تحليلات سياسيةسلايد

ما العلاقة بين اغتيال موسوي والسنوار وهل يسير على خطى نصر الله؟

منذ السبت الماضي، الـ30 من شهر نيسان (أبريل) الفائت، أيْ قبل ثمانية أيّامٍ، عندما ألقى قائد حماس في غزّة “خطاب الفؤوس”، كما بات الإعلام العبريّ يُسّمي خطاب يحيى السنوار، تمكّن القائد الفلسطينيّ من الدخول إلى بيوت جميع الإسرائيليين في دولة الاحتلال. وسائل الإعلام العبريّة على مُختلف مشاربها خصصت وما زالت تُخصص حصّة الأسد لسبر غور الأسير المُحرّر في صفقة (شاليط) عام 2011، يحيى السنوار، والذي قضى في السجون الإسرائيليّة حوالي 23 عامًا.

هل الصراخ على قدّ الوجع؟ الإعلام العبريّ مدعومًا من المؤسستيْن السياسيّة والأمنيّة يُشيطِن السنوار.

بطبيعة الحال، دأب الإعلام العبريّ على شيطنة السنوار ونعته بأقذع الألقاب منها، على سبيل الذكر لا الحصر، الوحشيّة المُفرطة، وأنّه قام بقتل العملاء الفلسطينيين بطريقةٍ مروّعةٍ، وذكرت القناة الـ12 أنّه قتل بنفسه 22 عميلاً فلسطينيًا.

هذا وارتفعت وتيرة التحريض ضدّه بعد عملية (إلعاد) يوم أوّل من أمس الخميس، والتي أسفرت عن مقتل ثلاثة إسرائيليين وإصابة آخرين بجراحٍ بالغةٍ، وحتى كتابة هذه السطور لم تتمكّن قوّات الأمن الإسرائيليّة من اعتقال مُنفذيْ العملية وهما، بحسب شرطة الاحتلال: أسعد يوسف الرفاعي (19 عامًا) وصبحي عماد أبو شقير (20 عامًا)، وكلاهما من قرية رمانة في محافظة جنين في شمال الضفة الغربية المحتلة.

وعلى الرغم من وجود أمر حظر نشر من الرقابة العسكريّة حول التحقيق في العملية، نشرت الأجهزة الأمنيّة الإسرائيليّة مساء أمس تفاصيل جديدة عن العملية، منها أنّ المنّفذين اجتازا الخطّ الأخضر من فتحة في الجدار في منطقة الرنتيس، وأنّهم كانا على اتصالٍ، قبل تجاوزهم الجدار، مع أحد قتلى العملية، أورين بن يفتاح من سُكّان مدينة اللد، الذي نقلهما إلى إلعاد، قبل أنْ يقتلاه.

والسؤال الذي بات يُسيطِر على الأجندة الإسرائيليّة: هل يحيى السنوار يسير على خطى حسن نصر الله؟ وهل يجِب تصفيته؟ على هذا السؤال ردّ النائب عن حزب (ليكود)، آفي ديختر، والذي كان وزيرًا وشغل في الماضي منصب رئيس جهاز الأمن العّام (الشاباك)، ردّ في حديثٍ أدلى به للقناة الـ12 بالتلفزيون العبريّ، حيث قال إنّ أحداث الأقصى الأخيرة كشفت ورقة التوت إذْ أنّ إسرائيل أكّدت ضعفها ووهنها بشكلٍ لا يُمكِن أنْ نتقبّله.

إسرائيل قامت في العام 1992 باغتيال عبّاس موسوي، الأمين العّام السابِق لحزب الله، وتعرّضت لإعمالٍ إرهابيّةٍ في (بوينس آيرس) بالأرجنتين، أدّت لقتل وجرح المئات من اليهود، على حدّ تعبيره.

ديختر أضاف أنّه بالإضافة إلى التفجيرات في بوينس أبريس، كان خليفة موسوي، حسن نصر الله، الذي يُعتبَر بحسبه، أكثر تطرّفًا، كما قال. ديختر لم يؤيّد تصفية السنوار، لكنّه استدرك قائلاً إنّ اغتيال قائد حماس في غزّة يجِب أنْ يكون جزءًا من عمليةٍ كبيرةٍ، لافِتًا في ذات الوقت إلى أنّ إسرائيل وصلت إلى طريقٍ مسدودٍ والحلّ الأمثل، بحسب ديختر، إعادة احتلال غزّة، وفق ما أكّده للتلفزيون العبريّ.

جديرٌ بالذكر أنّ ديختر كان قد قال للتلفزيون الإسرائيليّ خلال عملية (حارس الأسوار)، في معرِض ردّه على سؤالٍ حول القائد العسكريّ لكتائب القسّام، محمد ضيف: “كلّ كلب يبجي يومه”.

في السياق عينه، رأى المُستشرِق الإسرائيليّ، المُختّص بالشأن الفلسطينيّ، د. ميخائيل ميلشتاين، رأى أنّ خطاب السنوار الأخير كشف عن تغييرٍ إستراتيجيٍّ في سياسة (حماس) التقليديّة فيما يتعلّق بـ”عرب إسرائيل” (فلسطينيو الداخل)، وهي السياسة التي وضعها مؤسس (حماس)، الشيخ أحمد ياسين، حيثُ “اعتبر العرب في إسرائيل بمثابة قسمٍ من الشعب الفلسطينيّ، الذي يعيش في ظروفٍ استثنائيّةٍ وحساسّةٍ يجِب أخذها بعين الاعتبار، ولذا يتحتّم أخذ الحيطة والحذر من ضمّهم للنضال المُسلّح ضدّ إسرائيل”، كما قال د. ميلشتاين.

وأضاف المُستشرق د. ميليشتاين، إنّ الهدف من التغيير الإستراتيجيّ الذي أوجده السنوار هو المحافظة على أهّم إنجازٍ خلال عملية (حارس الأسوار) في أيّار (مايو) من العام الفائت، والذي يتجلّى في قدرة (حماس) لتأجيج المشاعر وصّب النار على الزيت في صفوف فلسطينيّ الداخل، وعددهم حوالي المليونيْن، وتحويلهم إلى جبهة مواجهةٍ إضافيّةٍ، على حدّ قوله.

إيهود يعاري، المُختّص بالشؤون العربيّة والمُقرّب من أجهزة المخابرات: “يجِب نسف جو دعم الإرهاب من قبل السلطة الفلسطينية وتأجيج (حماس) للإرهاب”

إلى ذلك، ذكر المختص بالشؤون العربية في موقع “القناة 12” العبرية، المُستشرِق إيهود يعاري أنّ عملية (إلعاد) تثبت مرة أخرى أنّ ما أسماها “المعالجة الموضعية للإرهاب” والعزل على المستوى التكتيكيّ ليسا كافيين، مشددًا على ضرورة أنْ تتقبل إسرائيل حقيقة أنّ عليها بلورة سياسة شاملة، وأنْ تثابر عليها وتوضحها للجميع، ما يعني التعامل مع الظرف المحيط، الذي يحرض ويدعم الإرهاب، لمعالجة الأخطار التي تظهر في جداول الاستخبارات.

وشدّدّ على أنّه لا يوجد خيار آخر، وهو معالجة الجو الذي يشجع على العمليات الإرهابية أكثر أهمية من ملاحقة العمليات الآتية. لافتًا إلى أنّ روتين دعم الإرهاب على المستوى السياسي والإعلامي يفيد على المدى الطويل في ما لا يقل عن النجاحات في الإمساك بمنفذين قبل وبعد عملهم؛ لأن هذا المناخ ينتج الإرهاب، على حد قول المُستشرِق يعاري.

صحيفة رأي اليوم الألكترونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى