مؤتمر المعارضة السورية في الرياض الثلاثاء: مهمة صعبة

ستكون أطياف المعارضة السورية على موعد مع مهمة صعبة في المؤتمر المقرر الثلاثاء في الرياض للتوصل إلى رؤية مشتركة حول مصير الرئيس بشار الأسد في أي مرحلة انتقالية. وهذا ما يعد نقطة الخلاف الرئيسية بين المعنيين في الحرب السورية. وتهدف السعودية من خلال المؤتمر إلى توحيد صفوف المعارضين السياسيين والعسكريين للرئيس الأسد، وذلك قبل الأول من كانون الثاني المقبل وهو الموعد المحدد من قبل الدول الكبرى كهدف لجمع أطراف الصراع في سوريا.

وستدعى الى المؤتمر على الارجح قرابة مئة شخصية أبرزها ممثلون ل” الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة”، و”هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديموقراطي” المقبولة من النظام و”مؤتمر القاهرة” الذي يضم تيارات وشخصيات معارضة من الداخل والخارج. وسينضم إليهم ممثلو فصائل مسلحة غير مصنفة “إرهابية”، ك”الجبهة الجنوبية” المدعومة من الغرب و”جيش الاسلام” ابرز فصائل المعارضة في ريف دمشق. وذكرت صحف سعودية ان دعوة وجهت ايضا الى “حركة احرار الشام”.

وتوصلت دول ابرزها الولايات المتحدة والسعودية الداعمتان للمعارضة، وايران وروسيا المؤيدتان للنظام، في فيينا الشهر الماضي، الى اتفاق لتشكيل حكومة انتقالية خلال ستة اشهر واجراء انتخابات خلال 18 شهرا بمشاركة سوريي الداخل والخارج. ويقول عضو “الائتلاف” سمير نشار ل”وكالة فرانس برس”، ان مؤتمر الرياض سيكون “امام مهمة صعبة محفوفة بالمخاطر”، موضحا أن ابرز اهدافه التوصل الى “موقف مشترك ورؤية سياسية واضحة حول سوريا المستقبل والمرحلة الانتقالية والموقف من بشار الاسد”.

وإزاء “الخلاف الجوهري” حول “دور ومستقبل” الاسد، يتخوف نشار “من ان تطالب بعض الفئات المحسوبة على بعض الدول التي تؤيد النظام السوري، ببقاء بشار الاسد في المرحلة الانتقالية، وهذا يضع المؤتمر امام تحديات خطيرة تؤثر على امكانية نجاحه”. وتطالب المعارضة وداعموها برحيل الاسد، فيما يدعو حلفاؤه لتقرير مصيره من قبل “الشعب السوري”.

خارج المرحلة الانتقالية أم ضمنها؟

وبعد اعوام من التشديد على اولوية رحيل الرئيس بشار الاسد، صدرت أخيرا عن مسؤولين غربيين تصريحات تلمح الى امكان قبول بقائه لمرحلة انتقالية. ورأى هؤلاء ان حل “النزاع” يسهم في القضاء على تنظيم “الدولة الاسلامية في العراق والشام” – “داعش”، الذي تبنى أخيرا هجمات دامية، ابرزها في باريس.

وقال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس في مقابلة نشرت السبت، ان “مكافحة داعش امر حاسم لكنها لن تكون فعالة تماما الا اذا اتحدت كل القوى السورية والاقليمية”. وسأل: “كيف يكون ذلك ممكنا طالما بقي في الرئاسة بشار الاسد الذي ارتكب كل هذه الفظائع ويقف ضده جزء كبير من السكان؟”، مؤكدا ان الوصول الى “سوريا موحدة يتطلب انتقالا سياسيا. هذا لا يعني ان الاسد يجب ان يرحل قبل الانتقال لكن يجب ان تكون هناك ضمانات للمستقبل”.

وكان نظيره الاميركي جون كيري دعا الشهر الماضي الامارات والسعودية الى تشجيع “المعارضة” للموافقة على التفاوض، مؤكدا ان ذلك سيساهم في عزل “داعش”. الا ان المعارضة المدعومة من الغرب، تتمسك بمبدأ رحيل الرئيس السوري. ويقول عضو الائتلاف احمد رمضان: “المعارضة متشبثة برحيل الاسد مع بداية الفترة الانتقالية، لا يمكن بدء تفاوض الا اذا اتفقنا على مبدأ رحيل الاسد ومتى يرحل الاسد”. ويؤكد نشار ان الجميع يريد وقف القتل في سوريا “لكن هذا لا يعني ان نقبل ببشار الاسد في المرحلة الانتقالية اذا توقف عن القتل”.

في المقابل، دعا مسؤولون في “معارضة” الداخل الى ترك مصير الاسد للسوريين. وقال رئيس “هيئة التنسيق” حسن عبد العظيم لـ”فرانس برس” بعيد تلقيه دعوة للمشاركة في المؤتمر: “في ما يتعلق بالرئيس بشار الاسد، هناك نوع من التوافق الدولي على ان هذا موضوع يقرره السوريون”.

واستثني من الدعوة الى المؤتمر المقاتلون الاكراد وعلى رأسهم وحدات “حماية الشعب”، احدى اكثر القوة فاعلية ضد “الجهاديين”. وقال مسؤولون في “الائتلاف” ومقره اسطنبول، انه تحفظ على مشاركة الوحدات لأنها “لم تقاتل قوات النظام”. ويرفض الأكراد الذين تجمعهم علاقة متوترة بتركيا، هذا الاتهام.

وشهدت المعارضة خلال الأعوام الماضية تجاذبات نفوذ بين دول داعمة لها، خصوصا السعودية وقطر وتركيا، ما انعكس صراعا على السلطة وخلافات بين مختلف مكوناتها.

دفع سعودي لمعارضة موحدة

الا ان السعودية تدفع من خلال المؤتمر باتجاه توحيد صفوف المعارضة وهو ما أكد وزير الخارجية السعودية عادل الجبير انه ضروري لتؤدي المعارضة “دورا اكثر فاعلية في المحادثات”. ويقول المحلل السياسي السعودي جمال خاشقجي ان الرياض تريد الوصول الى “معارضة سورية موحدة، والحؤول دون ادعاء الروس وغيرهم الا وجود” لمعارضة كهذه. واعتبر خاشقجي ان تحقيق ذلك “سيسهل عملية التخلص من الاسد”. ورغم توقعه “وجود خلافات” خلال المؤتمر، اكد ان “معظم الوفود تتفق على امر واحد: يريدون خروج بشار”.

وحتى في حال نجاح المؤتمر، لا يخفي معارضون عدم تفاؤلهم بالتوصل الى حل بين طرفي الصراع، خصوصا بعدما فشلت مفاوضات مماثلة في تحقيق تقدم. ويقول رمضان ان “المشكلة هي في ما بعد (مؤتمر) الرياض. لا يتوفر حتى الآن شريك سياسي في سوريا يمكن ان يدخل عملية سياسية تفضي الى مرحلة انتقالية”. ويتابع “الجو الدولي قد لا يبدو بعد مهيأ لفكرة الحل السياسي في سوريا”.

صحيفة السفير اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى