لماذا الأسد في الإمارات ؟؟
يقوم التفاعل السوري الإماراتي على أمرين اثنين: الأول حقيقة أن سوريا تشكل الركيزة الأساسية للأمن القومي العربي، والثاني هو تميز الإمارات العربية المتحدة كفعالية عالية نشيطة في الاستجابة للتحديات وفي توحيد عمل عربي يحمي العرب. و أهم عامل مشترك بين سوريا والإمارات هو قراءتهم المشتركة إلى أن العالم يتجه إلى حالة من اللا استقرار مما يوجب عليهم التمسك بما يؤمن لهم حماية بلدانهم ودولهم، ولا شي أهم من التعاون الفعال بينهم.
من الواضح أن زيارة الشيخ عبدالله بن زايد لدمشق قبل شهورومفاوضاته مع الرئيس الاسد قد أطلقت فعالية تعاون تنطلق من ثنائية سوريا- الإمارات لتتوسع باتجاه الدول العربية كافة، (ألا يعني الحديث عن عودة سوريا إلى الجامعة العربية. ما يشمل العرب كلهم؟)، ويبدو أن فريق الأسد المكلف بملف هذا التعاون و مساره قد أنجز خلال الشهور الماضية ما يكفي من أفكار واقتراحات استطاع الاسد أن ينضجها لتصبح رؤية عملية تدفع مسار التفاعل مع الإمارات في التعاون لمواجهة المخاطر والتحديات التي تواجه المنطقة العربية. وهكذا يرى مراقبون أن زيارة الأسد إلى الإمارات جات كخطوة إنضاجية متقدمة للتفاعل والتعاون بينهما ضمن رؤية تتوجه لتفعيل وتوسيع هذا التعاون في دائرة عربية أوسع وأشمل.
يظن البعض أن هدف الفعالية السورية الإماراتيةهو طلب المساعدة من الإمارات لسوريا في المجال الاقتصادي. ومع أهمية هذا الجانب، ومع رياده الإمارات في المبادرة لمساعدة سوريا كل مرة، لكن هذا الجانب ليس إلا تفصيلاً في الرؤية التي يتفاعل وفقها البلدان والتي تتجه إلى ما يحصن المنطقة العربية ويحمي الأمن القومي العربي سياسياً واقتصادياً وثقافياً وأمنياً إلى آخره.
اهم ما يقرب سوريا من الإمارات إضافة للروح العربية المتفاعلة بينهما هي قراءتهم الموضوعية في أحوال المنطقة والعرب والعالم، ووعيهم بأننا نعيش مرحلة ما بعد الربيع العربي وما نتج عنه من فوضى ودمار وفضايح لدور الإخوان المسلمين. ونعيش أيضا حالة اللا استقرار الدولي ومخاض ولادة نظام جديد للعالم، تشكل الحرب في أوكرانيا احد مفاعيله، وهو نظام متعدد الأقطاب بما يعطي أهمية قصوى لضرورة اعتمادنا استراتيجية تعتمد الابتعاد عن المحاور وتسلك سلوك التوازن في العلاقات الدولية بما يحفظ مصالحنا ويحقق الأمن القومي لنا. وهذا ما يجعل للتفاعل السوري الإماراتي أهميته كونه يفتح مساراً عربياً يسعى لتحصين العرب تجاه المخاطر الإقليمية والدولية، وهو مسار يستعيد سوريا كركيزة للأمن القومي العربي، ويستعيد الدور العربي إلى سوريا.
إن ضرورات التفاعل العربي، ووعي سوريا والإمارات لأهميته، يجعلنا نرى زيارة الاسد إلى الإمارات من خلالها، فهل سنرى نتائج مثل هذا التفاعل في حياتنا العربية وأمننا القومي ؟! نأمل ذلك!!!