ماذا يعني أن يستقبل لافروف قائديّ حركتيّ “حماس” و”الجهاد الإسلامي” في تحدٍّ للحُكومة الإسرائيليّة
يتوافد قادة حركات المُقاومة الفِلسطينيّة إلى العاصمة الروسيّة الواحد تِلو الآخر، فبعد زيارة السيّد إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسيّ لحركة المُقاومة الإسلاميّة “حماس” ها هو السيّد زياد النخالة، أمين عام حركة الجهاد الإسلامي يحُط الرّحال في موسكو ويلتقي وزير الخارجيّة سيرغي لافروف تلبيةً لدعوةٍ رسميّةٍ، ومن المُتوقّع أن يصل وفد يُمثِّل الجبهة الشعبيّة في الأيّام القليلة المُقبلة.
أسئلةٌ كثيرةٌ تتردّد هذه الأيّام عن أسباب هذه المُبادرة الدبلوماسيّة الروسيّة، وفي مِثل هذا التّوقيت، فهُناك من يُعبِّر عن اعتِقاده بأنّ هذا الحجيج الفِلسطيني إلى العاصمة الروسيّة ربّما يأتي كتمهيدٍ لعقد مُؤتمر سلام، بينما يعتقد البعض الآخر أنّ القِيادة الروسيّة تُريد “احتِضان” الورقة الفِلسطينيّة في ظل حالة الفُتور العربيّ الرسميّ تُجاهها، وتغوّل عمليّات التّطبيع مع دولة الاحتِلال الإسرائيلي.
السيّدة ماريا زاخاروفا قالت لـ”قناة الميادين” إنّ حُكومة بلادها تُخَطِّط لتنظيم عقد مُؤتمر عام للمُصالحة الفِلسطينيّة في موسكو في الأشهر القليلة المُقبلة، بما يؤدّي إلى اتّفاقٍ لتفعيل منظّمة التحرير الفِلسطينيّة وبرنامجها الوطنيّ ما يُمكن استِخلاصه من تصريحات السيّدة زاخاروفا أنّ كُل هذا الحِراك الدبلوماسيّ على الصّعيد الفِلسطيني هو إعادة إحياء المُفاوضات بين السّلطة الفِلسطينيّة ودولة الاحتِلال الإسرائيلي برعايةٍ روسيّةٍ كردٍّ على صفقة القرن التي رفَضتها القِيادة الروسيّة.
أن يلتقي مسؤولون روس وقادة فصائل فِلسطينيّة مُمثّلةً في منظّمة التّحرير ومؤسّسات السّلطة، فهذا لا يُمثِّل أيّ جديد، لكن أن يلتقوا قادة حركتيّ “حماس” و”الجهاد الإسلامي” فهذا تطوّرٌ يعني أن القِيادة الروسيّة تُريد أن تبعث برسالةٍ إلى تل أبيب تقول إنّها لا تخضع لشُروط الأخيرة ومعاييرها، وتتعاطى مع المِلف الفِلسطيني من رؤيةٍ مُستقلّةٍ تَعكِس المصالح الروسيّة في مِنطقة الشرق الأوسط برمّتها.
من هذا المُنطلق لا نعتقد أن هذه القِيادة ستُعير الاحتِجاج الإسرائيلي شديد اللّهجة على زيارة السيد النخالة والوفد المُرافق له، ولقائه مع الوزير لافروف في مقر وزارة الخارجيّة أيّ اهتمامٍ يُذكَر، ولا بُد من تذكير بنيامين نِتنياهو أنّه يُخاطب دولةً عُظمى.
سعي الحكومة الروسيّة لعقد مؤتمر مُصالحة فِلسطينيّة في عاصمتها، وبرعاية وزارة الخارجيّة فيها، وبحُضور حركة “الجهاد الإسلامي” المُصنّفة على قائمة الإرهاب الإسرائيليّة والأمريكية، يُشكِّل صفعةً قويّةً لمُعظم الحُكومات العربيّة التي فشِلَت في هذا الميدان، والأخطر من ذلك الانخِراط في عمليّات التّطبيع مع دولة الاحتلال، إطلاق جُيوشها الإلكترونيّة للتّطاول على فصائل المُقاومة والشّعب الفِلسطيني وقضيّته.
حركة “الجهاد الإسلامي” وصَلت إلى موسكو وحظيت بفرش السجّاد الأحمر لأمينها العام والوفد المُرافق له، لأنّها باتت تُشَكِّل أحد أبرز رؤوس حِراب المُقاومة للاحتِلال الإسرائيلي، وتحتل مكانةً بارزةً في محور المُقاومة، وتملك مِنصّات وصلت صواريخها الدّقيقة إلى مطار تل أبيب، وأحدثت حالةً من الشّلل في نِصف المُجتمع الإسرائيليّ في جوَلات المعارك الأخيرة.
إنّ أيّ مُصالحة فِلسطينيّة سواءً كانت في موسكو أو أيّ عاصمة أُخرى يجب أن تقوم على أرضيّة المُقاومة وليس المُفاوضات، لأنّ هذه هي اللّغة الوحيدة التي تفهمها الحُكومات الإسرائيليّة، فتجربة المُفاوضات مع هذه الدولة العنصريّة التي استمرّت 26 عامًا، لم تتمخّض إلا عن الخِداع والتّضليل والمزيد من الاستِيطان وضمّ القدس والجولان، وتكلّلت بصفقة القرن، والمَأمول أن تضع القِيادة الروسيّة هذه الحقيقة في اعتِبارها وهي تَعكِف على إعداد مُبادراتها الدبلوماسيّة في هذا الإطار.
صحيفة رأي اليوم الالكترونية