقد الدولي واعادة الاعمار بأرقام مخيفة لا تنتهي … وبعملة منهارة واقتصاد مفلس وأجيال من الأمراض النفسية والعاهات الجسدية .. فكيف يمكن لهذه البلدان أن تنهض من جديد وأن تكون مستقلة سيادية من جديد ؟؟؟ الى اليوم التجربة اللبنانية تليها العراقية وعلى خطاها السورية لا تبشر بدول حرة مستقلة تحترم المواطنة … فما زالت التجاذبات الطائفية تفتك بأي محاولة جدية لبناء وطن مستقل كامل السيادة .. وما زالت مصالح الدول الداعمة في المنطقة هي المتحكم باستقرار هذه الدول وبثرواتها البشرية والاقتصادية .. فهل يكون التنوع الطائفي المذهبي الذي تغنى به الشرق والغرب نعمة أم نقمة على منطقة المشرق العربي .. ليصبح ورقة بيد الدول الكبرى لتحكم سيطرتها على منطقتنا وتتحكم بمواردنا وقراراتنا ..؟؟
هل هذا سحر الشرق أم لعنة الطوائف …. ؟؟ لتعيش شعوبنا اما تحت لعنة الاستبداد أو تحت لعنة الحروب والانشقاقات الطائفية .. بفكر الترهيب والالغاء والتفجير الذي يمارسه كل طرف بحق الطرف الأخر ..
على ما يبدو لم يحن الوقت بعد لشعوب سحرت العالم بتاريخها وتراثها وروحانية حضارتها أن تعيش الحرية والكرامة بعيداً عن سطوة المصالح وتنازع السلطة .. ومازالت انتماءاتنا الطائفية تنخر في نسيج مجتمعاتنا بدل أن نتعلم نعمة التنوع والاختلاف التي يقدرها الغريب ولا يقدر قيمتها القريب .. اذا لم نتحرر من دائرة انتماءاتنا الدينية الطائفية الضيقة لنحلم بوطن نحترم فيه السوري قبل أن نسأله عن طائفته لنعرف هل هو معنا أم ضدنا ، فإننا فعلياً ندمر الوطن بطائفيتنا .