لغط في إسرائيل حول ضربة كهرومغنطيسية ضد إيران(ترجمة: حسين جواد قبيسي)

ترجمة: حسين جواد قبيسي

نشرت صحيفة "لوموند" (Le Monde) بالتعاون مع وكالة الأنباء الفرنسية "آ إف بي" (AFP) مقالةً بعنوان "إسرائيل تسعى إلى توجيه نبض كهرومغنطيسي نحو إيران"، كتبها مناحيم كاهانا في عددها الصادر بتاريخ 9 أيلول  2012. في اليوم التالي نشر موقع "تي في آ نوفيل"  على الإنترنت تحليلاً للخبر نفسه كتبه سيدريك مانارا أستاذ الحقوق في جامعة EDHEC Business School الأوروبية الكائنة في العاصمة الفرنسية باريس.
في ما يلي ترجمة إلى العربيّة للخبر وللتحليل المنشورين في كلّ من الصحيفة والموقع المذكورَيْن بهدف معرفة كيف يفكر الآخرون.
أكثر فأكثر تروّج الشائعات في الصحف الدولية حول هجوم إسرائيلي على إيران. وآخرها ما ذكرته صحيفة "صنداي تايمز" من أن إسرائيل تفكّر في إرسال حزمات من النبض الكهرومغنطيسي (IEM) على إيران من أجل شلّ جملة شبكات المواصلات والاتصالات فيها، وتعطيل قدرتها على تطوير برنامجها النووي. النبض الكهرومغنطيسي عبارة عن موجات كهرومغنطيسية ذات طاقة تدميرية يإنتاجها موجة صدم هائلة القوة ناتجة عن التفاعل بين الانفجار والحقل المغنطيسي الأرضي.
وأوردت الصحيفة شهادة المختصّ بالشؤون الحربية الأميركي بيل جيرتز، الذي قدّم في 29 آب الفائت تحليلاً مستفيضاً على موقع "The Washington Free Beacon" أعرب فيه عن المخاوف المتزايدة لدى وكالة الاستخبارات الأميركية (سي آي إي) من أن "تعمد إسرائيل إلى توجيه ضربة إلى إيران قوامها تفجير نووي في الطبقات الجوية العليا من شأنه أن يزعزع شبكات الأجهزة والبرامج الإلكترونية كافة في إيران". كما أن ضربة بحزمات من النبض الكهرومغنطيسي من شأنها أيضاً أن تشلّ قدرة إيران على إطلاق سفنها وزوارقها الحربية لإغلاق مضيق هرمز، علاوةً على كونها وسيلة ناجعة للحدّ من قدرة إيران على إطلاق صواريخها البالستية العابرة للقارات، كردّ منها على أيّ هجوم إسرائيلي محتمل.
ومنذ فترة قصيرة جداً كتب الأميركي جو توزارا في صحيفة اليمين الإسرائيلي المتشدّد "إسرائيل ناشونال نيوز" أن مضيّ إيران في تطوير سلاحها النووي يمكن أن يؤدّي إلى قيام إسرائيل بتوجيه ضربة إلى إيران بواسطة النبض الكهرومغنطيسي الذي يتولّد من تفجير نووي على علو شاهق لا يبعث إلى الأرض مقداراً كبيراً من الإشعاعات النووية. وكتب توزارا أن "هذه الضربة لن تُحدِث أيّ رياح أو إشعاعات نووية على الأرض، ولن يكون من مفاعيلها سوى شحّ في الموارد الغذائية قد يصل إلى حدّ القحط، وشلّ الاتصالات التي تغدو عملياً مستحيلة؛ وهذا ما سيؤدّي إلى انهيار إيران اقتصادياً".
أما عوزي روبن، والذي أسهم في تطوير الدرع الصاروخية الهادفة إلى حماية إسرائيل من أيّ هجمات صاروخية معادية، فقد كتب في الصحيفة نفسها أن "إسرائيل لا تفكر أبداً في استخدام أيّ صاروخ نووي حتى ولو كان غير قاتل كالنبض الكهرومغنطيسي؛ فهناك أساليب أخرى لتوليد نبض كهرومغنطيسي انطلاقاً من الأرض". فإذا كانت إسرائيل قد اكتشفت منذ الخمسينيّات سلاح حزمات الأشعة الكهرومغنطيسية (IEM) بوصفها سلاحاً يضارع سلاح الدمار الشامل، فهذه هي المرّة الأولى التي تكشف فيها الصحافة العالمية عزم إسرائيل على استخدام هذا السلاح. فمفاعيله المدمّرة ناجمة عن التفاعل بين الانفجار النووي والحقل المغنطيسي الأرضي، بوصفه مفعولاً ثانوياً للانفجار النووي في طبقات الجوّ العليا. على أنه يمكن خلق حزمات النبض الكهرومغنطيسي انطلاقاً من مولِّد "ميكروويف" (micro-ondes) أرضي.
وقد تمّ اكتشاف تلك المفاعيل مباشرة بعد إلقاء القنبلة النووية الأولى التي أطلقها الأميركيون ضدّ اليابان، والتي دمّرت مدينة هيروشيما سنة 1945. وهي مفاعيل ثانوية للانفجار النووي، من شأنها أن تدمّر أو على الأقلّ تعطّل عمل الأجهزة الكهربائية والإلكترونية، فتشلّ بذلك جميع أنظمة الاتصالات.
تتأتى حزمة النبض الكهرومغنطيسي من انفجار شحنة نووية على علوّ شاهق يولّد حقلاً كهربائياً شديد الطاقة، يكون قادراً على تعطيل الأجهزة والأنظمة الإلكترونية، بل على تدميرها إذا كانت موصولة بمصادر شحن أو هوائيات كهربائية، بما في ذلك الحواسيب والهواتف والأجهزة الكهربائية الثابتة والمتحركة، كالسيارات والطائرات وحتى مرضى القلب المجهزين ببطاريات كهربائية صغيرة. فقوة ذلك الحقل شبيهة بصاعقة إلكترونية أو عاصفة شمسية.
وعلى موقع "إسرائيل أنفو" كتب الصحافي الإسرائيلي ديفيد كوسكاس تحت عنوان "إسرائيل ستعيد إيران إلى العصر الحجري": "هذه الضربة الهادفة إلى وقف برنامج طهران النووي إلى الأبد، تعتمد إرسال موجات كهرومغنطيسية من مدى قادر على إحداث نتائج تدميرية من شأنها أن تُعيد إيران إلى العصر الحجري" (وهي العبارة التي استخدمها جورج بوش الأب قبيل بدء الحرب الأميركية على العراق سنة 2003، حينما قال: "سنعيد العراق إلى العصر الحجري").
وعلى موقع "آليا إكبرس نيوز" كتب جوزف فرح أن المحلّلين يرون أن دولة إسرائيل باتت تشعر أن وجودها في خطر جراء استمرار إيران في تطوير برنامجها النووي، وأنها لا تستبعد إطلاق صاروخ "أريحا ـ 3" (جريشو 3) لتفجير شحنة كهرومغنطيسية فوق إيران. ويستند المحلّلون في رأيهم هذا إلى تقديرات مسؤولين إسرائيليّين يرون أن إيران بلغت "درجة الحصانة" ضدّ أيّ هجوم حربي تقليدي على منشآتها النووية. ويرى المحلّلون أيضاً أن استخدام طائرة قادرة على الطيران لمدى زمني طويل ومسافات بعيدة وذات خزانات وقود عملاقة، مسألة شائكة وتطرح مشكلات لوجستية في منتهى التعقيد. إذ ليس مسموحاً للطائرات الإسرائيلية بعبور الأجواء التركية والعراقية والسعودية للوصول إلى هدفها الإيراني. كما أن هذه الخطة لا تنطوي على عنصر المفاجأة المرجوّة من وراء العملية؛ وأن صاروخ "جريشو 3" جرى اختباره في العام 2009 وهو قادر على حمل عبوة نووية إلى مسافة 4023 كلم. علماً بأن المسافة بين إيران وإسرائيل تبلغ 1609 كلم. كما أن تفجير هذه العبوة على ارتفاع 402 كلم، لن يكون من نتائجه شلّ الأنظمة الإلكترونية في إيران فحسب، بل من نتائجه أيضاً إلحاق أضرار واسعة بالأنظمة الكهربائية في الشرق الأوسط بأكمله وقسم كبير من أوروبا.
هذا السيناريو الذي جرى البحث فيه على أعلى المستويات في إسرائيل، والذي لا يستثنيها من المفاعيل الجانبية التي تصيب الأنظمة الكهربائية في عموم بلدان الشرق الأوسط، لا يُثني إسرائيل عن تنفيذه بعدما حصّنت بنياتها التحتية بما يكفي من صيانة، للوقاية و لتلافي تلك الأضرار.

مؤسسة الفكر العربي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى