ماذا يعني تبنّي “سرايا القدس” الجناح العسكري ” لعمليّة “قبْر يوسف” في نابلس
إعلان سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي تبنّيها لعمليّة إطلاق النّار التي استهدفت موكبًا للمُستوطنين الإسرائيليين لزيارة “قبْر يوسف” في مدينة نابلس بحماية الجيش الإسرائيلي يعكس مُؤشّرات على درجةٍ كبيرة من الأهميّة أبرزها تصاعد مكانة الحركة في الضفّة الغربيّة، وبدئها تنفيذ عمليّات عسكريّة مُكثّفة وقاتلة للاحتِلال الإسرائيلي في مُختلف مناطقها، وخاصَّةً في مدينة نابلس جبل النّار التي كانت عاصمةً رئيسيّة لكوادر حركة “فتح”، ومدينة جنين مثلها.
كان لافتًا أن البيان الذي صدر عن “كتيبة نابلس” في السّرايا أكّد أن مُقاتليها تمكّنوا من نصب كمائن لقوّات الجيش الإسرائيلي والمُستوطنين، أطلقوا عليها نارًا كثيفًا ممّا أدّى إلى إصابةِ قائدٍ كبير وثلاثة مُستوطنين، وهذا يعني امتِلاك هذه الخليّة أسلحةً ناريّةً أوّلًا، وقُدرة عالية على التّخطيط والمُواجهة ثانيًا.
مصدرٌ كبير في حركة الجهاد الإسلامي التقينا به في بيروت أكّد لنا أنّ الضفّة الغربيّة ستشهد في الأسابيع والأشهر القادمة مجموعةً من العمليّات الهُجوميّة التي تستهدف قوّات الاحتِلال ومُستوطنيها، وأنّ هُناك تنسيقًا كبيرًا بين قيادة “سرايا الجهاد” الميدانيّة ونُظرائهم في كتائب “شُهداء الأقصى” الفتحاويّة التي بدأت تعود إلى ساحة المُقاومة الداخليّة بقُوّةٍ، وأنّ هذا التّنسيق شمل الدّعم بالأسلحة والتّدريب والمال في مُعظم الحالات.
وكشف المصدر الكبير نفسه أنّ حركة “الجِهاد” باتت تحتلّ مكانةً عاليةً جدًّا لدى قِيادات محور المُقاومة في سورية ولبنان، وفي المُخيّمات الفِلسطينيّة فيهما أيضًا، حتى أنّ الرئيس السوري بشار الأسد حرص على أن يكون السيّد زياد النخالة أمين عام الحركة رئيسًا لوفد فصائل المُقاومة الذي استقبله في القصر الجمهوري في دِمشق قبل بضعة أسابيع.
تصاعد عمليّات المُقاومة ضدّ قوّات الاحتِلال ومُستوطنيه في الأسابيع الأخيرة في جنين والآن نابلس، جبل النّار، بات يُشَكِّل صُداعًا مُزمِنًا لقوّات الأمن الإسرائيليّة، لأنّ استِخدام السّلاح فيها يعني أنّ مرحلة استخدام الطّعن بالسّكاكين، أو الدّهس، باتت في طريقها إلى الانقِراض بشَكلٍ مُتسارع، وكشفت مصادر في بيروت تدرس هذه الظّاهرة الجديدة عن قُرب عن وجود “ورش” ومخارط” في الضفّة الغربيّة تقوم بتصنيع البنادق، والرّصاص، مُضافًا إلى ذلك أن عمليّات التّهريب عبر الحُدود الأردنيّة، وخاصَّةً مع سورية، باتت في تصاعدٍ مُتزايد، جنبًا إلى جنبٍ مع تهريب المُخدّرات.
استئناف كتائب شُهداء الأقصى الفتحاويّة التي تُجَسِّد الجيل الجديد الشّاب المُتَمَرِّد على السّلطة في رام الله، وتنسيقها مع حركات المُقاومة، وخاصَّةً “الجهاد الإسلامي”، ربّما يكون أحد أبرز عناوين المرحلة المُقبلة سواءً في الضفّة الغربيّة أو قِطاع غزّة، ولعلّ العمليّات الفدائيّة الأربع في تل أبيب والخضيرة وبئر السبع التي أسفرت عن مقتل أكثر من 14 إسرائيليًّا هي مُقدّمة لهذه المرحلة، وقواعد الاشتِباك الجديدة، خاصَّةً بعد تزايد الاقتحامات للقدس المُحتلّة، ومُقدّساتها الدينيّة الإسلاميّة والمسيحيّة، وتراجع مكانة السّلطة الفِلسطينيّة ودورها في ظِل مرض رئيسها وعدم وجود بديل يحظى بالإجماع أو حتى التّوافق في ظِل الصّراع على السّلطة بين قادة الصّف الأوّل.
الانتفاضة المُسلّحة الثانية انطلقت شراراتها من جنين ونابلس، وقريبًا جدًّا في الخليل وطولكرم وباقي المُدُن المُحتلّة الأُخرى، وستجعل من الاحتِلال باهظ التّكاليف.. والأيّام بيننا.