لماذا فقد “سيّد الأمن” نتنياهو ثقة الإسرائيليين؟ والجنرال كوخافي يُحذِّر من اندلاع حربٍ شاملةٍ متعددة الجبهات وحزب الله قادِرٌ على إدخال كلّ إسرائيل للملاجئ
يُعتبر رئيس الوزراء الإسرائيليّ الأبّ الروحيّ لنشر الأخبار الكاذِبة، خدمةً لمصالحه الشخصيّة والسياسيّة، إنْ كان ذلك بشكلٍ مُباشرٍ، أوْ عن طريق المُقرّبين منه، الذين يتسابقون على النفاق والمداهنة، أوْ بواسطة تسريب المعلومات على لسان “مصادر رفيعةٍ في كيان الاحتلال” لوسائل الإعلام العبريّة، التي يتهمهما نتنياهو وأزلامه بشنّ حربٍ ضروسٍ عليه بهدف إبعاده عن منصبه في مُحاولةٍ للالتفاف على الـ”ديمقراطيّة” في إسرائيل.
وقال المُحلِّل السياسيّ المُخضرم في صحيفة (معاريف) العبريّة، بن كاسبيت، إنّ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مُنشغلٌ في قضاياه الداخلية، ويُقاتِل على مصيره في ضوء الاتهامات الجنائيّة ضدّه، وباقي المنظومة السياسيّة والحزبيّة لديها الانشغالات ذاتها، كما أنّ (الكابينت) الأمنيّ والسياسيّ يعيش حالة شلل، وحتى حين يجتمع فإنّه يشهد حالة من تسريب المحاضر بطريقة صبيانية، وخبرة أعضائه الإستراتيجيّة متواضعة ومحدودة، على حدّ تعبيره.
ووصل الأمر إلى حدٍّ يؤكِّد ربمّا على أنّ أيام نتنياهو في المشهد السياسيّ الإسرائيليّ باتت معدودةً، كما كان يقول أقطاب تل أبيب عن الرئيس السوريّ، د. بشّار الأسد في بداية المؤامرة الكونيّة على هذا البلد العربيّ في العام 2011، نتنياهو، الذي كان يُلقَّب في الدولة العبريّة بالـ”ساحِر” لجأ إلى توسّل الجمهور الإسرائيليّ بالثقة فيه وتصديق أقواله التي تتطرّق فيها إلى أنّ الأحداث الأمنيّة الأخيرة في منطقة الشرق الأوسط، دون أنْ يُحدّدها، تدور بسرعةٍ بالغةٍ، وهي ضدّ إسرائيل، وبالتالي على الكيان أنْ يتحضّر قبل فوات الأوان، لأنّ الأعداء يتربصون، مُشدّدًا في حديثه على أنّ أقواله صادقة ولا تدخل في إطار “زرع الأخبار” غيرُ الصحيحة.
وتابع كاسبيت، قائلاً إنّ رئيس هيئة الأركان الجنرال أفيف كوخافي اضطر لأنْ يرفع صوته في التحذير من مخاطر أمنيّةٍ محدقةٍ بإسرائيل في ظلّ المعلومات الأمنية المتوفرة لديه، التي تفيد بأنّ إسرائيل في حال هاجمت المرة القادمة بنى تحتية إيرانية، فإنّ الأخيرة ستقوم بالردّ بقوّةٍ، وهذا قد يحصل في ظل أنّ إسرائيل ليس لديها حكومة مستقرة، ولا مجلس وزاريّ أمنيّ-سياسيّ مُصغِّر، والجيش لا يملك خطة سنوية منظمة، ولم يصدر بعد موازنته السنوية.
وأضاف المُحلِّل، اعتمادًا على مصادر أمنيّةٍ عليمةٍ بالكيان أنّ هذه التطورات جعلت كوخافي يُواجِه كلّ هذه المخاطر وحده، ودون مساعدة أحد من المستوى السياسيّ، ولذلك فقد تحدث بعد صمتٍ طويلٍ، مُحذرًا من تدهورٍ مفاجئٍ للوضع في إسرائيل من اندلاع حربٍ شاملةٍ قد تكون متعددة الجبهات، لأنّ الهدوء القائم مُضلِّل، وهي تُواجِه عددًا كبيرًا من الأعداء.
وأوضح أنّ تحذير كوخافي يُمكِن الفهم منه أنّ أيّ احتكاكٍ مُحتملٍ قد يندلع فجأةً، وبسرعةٍ يتحوّل إلى مواجهةٍ شاملةٍ، مع العلم أنّ التقديرات التي كانت سائدةً حتى قبل هذه اللحظة، لم تكن تتحدث عن ارتباط الجبهات بعضها ببعض، بحيث لا يعني اندلاع مواجهة مع حماس في غزة، أنْ تنتقل إلى جبهةٍ أخرى في الوقت ذاته على الجبهة الشمالية، والعكس صحيح.
وشدّدّ المُحلِّل، نقلاً عن المصادر عينها، على أنّه من الأهمية أنْ يختلف هذا التقدير اليوم، فالجيش الإسرائيليّ سيكون مُلزمًا من الآن فصاعدًا للاستعداد بالسرعة المطلوبة لإمكانية اندلاع مواجهةٍ في الجبهة الشمالية، وقد تنتقل فورًا لمواجهة في نظيرتها الجنوبية، وَمَنْ يعلم فقد تندلع مواجهةً في جبهاتٍ أخرى ليس فقط من حزب الله، وإنمّا من خلال انضمام سوريّة وإيران، وَمَنْ يعلم فقد ينضم لواء تنظيم (داعش) في سيناء كي ينفذ هجمات بحرية من الغرب.
وأوضح كاسبيت، نقلاً عن مصادره بالمؤسسة الأمنيّة، أنّ كلّ ذلك يتطلّب إشعال الأضواء الحمراء في مقر وزارة الأمن في تل أبيب، مع أنّ إسرائيل تُواجِه عددًا من التحديات الأمنية، وعددًا كبيرا من الأعداء منذ تأسيسها، ولذلك فإنّ الوضع الأمني فيها بقي متوترًا وهشًا، ممّا يستوجِب السؤال حول الدوافع الحقيقيّة التي جعلت كوخافي يُعرِب عن قلقه الزائد هذه المرة، لعلّه يرى نفسه وحيدًا في مواجهة كلّ هذه التطورات المتلاحقة.
وختم بالقول إنّ جميع قرارات كوخافي اتُخذت بمهنيّةٍ كبيرةٍ، ولكن مع ذلك لا يُمكِن تجاهل المعطيات الخارجيّة مثل الانسحاب الأمريكيّ من المنطقة، وتزايد القدرات الإيرانيّة، بالإضافة للتفاعلات الحاصِلة في قطاع غزّة، وقدرة حزب الله على إدخال كلّ إسرائيل للملاجئ، طبقًا لأقواله.
صحيفة رأي اليوم الألكترونية