لماذا جرّدت السعودية “نتنياهو” من منصبه وأين سيصل تحدّيها بعد وصفه بـ”الصهيوني ابن الصهيوني؟..
خالد الجيوسي
![](https://greatmiddleeastgate.com/wp-content/uploads/2025/02/5050-1.jpg)
تُظهر العربية السعودية إصرارًا لافتًا، ومرصودًا، وهي تخوض صدامًا علنيًّا مُستمرًّا مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فالأخير وصل به الاستهتار للطلب من الدولة الغنية، إعادة تمويل بناء قطاع غزة المنكوب بعد أن يتم شراؤه من قبل الولايات المتحدة، والمملكة بطبيعة الحال واحدة من هذه الدول الغنية.
سبقه في الاستفزاز للسعودية، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وهو يقول إنه يُوافق على إقامة دولة فلسطينية ولكن على الأراضي السعودية التي دعا قيادتها لإقامتها على “أراضيها الشاسعة”، وجاء ذلك في رد نتنياهو “التهكّمي” على شرط السعودية للتطبيع بقيام دولة فلسطينية.
بيان أكثر حزمًا وقوّة
ولافت أن وزارة الخارجية السعودية تُسارع للرد المُباشر السريع على استفزازات ترامب، ونتنياهو، فأصدرت بداية بيانًا حاسمًا أكّدت فيه موقفها الثابت الذي لا يتزعزع من قيام دولة فلسطينية، ورفضها لخطّة ترامب تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، وعاودت مجددًا إصدار بيان أكثر قوة، وحزمًا، وصرامة، ووجّهت الكلام مباشرةً لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وجرّدت خارجية المملكة في بيانها الأخير “نتنياهو” من منصبه، ولم تعترف به كرئيس وزراء دولة احتلال، فقالت: تثمن المملكة العربية السعودية ما أعلنته الدول الشقيقة من شجب واستهجان ورفض تام حيال ما صرح به “بنيامين نتنياهو” بشأن تهجير الشعب الفلسطيني من أرضه، كما تثمن المملكة هذه المواقف التي تؤكد على مركزية القضية الفلسطينية لدى الدول العربية والإسلامية.
السعودية تُهاجم عقلية نتنياهو
ووصفت السعودية تصريحات نتنياهو بـ”التصريحات الصادرة عن عقلية متطرفة محتلة”، لا تستوعب ما تعنيه الأرض الفلسطينية لشعب فلسطين”.
وتابعت الخارجية السعودية قائلة: “وفي هذا الصدد؛ تؤكد المملكة رفضها القاطع لمثل هذه التصريحات التي تستهدف صرف النظر عن الجرائم المتتالية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي تجاه الأشقاء الفلسطينيين في غزة، بما في ذلك ما يتعرّضون له من تطهير عرقي.
الشعب الفلسطيني صاحب حق
وفي صياغة لا تقبل التشكيك، أكدت الخارجية السعودية أن الشعب الفلسطيني الشقيق صاحب حق في أرضه، وليسوا دخلاء عليها أو مهاجرين إليها يمكن طردهم متى شاء الاحتلال الإسرائيلي الغاشم.
وفي ختام البيان قالت الخارجية السعودية: كما تؤكد المملكة أن حق الشعب الفلسطيني الشقيق سيبقى راسخاً، ولن يستطيع أحد سلبه منه مهما طال الزمن، وأن السلام الدائم لن يتحقق إلا بالعودة إلى منطق العقل، والقبول بمبدأ التعايش السلمي من خلال حل الدولتين.
إسقاط نتنياهو “مقصود”
وتوقّفت قناة “الإخبارية” السعودية الرسمية عند بيان الخارجية السعودية، ولفتت إلى إسقاط الصفة الوظيفية عن نتنياهو، وأكّدت أنه “مقصود” لأن اسم الدولة انتفى عن إسرائيل.
ورغم السياسات التحريرية غير المقبولة بالنسبة للفلسطينيين لقناة العربية خلال تغطيتها “طوفان الأقصى”، كان لافتًا استضافة “العربية” لضيوف هاجموا نتنياهو.
“لن ندخل معكم التطبيع”؟
ويبدو أن القيادة السعودية الحالية، قد أغلقت باب التطبيع تمامًا، وحشّدت خلف موقفها هذا الإعلام والمنصّات الذي نال الإعجاب الشعبي المحلّي والعربي، وأوعزت لقناة “الإخبارية” الرسمية التي تُمثّل بطبيعة الحال سياساتها، بتصدير مقولة الملك السعودي الراحل وتذكير الشعب السعودي بها الملك فيصل بن عبد العزيز والذي قال: “لو أجمع العرب جميعًا على أن يرضوا بوجود إسرائيل وبتقسيم فلسطين، فلن ندخل معهم في هذا الاتفاق”، ما يطرح تساؤلات حول سبب اختيار هذه العبارة، وما إذا كان ذلك يعني تبرّؤ السعودية من تطبيع العرب قديمهم “السلام”، وجديدهم “الإبراهيمي”.
بن سلمان يستحضر فلسطين من خلال والده
وأعادت قناة “الإخبارية” مقطعًا لخطاب سابق للعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز حين كان أميرًا للرياض يقول فيه: “إن القضية الفلسطينية هي قضية السعودية الأولى”، وهي عبارة تُعبّر عن موقف الحاكم الفِعلي للبلاد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.
ووصفت “الإخبارية” بشكلٍ غير مسبوق نتنياهو بأنه “صهيوني ابن صهيوني”، وأكدت أنه “ليس له وجه طيب وآخر قبيح، للاحتلال وجه واحد هو بنيامين نتنياهو”.
حماس على هامش عُمرة رمضان
ولم تكن العلاقات في أحسن أحوالها بين حركة حماس، والسلطات السعودية الحالية، لكن دعوات الانفتاح عليها في الأوساط السعودية حاليًّا ظاهرة وجليّة، وتدفع باتجاه وجود نوايا لتبدّل كلّي بالسياسة السعودية المُتعلّقة بالمقاومة الفلسطينية، والعودة لاحتضانها كما كان يفعل الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز، فكل ما يُكتب على حسابات النخب السعودية في منصّة “إكس” هو انعكاس لما تنويه الحكومة من سياسات.
مثلاً دعا الكاتب السعودي نواف القديمي لعودة الانفتاح على حماس، وقال عبر حسابه في “إكس”: “إن هذه اللحظات هي توقيت مناسب لإعادة التواصل السعودي مع حماس، ولو كان على هامش “عمرة رمضان”.
وأضاف القديمي: “لدى بعض قيادات حماس علاقة قديمة مع السعودية، وهي حريصة دومًا على عودة التواصل معها، واستجابة السعودية لذلك، إضافة لإغلاق أجوائها أمام الطيران الإسرائيلي، سيكون الرد العملي المطلوب والمُصاحب للرد السياسي والإعلامي”.
الصحافة السعودية الورقية على خط الهجوم
وبطبيعة الحال لم تكن الصحف السعودية الورقية ببعيدة عن الخطاب الإعلامي السعودي مرتفع السقف، والحاد ضد ترامب ونتنياهو، صحيفة “عكاظ” كتبت عنوانًا افتتاحيًّا قالت فيه: الفلسطينيون أصحاب حق في أرضهم.. لا دخلاء”.
أمّا صحيفة “الرياض” فعنونت افتتاحيتها بـ”سيادة المملكة خط أحمر.. هبّة عربية إسلامية ضد تصريحات نتنياهو.. وتأكيد على الحق الفلسطيني”.
هل يقبل بن سلمان بلقاء ترامب؟
بعد هذه الهجمة السياسية والإعلامية السعودية، سيرقب السعوديون بكل حال ما سيصدر عن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وعلى لسانه من تصريحات وقرارات تُعزّز المشهد العدائي لإسرائيل، وأي قرارات غير حكيمة كما وصفها الأمير تركي الفيصل قد تصدر عن ترامب بشأن خططه لتهجير الفلسطينيين إلى الأردن، ومصر، والسعودية، واستغلال أموال الأخيرة لإعمار غزة، الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ قال إنه “ربّما” يلتقي ترامب الأمير بن سلمان، فما هي ورقة التهديد التي سيرفعها ولي عهد السعودية في وجه ترامب إذا تم اللقاء، وهل لا يزال يشعر ترامب بالرغبة بزيارة الرياض، التي يبدو أنها ستُهينه كما فعلت مع بايدن من خلال ورقة أسعار النفط، وماذا يملك ترامب من أوراق ليُمارس كل هذا الاستعلاء على الأردن، ومصر، والسعودية؟
صحيفة رأي اليوم الألكترونية