ما الهدف من فتح معركة القلمون في هذا التوقيت بالذات؟ (ماهر الخطيب)

 

ماهر الخطيب  

في الوقت الذي يجري فيه الحديث عن التحضيرات لمؤتمر جنيف الثاني، كانت المفاجأة بفتح معركة جبال القلمون من قبل وحدات الجيش السوري، بالرغم من المعلومات التي كانت تتحدث عن أن هذه المعركة لن تفتح في هذا الوقت بسبب المباحثات السياسية القائمة، في حين تستمر العمليات العسكرية بالإعتماد على نظرية القضم القائمة في مختلف المناطق.
على صعيد متصل، كان من اللافت أن التركيز على هذه المعركة جاء بعد الإتصال الذي تلقاه الرئيس السوري بشار الأسد من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وقبل أيام من إستقبال روسيا وفد "الإئتلاف الوطني" المعارض، فما هي أسباب فتح هذه الجبهة؟ وما هي تداعياتها المتوقعة على لبنان؟

ما بين جنيف والقلمون

خلال الأسابيع الأخيرة، تحدثت بعض الأوساط عن أن هناك إتفاقاً روسياً أميركياً على عدم فتح معركة القلمون، نظراً إلى أن هذا الأمر قد يقضي على إحتمالات عقد مؤمر الجنيف الثاني، التي كانت ضعيفة أصلاً بسبب المواقف التي عبّر عنها "الإئتلاف الوطني" المعارض في مناسبة عديدة، لكن هذه المعارك باتت حديث الساعة على أكثر من صعيد.
وفي هذا السياق، يلفت الخبير العسكري العميد الركن المتقاعد أمين حطيط إلى أن القيادة السورية وضعت، في شهر آذار الماضي، "إستراتيجية الأسد" التي حددت سلم الأولويات وفقاً للأهمية والقدرة، والتي تؤشر إلى العمليات العسكرية التي سوف تقع في المناطق المختلفة.
ويرفض العميد حطيط، في حديث لـ"النشرة"، الربط بين المسارين السياسي والعسكري، حيث يؤكد أن القيادة السورية لا توافق على هذا الأمر على الإطلاق، ويذكر بأن الرئيس بشار الأسد أكد أن لا تفاوض مع الإرهابيين في أكثر من مناسبة.
من ناحية أخرى، يعتبر العميد حطيط أن ما يحصل هو رسالة مباشرة إلى القيادة السعودية، ويرى أن إسقاط جبال القلمون يعني إسقاط الدور السعودي في سوريا من الناحية العسكرية، ويشير إلى أن هذا الأمر حصل في السابق مع القطري في معركة القصير.
من وجهة نظر الخبير العسكري العميد المتقاعد وهبي قاطيشا، تأتي هذه المعركة في سياق التحضير لعقد مؤتمر جنيف الثاني، حيث يشير في البداية إلى أهمية هذه المنطقة من الناحية الإستراتجية والعسكرية نظراً إلى قربها من العاصمة دمشق، بالإضافة إلى فدرتها على أن تكون قاعدة إنطلاق لقوات المعارضة المسلحة، ليؤكد أن النظام يعتبر نفسه قادراً على الذهاب بشكل أفضل إلى المؤتمر بعد السيطرة عليها.
من جهة ثانية، يعتبر العميد قاطيشا، في حديث لـ"النشرة"، أن كل التسريبات السابقة التي تحدثت عن أن المعركة الكبرى في هذه المنطقة لن تقع هي جزء من العملية العسكرية نفسها، ويرى أن الهدف منها كان طمأنة المعارضين من أجل الإنقضاض عليهم، ويوضح أن هذا الأمر يحصل دائماً في المعارك العسكرية.

التداعيات الأمنية على لبنان

على صعيد منفصل، يبدو أن تداعيات هذه المعركة على الداخل اللبناني ستكون كبيرة جداً، سواء كان ذلك على الصعيد الأمني أو الإجتماعي من خلال عمليات النزوح التي إرتفعت بشكل كبير في الآونة الأخيرة، والتي من المتوقع أن ترتفع أكثر في الأيام القليلة المقبلة، خصوصاً إلى بلدة عرسال المجاورة.
وفي هذا الإطار، يستبعد العميد حطيط أن يكون هناك تداعيات عسكرية على الداخل اللبناني، لكنه يشير إلى أن الأمنية منها ممكنة، لا سيما في ظل التوقعات بفرار ما بين 5 و7 آلاف مقاتل إلى الأراضي اللبنانية خلال هذه المعركة.
ويلفت العميد حطيط إلى أن هذا الأمر خطير جداً، خصوصاً أن هؤلاء قد يقومون بجرائم فردية كون مشغليهم لن يستمروا بدفع الأموال لهم بعد خروجهم من سوريا، ويعتبر أن هذا الأمر سيشكل كارثة من الناحية الإجتماعية، خصوصاً أن معدلات الجريمة إرتفعت بشكل كبير منذ بدء عمليات النزوح.
من جانبه، يشير العميد قاطيشا إلى أن هناك تداعيات كبيرة على الصعيدين الإجتماعي والعسكري لم يعد لبنان قادراً على تحملها، لا سيما أن سكان هذه المنطقة سيفرون إلى القرى اللبنانية المجاورة لهم، ويعتبر أن من غير المتوقع ما قد يقوم به المسلحون، لكنه يؤكد أن تداعيات عسكرية بمعنى المواجهة بين جيشين أمر مستبعد.
في المحصلة، هناك الكثير من المعطيات التي لا تزال غامضة بالنسبة إلى العمليات العسكرية في هذه المنطقة، وهناك أسئلة تطرح حول ما إذا كانت شاملة أم أن الهدف منها هو محاصرة المسلحين من أجل الضغط عليهم وتوجيه بعض الرسائل السياسية، لكن الأيام المقبلة ستكون بالتأكيد كفيلة بالإجابة عنها.

الالكترونية اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى