لماذا توقفت عن نشر مذكراتي؟! ((هذا ما قاله لي وزير الإعلام السابق))

لم أتوقع أن تكون عملية البوح التي يلجأ إليها الناس أحيانا عند كتابة مذكراتهم حساسة لهذه الدرجة، حتى لو كان كاتب المذكرات شخصا عاديا مثلي لايمثل في سرديته مكانة اجتماعية سوى حكاية لصحفي أراد أن يشتغل من قلبه..

بدأت كتابة المذكرات “بسعادة” المصاب بالنوستالجيا، فكتابة المذكرات مريحة لصاحبها، وأنا أستمر في الكتابة حتى الآن، والذي حصل هو أنني توقفت عن النشر فقط! توقفي عن النشر يعود لأن التعليقات أخافتني، فما أن نشرت حادثة الحوار الذي أجريته مع الكاتب الرحل محمد حسنين هيكل، وذكرت فيها اسم وزير الاعلام الأسبق الدكتور محمد سلمان حتى انهالت عليه انتقادات جارحة لا أوافق شخصيا على أن توجه لأحد ..

ومن محض الصدفة أنني التقيت به أثناء عزاء شقيق الدكتور خلف المفتاح جاري في السكن وعندما فتحت الموضوع معه فاجأني بأنه أرق مما توقعت بكثير، فوصف ما كتبته بأنه جميل، وإن كان لا يذكر الواقعة تماما، وأخبرني أنه كان يزور الأستاذ هيكل في القاهرة، وأن علاقته معه كانت جيدة.. ولأني أريد التخفيف من عبء التعليقات ، قلت له :

ــ لم يكن من الضروري أن تكتب كل تلك التعليقات بهذه الصورة من القساوة..

فرد قائلا : ــ لاتهتم.. ليكتبوا مايشاؤون!

فيما بعد ، أعدت قراءة التعليقات بهدوء.. وقلت في نفسي : “لايمكنك أن تمنع الناس من أن تكتب، ولكن يمكنك أن تتوقف أنت عن إثارة هذا النوع من التعليقات ، وهذا يعني أن تتوقف عن الكتابة !”

هل نتوقف عن الكتابة ؟!

ذلك سؤال لايطرح أبدا في هذا العصر، إذا كان السبب من هذا النوع ، وهذا يعني أن علي الاستمرار في الكتابة .. وسألت نفسي : “وماذا عن الأسماء الحقيقية ؟!”

ذلك سؤال أجبت عليه قبل نشر أي مقطع من المذكرات بإعلان رغبتي في الكتابة بالاسماء الحقيقية، وطلبت ممن يحتج أن يعلمني مسبقا ، ولم يحتج أحد . وهذا يعني أنهم واثقون تماما من أن ما أكتبه ليس سوى ثرثرة ..

ليكن .. هذا التوصيف يأتي لاحقا، ومن الطبيعي أن لاتتوقع الشخصيات العامة السياسية والثقافية والاجتماعية أن صحفيا سورية سيكتب عنها ولايخاف ، ومن الطبيعي أن لاتتوقع الشخصيات القادرة على إسكاتي وإسكات غيري أن أحدا سيكتب عنها ولايخاف..

وأخيرا : من الطبيعي أن أكون أنا من الذين يخافون، وفعلا أخاف من مسألتين : الأولى من هؤلاء ، والثاني أن لا أجرح أحدا في عملية الكتابة .. !

سأستمر في الكتابة، وسأقلل من النشر، وأعترف أن وسائل التواصل الاجتماعي هي أفضل وسيلة يمكن التخاطب من خلالها في هذا العصر بعد أن تراجع عدد قراء الصف إلى الصفر((!!!)) ..

سأستمر في الكتابة، وخاصة أن أحد الأصدقاء وهو المذيع حسام حجازي .. عاتبني صراحة بقوله:

أنت قلت أنك ستكتب مذكراتك بالأسماء الحقيقية، وهذا جعلنا نهتم بقوة الصراحة التي عندك، فلماذا توقفت ؟!

فعلا : وقفت أمام المرآة ، وسألت نفسي :

ــ لماذا توقفت عن النشر ؟!

هل تعرفون لماذا توقفت عن النشر !!!

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى