ما الذي يجري في التلفزيون السوري؟
تشكلت حكومة المهندس عماد خميس قبل عيد الفطر الماضي لتثير مجموعة أسئلة على مستوى السياسة الحكومية السورية إثر مجموعة تشابكات بين الحرب والاقتصاد والحصار انعكست سلبيا على المواطن السوري، وجعلت مجلس الشعب في جلساته الأولى من الدور الثاني يرفع الصوت عالياً أمام القرارات الأخيرة لرفع الأسعار التي اتخذتها حكومة الدكتور وائل الحلقي.
ومن بين القضايا التي أثارتها مرحلة الإقلاع للحكومة الجديدة قضية الإعلام السوري ودوره وطبيعة أدائه التي أخذت حيزاً مهما من حديث السيد رئيس الجمهورية أمام الجلسة الأولى التي تلت أداء القسم الدستوري للوزراء.
وبيّن عيد الفطر وعيد الأضحى انتظر المهتمون بالإعلام طويلا قرارات تحمل شيئاً من الأمل إلى أن شرع وزير الإعلام الجديد المهندس محمد رامز ترجمان بطرح أجندة التغييرات التي يراها مناسبة في البنية الإدارية، وهو الذي تعايش طويلاً مع الإعلام لكونه كان مديراً عاماً للإذاعة والتلفزيون منذ أكثر من ثلاث سنوات، وموظفا فيها لأكثر من ربع قرن..
كان العنوان الأول في أجندة وزير الإعلام الجديد: اختيار المدير العام الجديد الذي سيحل محله في الإذاعة والتلفزيون، ووقع الاختيار على الصحفي عماد سارة بعد أخذ ورد في إشاعات أقحمت فيها أسماء كثيرة.
وعماد سارة تدرج في مهنة الصحافة بين العمل في الصحافة المكتوبة كمراسل والعمل في الصحافة المرئية في إعداد البرامج السياسية كبرنامج (الساعة الخامسة والعشرون) ثم كمدير للأخبار في تلفزيون الدنيا، ثم جاءت مرحلة توليه منصب مدير الإخبارية السورية التي كان يديرها الدكتور فؤاد شربجي بعد مرحلة التأسيس وفي غضون اندلاع الأحداث الداخلية في سورية بعد ربيع عام 2011، وقد أهلت هذه المرحلة عماد سارة ليصبح مديرا عاماً كتب عنه بأنه المدير العام الثالث والثلاثون.
هذه المرة، استبق الوزير ترجمان عطلة عيد الأضحى، أي بعد أكثر من شهرين على توليه منصب الوزير، بطرح أجندته المتعلقة بتغييرات شاملة في التلفزيون العربي السوري تطرح مجموعة من التساؤلات المهمة، وفي قراراته الأخيرة ما يشير إلى أجندة خاصة ينبغي التقصي عن ملامحها، ويمكن فهمها على أساس أنها بداية مرحلة جديدة لوزير جديد ومدير عام جديد، وطواقم عمل جديدة!.
شملت التغييرات أهم المفاصل الإدارية في التلفزيون، بدءا من مدير إدارة التلفزيون ووصولا إلى المديرية (الإستراتيجية) المهمشة التي يطلق عليها «الإعلام التنموي»!، وفي القرارات: حل المذيع موسى عبد النور الذي كان مديرا لإذاعة صوت الشعب عدة سنوات، ثم تولى منصب مدير الإذاعة قبل أيام، حل محل المهندس نضال يوسف الذي توقع له كثيرون موقعا مهما في الإعلام السوري لم يكشف عنه بعد!
ومع تغير مدير إدارة التلفزيون كرت حبات السبحة، فتولى الصحفي هيثم حسن مكان الصحفي خالد مجر مدير الفضائية السورية، وهيثم حسن كان معدا لعدة برامج تلفزيونية من بينها «الجهة الخامسة خبايا السياسة ومن الآخر إضافة إلى برنامج قيد الإرسال على قناة تلاقي».. تولى هيثم حسن إدارة الفضائية وذهب خالد مجر إلى بيته الأصلي الصحافة المكتوبة، «كان صحفيا في صحيفة الثورة»، ولكنه في الصحافة المكتوبة أصبح مديراً عاماً لمؤسسة الوحدة للطباعة والنشر التي تصدر عنها صحيفتا الثورة وتشرين.
وكما هو معروف تحتل الفضائية السورية مكانة مهمة بين الفضائيات العربية منذ دخول التلفزيون السوري نادي البارابول «الفضائيات العربي»، وتدرج في إدارتها عادل يازجي وعلاء نعمة ومروان ناصح وسعد القاسم وأحمد الحاج عمر وسمر شمة وصولا إلى خالد مجر الذي أخلى المكان أخيراً للصحفي هيثم حسن!كانت التغييرات قد بدأت في القناة الإخبارية السورية، بعد ملء الفراغ الذي تركه عماد سارة سريعا ما سده الصحفي معد عيسى وهو من الصحفيين الاقتصاديين في صحيفة الثورة وعمل في تلفزيون الدنيا والأخبارية السورية في المجال نفسه..
أما القناة الأولى فقد غادرتها المذيعة عزة الشرع، وهي واحدة من المذيعات الشهيرات وتعود شهرتها إلى بدايات الثمانينيات حيث كان التلفزيون عبارة عن قناة واحدة كان يديرها «المعارض السوري حالياً» رياض نعسان آغا.
تولت الصحفية صفية السعود مكان عزة الشرع، وسعود هي معدة برنامج نصف الحقيقة الذي أثار لغطا في الشهور الأخيرة في آلية التعاطي الإعلامي على صعيد مكافحة الفساد التي اشتغل عليها الوزير ترجمان بأدوات تقنية جعلت الفكرة تتراجع سريعا للمخاطر التي أنتجتها على صعيد تداخلات عمليات الفساد وخاصة في ظروف الحرب.
تولى الصحفي بشار حجلي مكان صفية السعود، وبشار ناشط إعلامي إذا صحت التسمية احتضنته صحيفة الثورة بخبراته المعروفة في التحقيقات والكتابات الأخرى وقد اشتغل معدا في القناة الأولى للتلفزيون في الآونة الأخيرة.
مرت القناة الأولى بمراحل مهمة في تطورها، وواقعيا كانت هي التلفزيون العربي السوري الرسمي، ومر على إدارتها أسماء معروفة كان من بينها رياض نعسان آغا والدكتور فؤاد شربجي وعبد القادر قصاب وتوفيق أحمد وسعد القاسم وعقبة الناعم ونضال زغبور.
وفي القرارات الأخيرة، أعطي الصحفي نضال بركات مهمة مدير المراكز في التلفزيون وهي مديرية تتبع لها مجموعة المراكز التلفزيونية في المحافظات السورية، وكان المهندس نضال يوسف أحد مدرائها إضافة إلى المهندس عماد علي وقد حل نضال بركات مكان مديرها الحالي نايف عبيدات، ونضال بركات عمل ردحا طويلا في الإعلام بين إذاعة دمشق والمركز الأخباري في التلفزيون، وقد ورد اسمه في كثير من التوقعات المتعلقة بتغييرات الإذاعة والتلفزيون.
أما المركز الإخباري، وهو واحد من أهم المديريات التابعة للتلفزيون، فقد تولى مديره حبيب سلمان منصب معاون المدير العام، أي أنه أخلى مكانه إلى أحد الصحفيين العاملين في المركز وهو الصحفي وسام داؤود من المحررين المشرفين على نشرات الأخبار وكاتب افتتاحيات هذه النشرات، وكان المركز الإخباري من المديريات الساخنة طيلة سنوات الحرب، وخاض مع الإخبارية السورية معركة التغطية في تنافس واضح. والطريف ما نقل عن وسام داؤود عشية توليه هذا المنصب حيث قال إن الجندي المثابر في لعبة الشطرنج يمكن أن يتحول إلى وزير!
أما السيدة عبير جمعة، وهي العنصر النسائي الثاني في التغييرات، فقد تولت منصب مدير العلاقات العامة بدلا من السيدة نواعم سلمان، وعرفت عبير من قبل بعملها على هذا الصعيد عندما تولت هذا العمل في تلفزيون الدنيا في مرحلة التأسيس، ثم انتقلت إلى الإخبارية السورية عندما كان مديرها عماد سارة.
بقيت قناة نور الشام دون تغييرات، حيث ظل المذيع مخلص الورار مديرا لها بعد وفاة المذيع علاء الدين الأيوبي، كما ظلت المذيعة رائدة وقاف مديرة لقناة سورية دراما علما أن إشاعات كثيرة انتشرت عن احتمال توليها إدارة المركز الإخباري..
إن القرارات الأخيرة تفتح مجالا واسعا للحديث عن مستقبل الإعلام بشكل عام والمآخذ عليه، وعن دوره خلال الحرب وما يعول عليه في المرحلة الحالية، وعن علاقة ذلك بالمرسوم الذي صدر أخيراً بإلغاء المجلس الوطني للإعلام والمرحلة القادمة التي يتجه نحوها الإعلام..
ومثل هذا الحديث يمتد للحديث عن أداء مجموعة الأقنية في التلفزيون العربي السوري وهوية كل منها وعن مشكلة قناة تلاقي ومستقبل القناة الأولى الأرضية وفكرة دمجها مع القناة التربوية التي يبدو أنها شقت طريقا تربويا خاصا بها..
كما يمتد ليصل إلى أداء الإذاعات العاملة بمجموعها في الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون والإعلام الخاص..
ولكل هذه الموضوعات حديث آخر لاحق!
صحيفة الوطن السورية