لماذا يخشى أردوغان “غزو” إسرائيل لدمشق؟..ز يبدو لافتًا هذا الانتقاد التركي الذي جرى توجيهه على لسان وزارة الخارجية التركية، والتي انتقدت فيه تمديد عقوبات أمريكية على الحكومة السورية منذ العام 2019، الأمر الذي يضع علامات استفهام حول أسباب انتقاد أنقرة لواشنطن، والأمر يخص هنا الدولة السورية، التي طالما رغبت أنقرة بإسقاطها بعد أزمة العام 2011.
بطبيعة الحال لم تعد ترغب أنقرة، بإسقاط حكومة الرئيس السوري بشار الأسد، أو فشلت عبر المعارضة التي دعمتها، ولهذا قد يكون مفهومًا لماذا تنتقد أنقرة استمرار العقوبات الأمريكية على دمشق، رغبة منها (أنقرة) بالتطبيع مع سورية، الأمر الذي عبّر عنه الرئيس التركي مرارًا، وتكرارًا من خلال إعلان رغبته لقاء الرئيس السوري بشار الأسد، حيث يشدّد الأخير على ضرورة انسحاب الجيش التركي من الأراضي السورية.
مخاوف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من مخاطر احتلال سورية
ولافت أن وزارة الخارجية التركية قالت إن تمديد العقوبات الأمريكية على دمشق “لا يتوافق مع الحقائق على الأرض”. وهو ما يشير إلى مخاوف تركية أكبر من رغبة في تطبيع العلاقات مع دمشق. وذلك يتعلّق بمخاوف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان نفسه. والذي حذّر قبل يوم واحد من انتقاد وزارة خارجيته لاستمرار العقوبات الأمريكية على دمشق، من مخاطر توسع الاحتلال في المنطقة. وتحديدًا سورية التي يعتقد أردوغان كما قال أنها باتت تواجه مخاطر انتقال الاشتباكات إلى لبنان. وبالتالي يعي الرئيس أردوغان أهمية دمشق. كما والدفاع عنها في وجه العقوبات الأمريكية لما يترتّب على ذلك من مخاطر حال “احتلال دمشق”.
الرئيس أردوغان تحدّث عن مخاوف “احتلال دمشق”، بعد تصريحات وزير مالية إسرائيل المتطرف بتسلئيل سموتريتش، حيث قال. إن حدود القدس يجب أن تمتد حتى العاصمة السورية دمشق.
وقد يخشى الرئيس التركي من احتلال دمشق، ولكنه يخشى من وصول إسرائيل إلى الشمال السوري. وبالتالي تهديد إسرائيلي مباشر للحدود التركية. وقد عبّر عن ذلك حرفيًّا حين قال إسرائيل ستأتي للشمال السوري لحظة احتلالها دمشق، حال تم ذلك.
وأكّد الرئيس التركي أن تركيا لا يمكنها تجاهل العدوان الإسرائيلي. مضيفا أن استخباراته تراقب فيما يخص الخطوات التي وقد تتخذها إسرائيل تجاه تركيا.
أردوغان : “بمجرد أن تغزو إسرائيل دمشق، فإنها ستصل إلى شمال سوريا”
وعلى متن طائرته عائدًا من زيارة أجراها إلى صربيا، السبت، قال أردوغان إنه “بمجرد أن تغزو إسرائيل دمشق، فإنها ستصل إلى شمال سوريا، ربما يكون لدى إسرائيل بعض الخطط”، وذلك بحسب نص مكتوب للمقابلة نشره موقع قناة “تي آر تي خبر” التركية.
وتطرح تساؤلات حول الخطوات التي ستفرض على الرئيس التركي، لتقديمها سريعًا لدمشق، وماذا يعني حين قال خلال حديثه مع ممثلي وسائل إعلام تركية على متن الطائرة، إن بلاده “ستدافع عن سلام عاجل ودائم في سوريا، وأضاف سوف تقف إلى جانب السلام”، مشيرا إلى أن “إسرائيل تشكل تهديدا ملموسا للسلام الإقليمي والعالمي”، فكيف سيدافع أردوغان عن سلام عاجل ودائم، وهل يصل الأمر لتحالف عسكري يشمل سورية ضد دولة الاحتلال؟
وحول سؤال عن الضربة التي نفّذها الاحتلال في الآونة الأخيرة على دمشق، قال أردوغان إن على “روسيا وسوريا وإيران أن تتّخذ إجراءات أكثر فاعلية لحماية سلامة أراضي سوريا”.
ويتبنّى الرئيس أردوغان على الأقل كلاميًّا منذ أحداث السابع من أكتوبر (طوفان الأقصى) . لغة الرغبة في استخدام القوة ضد دولة الاحتلال الإسرائيلي. ويبدو أن الرئيس التركي بات أكثر قناعة بنجاعة المقاومة والسلاح ضد أطماع الاحتلال. وهي لغة تضعه في دائرة تهديدات إسرائيلية للتعرّض لما تعرّض له الرئيس العراقي الراحل صدام حسين. لكن يواصل أردوغان تبنّي هذه العدائية الكلامية ضد الكيان. حيث أعلن أن “النضال الملحمي الذي تخوضه حركة حماس هو أيضًا من أجل تركيا”.
المخاوف التركية من أطماع إسرائيلية،
المخاوف التركية من أطماع إسرائيلية، لا تتعلّق فقط بتواجد إسرائيلي في الشمال السوري. بل في منح الأكراد الانفصاليين وعلاقتهم الوثيقة بتل أبيب، بتأسيس كيان مستقل في شمال سورية أيضا. ثم ضم جنوب شرق تركيا، وهي ذات وجود كردي كبير. كما وحذّر وزير الدفاع التركي. فعليًّا مما وصفه من تصاعد خطر جر المنطقة الجنوبية من تركيا إلى اضطرابات وصفها بالكبيرة على خلفية اتساع الحرب في لبنان.
وما قبل إتمام مخطط احتلال دمشق، ومن ثم جنوب تركيا، نوّه أردوغان أنه بالتوازي مع الهجمات الإسرائيلية على غزة، تحدث أيضاً هجمات على خطوط الصدع الاجتماعي في تركيا. موضحًا “إنهم يريدون إثارة الاحتجاجات في الشوارع من خلال الحملات القذرة. ولا يمكن تجاهل هذا العدوان الإسرائيلي، مخابراتنا تعمل ونسيطر، من الألف إلى الياء، على أي خطوات تتخذها إسرائيل أو قد تتخذها تجاه تركيا”.
وكان البرلمان التركي عقد، الثلاثاء الماضي، جلسة مغلقة سيظل مضمونها سرياً لـ10 سنوات. عرض فيها وزيرا الخارجية هاكان فيدان، والدفاع يشار غولر، تدابير لحماية الأمن القومي التركي، وتطورات العدوان الإسرائيلي وتوسيع الهجمات من غزة إلى مناطق أخرى أيضا. كما والمخاطر المحتملة على تركيا.
رغبة الرئيس التركي في اتخاذ خطوات عملية لإعادة علاقاته مع دمشق
بكل حال، تبدو تحذيرات الرئيس أردوغان واقعية ويبدو أن الرجل راغب في اتخاذ خطوات عملية لإعادة علاقاته مع دمشق.كما لافت أن تصريحاته بخصوص مقاومة حزب الله للاحتلال إيجابية، ويعتبرها مشروعة لوقف الأطماع الإسرائيلية أيضا. فيما توضع علامات استفهام حول موقف المعارضة التركية “العلمانية” التي قللت من مخاطر إسرائيل على تركيا، واعتبرت أنها جاءت لإلهاء المواطن التركي عن مصاعبه الداخلية الاقتصادية. وكأنها تتقاطع مع تصريحات الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ الذي أكد أن تل أبيب لا تعد أي خطط عسكرية ضد أنقرة. وأن لدينا (إسرائيل) احترام كبير لشعب تركيا، الأمر الذي يتنافى مع إخر استطلاع رأي محلي تركي، خلص إلى أن 89,4 في المائة من الأتراك يعتقدون بأن إسرائيل تريد أن تحتل جزءًا من الأراضي التركية، ما يعني أن الأتراك يكنّون في غالبيّتهم العداء للدولة العبرية.
صحيفة رأي اليوم الألكترونية
لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على الفيسبوك
لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على التويتر