نوافذ

مأوى العجزة

مقبل الميلع

سان فرانسيسكو –  إن فكرة إنشاء دور للمسنين فكرة حديثة ظهرت في الغرب، بداية في بريطانيا تحديدا، ثم انتقلت إلى الولايات المتحدة الأمريكية ومنها إلى بقية دول العالم .

 كان الهدف من إنشاء مثل هذه الدور إبعاد كل ما يعيق الإنتاج إلى مكان خاص بهم أي عامل اقتصادي بامتياز، بعد أن أصبحوا غير منتجين من دون أخذ أي اعتبار للعامل الأخلاقي والاجتماعي.

بينت الدراسات أن الإنسان أصبح يعيش عمرا أطول بفضل تطور الطب وتحسن الغذاء والسكن الصحي والدواء مما يعني شيخوخة أطول، وهذه مسألة مهمة يجب تسليط الضوء عليها لأنها تخص كل واحد فينا إن كان كبيرا في السن أو لديه أب أو أم في سن الشيخوخة يحتاج الى رعاية.

إن التغييرات الاجتماعية التي حدثت على الأسرة أثرت كثيراً على الدور الطبيعي في رعاية المسنين ، فكان الحل في أغلب الأوقات ينحصر بوضع المسن في مأوى العجزة الذي هو في غالب الأحيان عبارة عن سجن مشرعة أبوابه ..

مرة سألتُ عن امرأة عجوز كانت تعمل في احد المطاعم التي كنت أتردد عليها، وكانت تعمل بجد ونشاط من اجل أولادها، فقيل لي لقد وضعها أولادها في دار للمسنين، وعندما سألت عن السبب، جاءني الجواب :

إن  زوجة ابنها لا تريدها في بيتها وكذلك ابنتاها المتزوجتان لاتريدانها معهما ، فأرسلوها إلى دار للمسنين.

فكرتُ قليلاً بمصيرها، فأخذتُ العنوان وذهبتُ لزيارتها وتفاجأتُ في الدار أن الغرفة التي كانت تقيم فيها مع اثنتين يفصل بينهما ستائر ولكل واحدة فيهن سرير ومنضدة عليها مجموعة علب من الأدوية..

وحين رأتني باشرت بالبكاء وشكت بأن أولادها نادرا ما يزورونها فطيبت خاطرها وحاولت التبرير وإيجاد عذر لهم فما وجدت .

لاحظت سوء وتردي الحالة النفسية للمقيمين وإعطاءهم عقاقير خطيرة تعجل في وفاتهم دون موافقتهم ومهما قلنا إن الممرضات هن ملائكة الرحمة لن يكن أبدا أكثر رحمة من الأبناء فالعدل يقتضي سداد الدين، فكما رعى الإباء أولادهم وهم صغار عليهم الاعتناء بهم حين يكبرون.

من حق الكبير في السن العيش في البيت فعاداتنا العربية تذكر أن الكبير في البيت بركة ولا يجب عزله في غرفة مستقلة فهذا يؤثر على صحته النفسية والجسدية وقد علمنا الدين (وبالوالدين إحسانا) أو أكرم أباك وأمك فلا يعني التقدم في العمر التخلي عن استقلال المسن وشكره على ما قدمه لأسرته ومجتمعه.

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

 

لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على الفيسبوك

لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على التويتر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى