لواء وإمبراطور
ـ 1 ـ
فرنسا… دولة الانتداب على سورية… أهدت تركيا “لواء اسكندرون” والهدية محافظة جميلة شمال الشاطئ السوري التركي. فقامت تركيا بإجراءات النسيان عملاً بنصائح الغزاة والمحتلين: السكان ثلاثة: “واحد نهجره، وثانٍ نقتله، وثالث ينسى”… وهذه مقولة بن غوريون… مؤسس دولة إسرائيل.
أنجز النسيان قسماً من مهمة تتريك اللواء. وانتهت احتفالات الوعد باستعادته. وأظنني خرجت في عشر مظاهرات “تأييد” للواء إلى أن ضاعت المحافظة الثانية…القنيطرة. فلم أخرج بعدها من جحر الخذلان أبداً.
وحين نشبت الحرب الغريبة العجيبة الحالية في سورية، انتشرت حواجز التفتيش في كل الطرق… قررت أن أنظف موبايلي من الأسماء التي تجلب صداع الأسئلة. من بين هذه الأسماء المرشحة للشطب (لواء يازجي) خوفاً من هذه الرتبة العسكرية الملتبسة. ولاأدري لماذاأبقيت على الاسم، فوقعت في المحذور: ذات يوم فتشوا الموبايل وسألوني من هذا اللواء؟ وبصعوبة صدقوا أنه اسم فتاة صديقة فنانة وسينمائية. وهذا الاسم أطلقه عليها أبوها “الذي من لواء اسكندرون” على شكل وعد بالعودة، ولكي لا تنسى العائلة المهجّرة، منذ نصف قرن، اسم بلادها.
وهكذا كان علي أن أشطب لوائين: لواء اسكندرون ولواء يازجي.
ـ 2 ـ
بنى نابليون جيشاً، بعد هربه من السجن في جزيرة “ألبا” 1815. وانطلق بهذا الجيش ليسترد العرش من الملك لويس الثامن عشر.
وفي الطريق… كانت تصله كتابات وتحليلات في جريدة “مونتير أونيفرسال”” والتي كانت قبل سجنه، جريدته الخاصة: “إن الفرنسيين يتشوقون لهفة للموت دفاعاً عن الملك ضد نابليون”.
وهذه هي الصفات، التي أطلقتها الجريدة عليه:
مغتصب الوطن، المأجور، الأجنبي، الخارج عن القانون، المستغل، الطاغية، الوباء، زعيم قطاع الطرق، عدو فرنسا. نابليون شخص مجنون، وسيكون هجومه هذا آخر أعماله الجنونية.
ولكن نابليون ما لبث أن جلس على عرش فرنسا، دون أن يطلق طلقة واحدة. لأن الملك لويس، ببساطة، لم يدافع عنه أحد، وهرب بجلده فقط.
المهم…
ما الذي فعلته صحيفة الشتائم هذه؟
أول شيء كتبته: “أحدث الخبر السعيد بدخول نابليون إلى العاصمة ابتهاجاً مفاجئاً وعاماً . الجميع يتبادلون العناق . وهتافات “يحيا الإمبراطور” تملأ الأجواء ،ودموع السعادة تملأ كل العيون. الجميع يحتفلون بعودة بطل فرنسا ، ويتعهدون لجلالة الإمبراطور بالامتثال والخضوع الكاملين.