
يختصر الممثل المخضرم أديب قدّورة (1948 ــ 2025) في مسيرته المنطق الذي تتعامل به بلادنا مع المبدعين! الرجل الذي كان نجماً لا يُشق له غبار في سبعينيات القرن الماضي، وحققت أفلامه شهرة طائلة وانتشاراً مذهلاً آنذاك، كونها فتحت باباً إضافياً للجرأة، ورفعت سقف الرقابة، واشتبك نجمها مع المنطق المجتمعي والرقيب الديني لاحقاً، رحل الأربعاء الماضي محاطاً بالتجاهل والنسيان، إلى درجة لم تتصدَّ وزارتا الثقافة والإعلام لنعوته كما يليق بتاريخه، ولا حتى مؤسسة السينما أو نقابة الفنانين.
وصل الحال بالفنان الراحل إلى أن يصطفّ، وهو منهك صحياً، ينتظر دوره حتى يتقاضى راتبه التقاعدي من النقابة، رغم أن المبلغ يعادل حفنة دولارات لا تكفيه مصروف يومين!
ويفيد العارفون بتاريخ الراحل بأنّه بعدما حقق نجاحه الباهر، ولفت الأنظار حين غامر به المخرج الراحل نبيل المالح عام 1972، وحوّل مساره من جندي مجهول يعمل مهندس ديكور في المسرح أو خلف الكاميرا، كونه درس الفن التشكيلي بعد أن أكمل دراسته الثانوية في حلب، حيث كان فلسطيني الأصل يعيش في «مخيم النيرب»، ليصبح على يد المالح نجماً على الشاشة، وذلك عبر فيلمين خالدين هما: «الفهد» و«بقايا صور»، ثم عمل في فيلم «وجه آخر للحب».
بعدها، اكتسح حضوره كل أفلام القطاع الخاص، وتقاسم البطولة مع نجمات الصف الأول في سوريا ومصر، من بينهن: إغراء، منى واصف، سلوى سعيد، ناهد يسري، ناهد شريف، وسميرة توفيق. كما استطاع المشاركة في بعض أفلام السينما الإيطالية.
في التلفزيون، كانت له مساحة وافرة في عشرات المسلسلات، منها: «عز الدين القسّام»، «حصاد السنين»، «الحب والشتاء»، «سفر»، و«امرأة لا تعرف اليأس».
كما شارك في مجموعة من المسرحيات الجادّة، منها: «الأيام التي ننساها»، «هبط الملاك في بابل»، «مأساة غيفارا»، «سمك عسير الهضم»، و«السيد بونتيلا وتابعه ماتي».
لذا، لم يعد يقبل، في مدة لاحقة من مرحلة كان فيها في ذروة مجده، بأن يكون دوره أقل من المكانة التي وصل إليها. كما إن مخرجي القطاع العام لم يجدوا فيه النجم الذي يستطيع أن يحمل فيلماً، ليأفل نجمه رويداً رويداً، وينحسر حضوره على بعض الأدوار الثانوية التي كان يدعوه إليها الممثلون الشباب بقصد تكريمه معنوياً ومادياً.
وربّما من المحطات المضيئة في التعاطي معه بعدما حاصره النسيان، كانت دعوة وزارة الثقافة السورية له عام 2017 ليكون ضمن المكرّمين في «مهرجان سينما الشباب».
علماً أنّه صُلِّيَ على جثمان الراحل ظهريوم الخميس الماضي بعد صلاة العصر في مسجد الأكرم، وووري ثراه في مقبرة الشيخ خالد في حي ركن الدين.
صحيفة الأخبار اللبنانية