نوافذ

ما الأنسب؟!

اليمامة كوسى

كمن تحاول أن تجدَ الفستان الأنسب لحضور حفلةٍ ما، أخذتُ أجرّبُ المواضيع التي أنوي الكتابة عنها الواحدة تلو الأخرى دون أن أجد ضالتي، كانت جميعها جذّابةً في بادئ الأمر إلّا أنّ بريقها كان يخفتُ بعد لحظات.

المزركشةُ منها ذاتُ الألوان الصيفيّة الساطعة بدت لي غير مريحة للنظر ومبتهجة فوق العادة، أمّا الكئيبةُ ذات الألوان الداكنة كانت واقعيّة بشكل مبالغ فيه وخشيتُ أن تمتصّ طاقة الأمكنة والأشخاص والأشياء من حولي بلا فائدة تُذكَر، أمّا الجريئةُ ذات الشفّافيّة العالية فقد بدت لي خياراً يحملُ مخاطرة كبيرة سيكون من الأفضل تجنّبها.

بقيتُ أجرّبُ الكثير من الخيارات دون جدوى إلى أن استسلمتُ لحقيقةِ أنَّ مهمّة اختيار الأنسب ليست بالمهمّة السهلة على الإطلاق فأنا لا أعرف شيئاً عن الحفلة التي سأحضرها، لا أعرف على شرف مَن ستُقام ولا المناسبة التي سيحتفلون بها، لا أعرف مَن سيكون مدعوّاً، وفيما إذا كانوا أصدقاء أم زملاء عمل أم غرباء، لا أعرفُ إن كان هناك ثمنٌ ينبغي دفعهُ كتعرفة دخول، وفي حال وجوب ذلك لا أعرف إن كان ذلك الثمنُ سيكون باهظاً أم مقبولاً.

شغلتني أيضاً تساؤلات حول طبيعة الطعام والشراب الذي سيُقدّم، هل سيكون لذيذاً؟ وهل سأجد ضمنه خيارات تناسب ذوقي؟

وماذا عن الموسيقى؛ هل ستكون صاخبة أم كلاسيكيّة كما أحبّ؟ أم لن يكون هناك موسيقى من الأساس؟

في زحامِ تلك ال “لا أعرف” تذكّرتُ عبارةً لتولستوي تقول: الطرقات مضاءة بشكل جيّد، لكنّ الجميع تائه. وبعيداً عن كوني أختلف معه في حقيقة الإضاءات الطرقيّة ومدى جودتها أو حتّى توفّرها؛ إلّا أنني أجد بأنّ التّيه هو المفردة الأنسب والأكثر إنصافاً لحال المرء عندما يكون مُحاطاَ بالضباب من كلّ جانب ومُجبراً على السّير في ذاتِ الوقت، فلا هو متأكّدٌ مّما يراه ولا إلى أين سيصل، ولا هو يملكُ رفاهيّة الجلوس جانباً.

استغرقتُ في كلّ ذلك وفاتني سؤال هامّ، ماذا لو لم أكن على لائحةِ المدعوّين وذهبَت كلّ محاولاتي في اختيار الأنسب سُدىً؟!

تمنّيتُ لو أنّ أحداً يعرف تفاصيلاً عن تلك الحفلة فيشرحُ لي عنها ويساعدني في الاختيار فيقلّل من مشقّة ضياعي في طرقات كثيرة قبل أن أُقرّر الحضور أو الغياب.

وبما أنّني لا أجد ذلكَ العارف الآن؛ عليّ أن أختار بمفردي كما اقتضت العادة، إلّا أنّ الأمر الوحيد المختلف هو ارتياحي المطلق لفكرة عدم التمسّك بإكمال الحفلة حتى نهايتها، فما المانع في أن يمرّ المرء بتجربة المغادرة من منتصف الطرق طالما أنها لا تعجبه؟!

بوابة الشرق الأوسط الجديدة

 

لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على الفيسبوك

لزيارة موقع بوابة الشرق الاوسط الجديدة على التويتر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى