ماذا يريد السوريون من مجلس الشعب الجديد ؟؟
تم إنجاز الإنتخابات التشريعية في سورية وبتنا أمام مجلس شعب جديد أنتخب بينما المجتمع منهمك بالإستجابة لوباء كورونا. والشعب يعاني من الصعوبات الإقتصادية الناتجة عن الحصار الغربي وذروته قانون قيصر، إضافة لما يخلقه الفساد المستشري في مفاصل المجتمع و الحكومة مع ضعف في الأداء الحكومي وعجز ناتج عن قصور في الكفاءة…. وهكذا فإن مجلس الشعب الجديد، الذي أنتخب في هذه البيئة و مفاعيلها، لابد أن يجد نفسه بمواجهة كل ذلك كتحديات أمامه وكمهام عليه الخوض فيها والعمل على معالجتها وفاءً لأصل تكليفه من قبل الشعب.
في عملية تتبع ما الذي يريده السوريون من هذا المجلس الجديد فإن كثيرين يرون أن هذا المجلس لا يختلف كثيراً عما سبقه من مجالس رغم محاولة الرئاسة الدفع لرفع مستوى تمثيل المرشحين من قبل الحزب، عبر الإستئناس الحزبي، وإعادته في أكثر من مكان للوصول إلى مرشحين قادرين وأكثر فاعلية. وفي كل الأحوال، فإذا لم يكن هذا المجلس محققاً لرؤية السوريين بشكل كامل، فإنه ربما يحمل تغييراً في بعض الأشخاص المؤمل أن يكونوا فاعلين، وربما في إستراتيجية عمله المتجددة ، التي يستشف أن الرئاسة تدفع بإتجاهها، ضمن إستراتيجية تجديد شاملة للدولة السورية لمواجهة مرحلة ما بعد الحرب..
و قبل أن نبحث بما يريده السوريون من مجلس الشعب الجديد يمكننا أن نبدأ بما لا يريده الشعب من هذا المجلس، كمقدمة لطرح المطلوب منه.. وكما أرى لا يراد من هذا المجلس أن يتحول إلى منصة لممارسة الإستعراض السياسي أو الإقتصادي.. ولا يريد الشعب من المجلس أن يتحول إلى تأشيرة مرور لهذا النائب أو ذاك لتحقيق مصالح خاصة أومكاسب من هذه الجهة الحكومية أو تلك . لا يريد الشعب من المجلس أن يكتفي بالخطابات والإنتقادات أو المجاملات والإنتهازيات. لا يريد الشعب من المجلس أن يكون صورة تسئ لحقيقة سورية الثقافية والفكرية والحضارية كما ظهر في أداء بعض النواب الجهلة الأميين من المجلس السابق…
أما ما يريده الشعب من المجلس الجديد كما أرى، فيمكن أن يكون عنوانه ما قاله رجل بعد خروجه من الإدلاء بصوته: (بدنا من النواب الجدد، يخافوا الله بها الشعب، ويحكموا ضميرهن بخدمة هالبلد.. لأنه سورية أكبر من الكل، وبتستحق كل الخير، لأنها بلد الخير ) هكذا يصبح أمام مجلس الشعب الجديد، مهام سيحاسب عليها وفق معيار يعتبر أن هذا البلد و شعبه يستحق كل الخير , لأنه أصل الخير . . . و هو البلد الذي هزم الإرهاب متمسكاً بهويته الوطنية الحضارية.. و إذا حاولنا ترجمة الخير المطلوب من مجلس الشعب الجديد، فيمكن أن نقول : أولاً أن يكون هذا المجلس مؤسسة فاعلة بحق، و ذات جدوى في إطار مهامه التشريعية والرقابية والتحفيزية، و خاصة التحفيزية لأن هذه الوظيفة المضمرة في أصل العمل النيابي تغيب عن الحضورويتم تجاهلها بالرغم من أن أساس العمل النيابي الممثل للشعب يتضمن في تضاعيف التشريع و الرقابة على الأداء، طاقة تحفيز يمكن تطويرها لتكون في خدمة المصالح الوطنية العليا خاصة في هذه المرحلة الحاسمة من توجه الدولة نحو إستعادة العافية وتجاوز كل المخاطر والتهديدات . و ثانياً فإن المطلوب من الجلس الجديد كمؤسسة فاعلة، العمل و الحرص على تحقيق أفضل إستجابة حكومية و مجتمعية للتهديدات الملحة مثل وباء كورونا، أو الحصار الإقتصادي، أو تحقيق مستوى معقول من الحياة الكريمة للشعب.. ثالثاً، المطلوب من مجلس الشعب الجديد أن يعمل على إحياء وتنشيط الجوامع الوطنية الأصيلة للشعب السوري بكل أطيافه ومكوناته، بحيث ينتج هذا المجلس ما يمكن أن يكون الجامع الوطني المتجدد حضارياً لأن الشعب السوري لا يمكن أن يحيا إلا بوحدته عبر التفاعل الحي لتعدديته الغنية المتناغمة.. رابعاً، مطلوب من المجلس، ضمن إنخراطه في إستراتيجيه تقوية الدولة المتجددة، إنجاز كل ما يحقق محاربة الفساد والفشل بكل أشكالهما.. خامساً، على المجلس الجديد أن يبلور من خلال عمله مشروع سورية المتجددة القادرة على الإرتقاء الشامل لتحقيق مستوى أعلى من العدل والمواطنة والمشاركة السياسية…
كل خطوة جديدة تنعش أملاً لدى السوريين، رغم أن تخوفهم بأن يكون هذا المجلس كسابقيه موجودة. و لكن الأمل المحفز على العمل جزء أساسي من الهوية الوطنية الحضارية السورية. لذلك يأمل السوريون أن يكون مجلس الشعب الجديد جديراً بالثقة والإنتماء إلى هذا الوطن الحضاري الأكبر من الجميع والباقي رغم كل ما يعانيه و يواجهه.
إنه بالفعل وطن الخير ويستحق كل الخير. و هذا إمتحان مجلس الشعب الجديد… فهل ينجح بإثبات هويته الوطنية الحضارية، أم سيكون كسابقيه؟! سنرى !!!
بوابة الشرق