نوافذ

لنملأ ساحات البلاد استنكارا: “أرضنا لنا”

لُجين سليمان

زرت محافظة القنيطرة قبل سنوات، إذ وقفت على الحدود مع أراضينا المحتلة، تأملت عندها الفرق بين الأراضي المهملة الواقعة ضمن سوريا، وكيف ينهض هذا التراب السوري ذاته في المناطق التي اغتصبها العدو، إذ كانت تبدو تلك البساتين الزراعية المُستولى عليها منتظمة ومخططة بدقة. طبعا لم أكن قادرة على ذكر أي شيء آنذاك لأننا كنا دولة البعث والصمود والتصدي، وكان يجب علينا فقط أن نقول إننا سنحرر جميع المناطق المحتلة، ونتناسى أننا محتلون من داخل أراضينا أيضا. فنحن وكما باقي الدول النامية لا نملك احتلالا خارجيا فقط بل نملك وجها آخر لاستعمار داخلي يمنعنا من التفكير بيننا وبين أنفسنا أيضا.

كانت القنيطرة آنذاك بمثابة أراض مهجورة لا سكان فيها، وبمجرد الذهاب مدة ساعة باتجاه العاصمة دمشق يبدأ الاكتظاظ السكاني، فلمركزية الحكم بالطبع أثر كبير على تمركز السكان وتموضعهم، فتصبح هناك مناطق مكتظة وأخرى يقل ساكنيها. وحتى بعد أن جئت إلى الصين كنت ألاحظ كيف يتم علاج اكتظاظ المدن الكبرى بخلق مدن صغيرة مجاورة وربطها بخطوط سكك حديدة فائقة السرعة لتقريب المسافة وتوزيع السكان على مختلف المناطق كافة كحال مدينتي “بكين” و “تيانجين”، وهو ما كان يُعيد إلى ذاكرتي حالة مدينتي دمشق والقنيطرة.

طبعا ليس بوسع المرء أن يخرج من هكذا زيارة لمدينة على الحدود مع أراض محتلة إلا وهو يُفكّر كيف سيحرر وطنه يوما، وكيف سيستعيد حقوقه، فهذا الاحتلال هو استباحة لكل فرد منا سواء نكرنا الأمر أم اعترفنا به. وهنا قد لا نستطيع أن نتجاهل ابدا أنه وعبر السنوات الماضية، كان لخطاب الصمود والتصدي في زمن النظام السابق أثرا كبيرا في تنفير كثيرين، وجعلهم يُقلعون ولو داخليا عن فكرة أراضينا المحتلة، هذا إضافة إلى الوضع الاقتصادي السيء والذي لا يترك مجالا سوى إلى التفكير بلقمة العيش، فتصبح فكرة استعادة الأراضي المنتزعة بالقوة رفاهية للبعض.

أما اليوم وفي ظل ما يحيط بنا من تهديد، وفي ظل طبخات دولية تُحاك لا نعرف ماهيتها بعد، لا بد إلا أن نقول كلمتنا كسوريين ونملأ الساحات ونصرخ:”تغيير الحدود بنقلها إلى نقاط أخرى تخدم أعداءنا لن يجعلنا نشعر إلا أن تلك الأراضي هي أراضينا وملك لنا، فمحبتنا وارتباطنا بتلك البلاد ليست حدودا تتغير وفقا لرغبات الدول الكبرى، بل هي ثوابت في داخلنا، لن يُغيّرها قادة العالم أجمع. فعلى الرغم من أن لبلادنا حدوداً مصطنعة إلا أن محبتنا لتلك البلاد لا حدود لها”.

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

 

لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على الفيسبوك

لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على التويتر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى