ماذا يعكس كلام سعود الفيصل في بروكسيل عن قوات برية والتعاون مع القوى النظامية في سوريا؟

أثارت كلمة وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل أمام المؤتمر الدولي للدول المشاركة في الائتلاف ضد تنظيم “الدولة الاسلامية”، تساؤلات عن اقراره بأن جهود التصدي للارهاب في سوريا تتطلب وجود قوة قتالية “على الارض”، واعتباره خصوصاً أنه لتحقيق هذه الغاية لا بد من تقوية قوى الاعتدال و”ضمها مع القوات النظامية”. فهل يعكس كلام الوزير السعودي تغييراً في موقف المملكة من الحل الممكن للأزمة السورية أم أنه لا يعدو كونه تكراراً للموقف السعودي، وخصوصاً أن رئيس الديبلوماسية السعودية ربط الاقتراح بإطار هيئة الحكم الانتقالي؟

ومما قاله سعود الفيصل في بروكسيل إن التصدي للارهاب سيستغرق وقتاً طويلاً، ويتطلب جهداً متواصلاً، و”من منطلق حرص المملكة على استمرار تماسك هذا التحالف ونجاح جهوده، فإننا نرى أن هذه الجهود تتطلب وجود قوات قتالية على الأرض”. ولبلوغ هذه الغاية في سوريا، تحدث عن وجوب “تقوية قوى الاعتدال الممثلة في الجيش الحر، وجميع قوى المعارضة المعتدلة الأخرى، والسعي لضمها مع القوات النظامية في إطار هيئة الحكم الانتقالي المنصوص عليها في إعلان جنيف 1، ما عدا من ارتكب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية وتلطخت أيديهم بدماء السوريين الأبرياء”. واعتبر أن من شأن هذا الأمر “توحيد جهود هذه القوات وتسخيرها لتطهير الأراضي السورية من كل التنظيمات الإرهابية التي تحتل ثلث أراضيها”.

وجاء كلام سعود الفيصل في ظل مسعى مبعوث الامم المتحدة الخاص الى سوريا ستيفان دوميستورا لاعادة تحريك الجهود الدولية لحل الازمة السورية، انطلاقاً من اقتراح يشمل خصوصاً “تجميد النزاع” في حلب. كما تزامن مع الجهود الروسية الرامية الى عقد مؤتمر للمصالحة على أرضها يجمع النظام والمعارضة كصيغة بديلة من مؤتمر “جنيف 3”. وفي هذا الاطار، ثمة من رأى في كلام وزير الخارجية السعودي تغييراً ما.

“جديد”

وفي قراءة سريعة لهذا الموقف، قال الكاتب السياسي السعودي خالد الدخيل لـ”النهار” إن الكلام عن ضم القوى النظامية الى قوى المعارضة المعتدلة “جديد وقد يعكس حال المفاوضات الاقليمية والدولية حول المنطقة”. ومع ذلك، لاحظ أن ادراج سعود الفيصل الاقتراح في اطار هيئة الحكم الانتقالي “يحتم التدقيق أكثر في كلامه”.

ومن الواضح أن اثارة سعود الفيصل مسألة هيئة الحكم الانتقالي المنصوص عليها في اعلان “جنيف 1″، تعكس تمسك المملكة بموقفها من النظام السوري، الا أن كلامه لم يخل من مفارقات، وقد أتى بعد زيارة أخيرة له لموسكو.

وفي رأي الباحث الرئيسي في معهد “كارنيغي الشرق الاوسط” يزيد الصايغ ان في موقف سعود الفيصل رسالة مزدوجة. وتساءل: “لماذا يتحدث بهذه الطريقة في هذا الوقت بالذات… هل يلمح الى ضرورة التعاون بين قوى المعارضة والجيش السوري بقيادة النظام ولكن بصيغة ملطفة؟ أم أنه يضع عائقاً أمام هذا الأمر ما دام اشترط حصول ذلك بتأليف حكومة انتقالية ؟”. ومع أنه لا ينأى بالكلام السعودي عن التحركات الاقليمية والدولية في اتجاه الازمة السورية، ولا يستبعد ارتباطاً بينها، لا يعتقد أن التحركات منسقة بالضرورة، “وقد تكون جهوداً جزئية”. ويعزز رأيه بالاشارة الى تراجع الحركة السعودية واكتفائها بمحاربة “الدولة الاسلامية”، وعدم اضطلاعها بدور بارز في العراق، اضافة الى الدور المنعزل الذي تضطلع به ايران في العراق وعدم تطوره الى تعاون مع الائتلاف الدولي.

أما ما يسترعي الانتباه بالنسبة الى الصايغ، فهو اقرار سعود الفيصل بوجوب وجود قوات برية في سوريا، وهو ما يتفق وكلام الرئيس بشار الاسد الذي صرح في حديثه الى مجلة “باري ماتش” بأنه “لا يمكن القضاء على الإرهاب من الجو، ولا يمكن تحقيق نتائج على الأرض إن لم تكن هناك قوّات بريّة ملمّة بتفاصيل جغرافية المناطق وتتحرّك معها في الوقت نفسه”.

وتساءل: “من كان يقصد سعود الفيصل بحديثه عن قوات برية… هل كان يقترح حلاً ويطلب من الاميركيين ايجاد المخرج؟... هو يعرف تماماً أن الاميركيين لن يرسلوا قوات الى الارض”. لكنه استدرك قائلاً: “هل هناك انقلاب في المواقف أم أن كلام سعود الفيصل يبقى مجرد موقف؟”.

هذه الاسئلة التي أثارها كلام الوزير السعودي تبقى كما يقول الصايغ مفتوحة الى حين الحصول على مؤشرات أكثر وضوحاً.

صحيفة النهار اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى