لماذا جرى استِبعاد إيران من لِقاء الدوحة الثّلاثي بقِيادة روسيا ومُشاركة تركيا لبحث تسوية سياسيّة دائمة للأزَمة السوريّة؟

 

أثار اللّقاء الثّلاثي الذي انعقد في العاصمة القطريّة الدوحة وضم وزراء خارجيّة روسيا وتركيا، إلى جانب وزير خارجيّة الدّولة المُضيفة قطر لبحث التّوصّل إلى حل سياسي للأزَمة السوريّة المُستمرّة مُنذ عشر سنوات، العديد من علامات الاستِفهام أبرزها غِياب إيران الحليفة للدّول الثّلاث عن هذا الاجتِماع.

مولود جاويش أوغلو، وزير خارجيّة تركيا، فاجَأ الجميع عندما قال في مؤتمر صحافي شارك فيه بعد انتهاء الاجتماع “أطلقنا اليوم عمليّة تشاور ثلاثيّة جديدة هدفها مُناقشة كيفيّة المُساهمة في الجُهود الرّامية إلى حل سياسي دائم في سورية”، وأضاف “أنّ الوزراء الثّلاثة أكّدوا في اجتِماعهم أنّ الحل الوحيد للصّراع الذي راح ضحيّته مِئات الآلاف وتشرّد بسببه الملايين هو تسوية سياسيّة تتماشى مع قرارات الأُمم المتحدة اللّافت أنّ هذه المنظومة السياسيّة الجديدة ربّما تأتي بَديلًا لمسار آستانة التي تتعاطى مع الملف نفسه مُنذ تشكيلها عام 2017، ولكن مع فارق أساسي هو استِبعاد الطّرفين السّوريين، أيّ الحُكومة والمُعارضة إلى جانب إيران، ودول تتمتّع بصفة المُراقب مِثل مصر والأردن.

الاجتماع الثلاثي في الدوحة يُدشّن هذه المنظومة الجديدة التي تتّسم بصفة الدّيمومة، أيّ أنّها ستَعقِد اجتِماعها الثّاني في أنقرة، والثّالث في موسكو، ويبدو أنّ سيرغي لافروف، وزير الخارجيّة الروسي، أدرك أهميّة النّقطة الآنفة الذّكر التي ستكون موضع تساؤل من أطراف إقليميّة ودوليّة عندما قال “إنّ الدّول الثّلاث لا تسعى لطرح بديل للجُهود التي تبذلها تركيا وروسيا وإيران مُنذ عام 2017 (أيّ منظومتيّ آستانة وسوتشي) للحدّ من القِتال في سورية ومُناقشة الحل السياسي” ولكنّه لم يُوَضِّح الفارق بين المنظومة الجديدة ونظيرتيها القديمتان، الأمر الذي يزيد من تعقيد حالة الغُموض.

ربّما يُفَسِّر ورود العِبارة التي طرحها السيّد لافروف بين ثنايا تصريحاته وجاء فيها “لا يسعني إلا أن أُرَحّب برغبة قطر في الإسهام في تهيئة الظّروف للتّغلّب على الوضع المأساوي في سورية” تُسلّط الأضواء على الدّور القطري في هذه المنظومة، أيّ تقديم مُساعدات لإعادة الإعمار، ومُواجهة الأزَمة الاقتصاديّة والإنسانيّة المُتفاقمة في سورية من جرّاء الحرب والحِصار.

الشيخ محمد بن عبد الرحمن، وزير الخارجيّة القطري، كان أكثر وضوحًا وتحديدًا لهذه المسألة عندما قال “إنّ الوزراء بحثوا آليّات إيصال المُساعدات الإنسانيّة في جميع أنحاء سورية”، مُضيفًا “أنّ هُناك حاجة ماسّة لتخفيف مُعاناة السّوريين”، ولكن ما قد يُثير قلق السّوريين والإيرانيين وحُلفاء سورية العرب قول الوزير القطري “إنّ الظّروف التي أدّت إلى تجميد عُضويّة سورية في الجامعة العربيّة ما زالت قائمة”، ممّا يعني بقاءها خارج الجامعة، وأنّ أيّ مُساعدات تُقدّمها قطر لسورية قد لا تكون عبر الحُكومة السوريّة.

لن نَستبِق الأُمور ونَقفِز إلى نتائج قد تكون مُتسرّعة، ولكن استثناء إيران حليفة سورية من هذا الاجتِماع الثّلاثي والمنظومة السياسيّة التي تمخّضت عنه، والحديث عن مُساعدات وتخفيف حدّة الوضع الإنساني المُتدهور، ودون ذكر الحُكومة الرسميّة بالاسم، ولو لمرّة واحدة في المُؤتمر الصّحافي والبيان الخِتامي للاجتِماع أمر يبعث على الحيرة والقلق معًا، ويَعكِس بوادر تغيير في الموقف الروسي، ومُؤشّرات على احتِمال التّخلّي عن منظومة آستانة.. واللُه أعلم.

 

 

صحيفة رأي اليوم الالكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى