لماذا نقول شُكرًا لباكستان وإندونيسيا اللّتين رفَضتا المِليارات مُقابل التّطبيع مع “إسرائيل” في اليوم الذي تَهبِط فيه طائرة إسرائيليّة في مطار الرباط؟

 

في الوقت الذي تَهبِط فيه طائرة إسرائيليّة في مطار الرباط المغربي حاملةً وفدًا، يَضُم جاريد كوشنر صهر الرئيس الأمريكي وعرّاب التطبيع، إلى جانب عددٍ من المسؤولين الإسرائيليين أبرزهم مئير بن شبات، مُستشار الأمن القومي، لتوقيع اتّفاقات سياسيّة وأمنيّة واستثماريّة، وتبادل سفارات مع المملكة المغربيّة، يُعلن السيّد شاه محمود قريشي وزير الخارجيّة الباكستاني، وبعد يومٍ واحد من زيارته لأبو ظبي، أنّه أوضح لحُكومة الإمارات موقف باكستان الرّافض للاعتِراف بإسرائيل إلى حين التوصّل إلى تسويةٍ دائمةٍ وملموسةٍ للقضيّة الفِلسطينيّة”.

إندونيسيا الدولة الإسلاميّة الأكبر من حيث عدد السكّان، تُقاوم بشراسةٍ ضُغوطًا وإغراءات أمريكيّة ماليّة واستثماريّة مُقابل تطبيعها للعُلاقات وفتح سفارة لدولة الاحتِلال الإسرائيلي، مثلما قالت وكالة “بلومبيرغ” الأمريكيّة في تقريرٍ لها بثّته اليوم، ونقلت الوكالة عن السيّدة أيام بويهلر، الرئيس التنفيذي لوكالة التنمية الدوليّة الأمريكيّة، قولها إنّ أمريكا تَعرِض مُضاعفة استِثمارها في البِلاد التي تَبلُغ حاليًّا مِليار دولار.

رَحِم الله الزّمن الذي كُنّا نُناشد فيه دُولًا خليجيّة للاستثمار وتقديم المُساعدات لهذه الدول الإسلاميّة وغيرها لتحصينها من الضّغوط الأمريكيّة للوقوع في مِصيَدة التّطبيع الإسرائيليّة، فمِنَ المُؤسف أنّ هذه الدّول، والمملكة العربيّة السعوديّة والإمارات تحديدًا، باتت هي التي تضغط على هذه الدّول من أجل التّطبيع، وتُقدّم لها المُساعدات والاستِثمارات المشروطة بالإقدام على تبادل الاعتِراف والسّفارات بدولة الاحتلال الإسرائيلي، وربّما لهذا السّبب أعاد السيّد عمران خان، رئيس وزراء باكستان قرض بثلاثة مِليارات دولار إلى السعوديّة مع الشُّكر.

السّلطات المغربية تقول إنّ من أسباب إقدامها على خطوة التّطبيع هذه وجود حواليّ مِليون يهودي من أصلٍ مغربيّ في فِلسطين المُحتلّة، وتُريد إبقاء صلة التّواصل معهم، وتنسى هذه السّلطات أنّ هؤلاء من عُتاة الصّهاينة، والأكثر تَطرُّفًا في العداء للعرب والمُسلمين، ويُصَدِّر مُعظم حاخاماتهم فتاوى بتحليل اغتِصاب النّساء العربيّات المُسلمات، وينخرطون في الجيش الإسرائيلي الذي يرتكب مجازر في حقّ الشّعب الفِلسطيني الذي سرقوا أرضه، هؤلاء خانوا الأمانة، وأنكروا جميل العرب والمُسلمين الذين احتضنوهم وفتحوا بلادهم لَهُم هَربًا من مجازر الفرنجة واضّطهادِهم في الأندلس.

نَشعُر بالخجل والألم في الوقتِ نفسه، عندما نرى حُكومات إسلاميّة مُنتَخبة في كُلٍّ من إندونيسيا وباكستان، تحترم مشاعر شُعوبها، وتَرفُض كُلّ المُغريات وتُقاوم كُلّ الضّغوط، ومن العرب المُسلمين قبل الأمريكان، لإقامة علاقات مع دولة مارقة تحتل أراضٍ عربيّة ومُسلمة وتنتهك حُرمة مُقدّساتها وترتكب المجازر في حقّ أبنائها، بينما تُهروِل حُكومات عربيّة للتّطبيع وفتح أراضيها للأجهزة الأمنيّة الإسرائيليّة، و”الموساد” على وجهِ التّحديد.

لا نملك إلا أن نقول شُكرًا لباكستان وإندونيسيا وماليزيا وكُل الدول الإسلاميّة التي تُقدِّم لنا مثَلًا في الشّهامة والكرامة والتمسّك بقيم الإسلام العظيمة، ورفض “هدايا” التّطبيع المسمومة التي يَعرِضها عليهم بعض السّماسرة العرب.

هنيئًا لكوشنر بحُلفائه من الحُكّام الجُدد طبعًا، وليس الشّعوب القابضة على جمر العقيدة والشّرف، ومثلما طرد العرب الصّهاينة من قِطاع غزّة وجنوب لبنان، وهزموا أمريكا في العِراق ومُخطّطاتها في سورية، وطرد المُجاهدون الأفغان قوّات أمريكا وحِلف النّاتو من أفغانستان، وأجبروا أمريكا على التّفاوض معهم لهُروبٍ آمِن، سيأتي اليوم الذي ستَسقُط فيه كُل اتّفاقات التّطبيع هذه، ويعود الحقّ إلى أصحابه.

 

 

صحيفة رأي اليوم الالكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى