تحليلات سياسيةسلايد

لماذا تلتزِم السلطة وقائدها عبّاس الصمت المُطبَق حول إطلاق البرغوثي بصفقة (حماس)؟

زهير أندراوس

حتى اللحظة، وفي الوقت الذي أقّرت فيه دولة الاحتلال استعداها لإطلاق سراح القائد مروان البرغوثي من سجنه الإسرائيليّ، تُواصِل سلطة رام الله بقيادة محمود عبّاس التزام الصمت المُطبَق الذي يُثير التساؤلات حول موقفها من هذه القضية الوطنيّة، خصوصًا وأنّ البرغوثي ينتمي لحركة (فتح) ويُعتبر من أبرز قادتها رغم تواجده في غياهب السجون الإسرائيليّة منذ العام 2002.

 

والسؤال الذي يُطرَح وبقوّةٍ في هذه العُجالة هل قادة فتح يخشون من قوّة البرغوثي وإمكانية “تهديد” مكانتهم؟ وهل إطلاق سراحه سيخلط الأوراق في قضية اليوم التالي لرئيس سلطة رام الله، محمود عبّاس، والقيادة المُحيطة به، والتي بحسب التقارير الصحافيّة العبريّة، فإنّ كلّ واحدٍ منهم يُشيِّد القصور وينتظر اللحظة المناسبة لوراثة عبّاس في منصب رئيس السلطة.

ومن المُهِّم التذكير في هذا السياق أنّ حركة (حماس) كانت قد طالبت من إسرائيل إطلاق البرغوثي في (صفقة شاليط) عام 2011، إلّا أنّ الاحتلال رفض، ونُشِرت أيضًا في ذلك الوقت الكثير من الأخبار التي زعمت بأنّ قادة السلطة رفضوا إطلاق سراح البرغوثي خوفًا من الشعبيّة العارِمة التي يتمتّع بها في الشارع الفلسطينيّ.

إلى ذلك، ونقلاً عن مصادر سياسيّةٍ وأمنيّةٍ وازنةٍ في دولة الاحتلال، أفادت هيئة البثّ الرسميّة الإسرائيليّة باللغة العبريّة (كان11) بأنّ تل أبيب لا تعارض إطلاق سراح القياديّ الفلسطينيّ، من حركة (فتح) مروان البرغوثي ضمن صفقة تبادل أسرى مع حماس.

إلّا أنّ القناة أشارت إلى أن إسرائيل ترفض إطلاق سراحه إلى الضفة الغربية، وتقول إنّ عليه الانتقال إلى قطاع غزة.

والبرغوثي زعيم بارز في حركة (فتح)، ويقضي خمس عقوبات بالسجن المؤبد في السجون الإسرائيليّة، وكانت مخاوف طُرحت في الفترة الأخيرة بشأن ظروف اعتقاله وتردي وضعه الصحي.

وظهر اسم البرغوثي، الذي تتهمه إسرائيل بالقتل والشروع في القتل في خمس وقائع، على رأس قائمة بالأسماء التي قدّمتها حماس خلال مفاوضات صفقة تبادل أسرى.

وأشار التقرير الذي نشرته القناة الإسرائيليّة إلى أنّه في حال قبلت إسرائيل وحماس الشروط النهائية للصفقة، من المتوقع أنْ تطالب الحركة بإطلاق سراح البرغوثي ضمن المرحلة الأولى لتلك الصفقة، على حدّ تعبير المصادر عينها.

ونقلت مصلحة السجون الإسرائيليّة القياديّ البرغوثي، في شباط (فبراير) الماضي من سجنه في سجن (عوفر) بالمنطقة الوسطى، إلى سجن آخر غير معلوم، بزعم تلقيها معلومات بأنّه يعمل عبر قنوات مختلفة من أجل إحداث زخم للتظاهر بالضفة الغربيّة المُحتلّة.

وكان البرغوثي وُضِع بالحبس الانفرادي، بتعليماتٍ من وزير الأمن القومي، إيتمار بن غفير، والذي تعمل الشرطة الإسرائيلية ومصلحة السجون تحت إمرته.

وكانت وسائل إعلام فلسطينيّة، ذكرت أنّ السلطة الفلسطينية ترفض “من تحت الطاولة الإفراج عن الأسير البرغوثي، وتفضل إبقائه داخل سجون الاحتلال، وذلك خوفًا على منصب رئيس سلطة رام الله عبّاس”.

ونفت “فتح” ما جاء في بعض المواقع الإلكترونية التي وصفتها بـ “المشبوهة”، حول البرغوثي.

وقالت في بيانٍ صدر عن مفوضية الإعلام والثقافة التابعة للحركة إنّ “كلّ ما نشر على هذه المواقع من مزاعم غير صحيح، وهي مشبوهة ومأجورة، هدفها الأساس إيقاع الفتنة بين أبناء شعبنا الفلسطيني، وحرف البوصلة عن الجهود التي تبذل فلسطينيًا ودوليًا، لوقف العدوان وحرب الإبادة التي يتعرض لها شعبنا الفلسطينيّ”.

وأضافت، أنّ “جميع الاتصالات واللقاءات التي جرت مع جميع الأطراف الإقليميّة والدوليّة، ومع سلطات الاحتلال الاسرائيليّ كان على رأسها موضوع الإفراج عن جميع الأسرى والمعتقلين الأبطال، وفي مقدمتهم الأسير القائد البرغوثي”

وأشارت (فتح) إلى أنّ “الأسير البطل البرغوثي قائد وطني فلسطيني، له بصمات واضحة في المسيرة الوطنية والنضالية للشعب الفلسطينية”.

وطالبت الحركة، جميع وسائل الاعلام “توخي الدقة والموضوعية في نشر الأخبار، خاصة في هذه الظروف الصعبة والخطيرة التي تمر بها قضيتنا الوطنية، وعدم حرف البوصلة عن الهدف الأساس لشعبنا الفلسطيني في نيل حريته، واستقلاله”، على حدّ تعبيرها.

من هو مروان البرغوثي؟

جديرٌ بالذكر أنّ القائد مروان البرغوثي ولد عام 1959، في بلدة كوبر في شمال غرب محافظة رام الله والبيرة، تعرّض للاعتقال لأوّل مرّةٍ عام 1976، ثم أعاد الاحتلال اعتقاله للمرة الثانية عام 1978، للمرة الثالثة عام 1983.

بعد الإفراج عنه عام 1983 التحق بجامعة بيرزيت، وانتخب رئيسًا لمجلس الطلبة لمدة ثلاث سنوات متتالية، وعمل على تأسيس حركة الشبيبة الفتحاوية، إلى أنْ أعاد الاحتلال اعتقاله مجددًا عام 1984 لفترةٍ قصيرةٍ، وتلاها اعتقال عام 1985، استمر لمدة 50 يومًا، تعرض خلالها لتحقيقٍ قاسٍ، وفُرضت عليه الإقامة الجبرية واعتقل إداريًا في العام ذاته.

في عام 1986، بدأ الاحتلال بمطاردته، اعتقل وأبعد، وعمل في هذه المرحلة مع الشهيد القائد خليل الوزير أبو جهاد، وانتخب عضوًا في المجلس الثوري لحركة (فتح) في المؤتمر العام الخامس 1989، ثم عاد إلى الوطن في نيسان (أبريل) عام 1994، وانتخب نائبًا للشهيد القائد فيصل الحسيني، وأمين سر حركة فتح في الضفة الغربية، كما انتخب عام 1996 عضوًا في المجلس التشريعي عن حركة فتح، وكان أصغرهم سنًا، وفاز بعضوية اللجنة المركزية في المؤتمرين الأخيرين لحركة فتح (السادس والسابع).

في 15 نيسان (أبريل) عام 2002، وبعد مطاردةٍ طويلةٍ اعتقلته قوات الاحتلال من حي الإرسال في رام الله، وتمّ الحكم عليه عام 2004، بالسّجن خمس مؤبدات وأربعين عامًا، برفقة رفيق دربه الأسير القائد أحمد البرغوثي الملقب (بالفرنسيّ)، والمحكوم بالسجن لـ(13) مؤبدًا إضافة إلى 50 عامًا.

وما جاء أعلاه يُذكّرنا بمقولة الثائر الأمميّ تشي جيفارا: “طعنات الأقارب هي الأقوى، لأنّها تكون من مسافةٍ قصيرةٍ”.

صحيفة رأي اليوم الالكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى