تحليلات سياسيةسلايد

ما بعد ضمّ سوريا إلى «التحالف الدولي»: «قسد» لا تخشى «بيعة» أميركية

يكشف احتمال انضمام سوريا إلى «التحالف الدولي» محاولة أميركية لإعادة هندسة الحرب على «الإرهاب»، ولكن مع تثبيت دور «قسد» شريكاً مركزياً لا خصماً.

 

تواصل الولايات المتحدة خطواتها للتقارب مع الحكومة السورية الانتقالية، وفق ما سرى من تقديرات تشير إلى احتمال توقيع الرئيس الانتقالي، أحمد الشرع، قرار الانضمام إلى «التحالف الدولي» لمحاربة تنظيم «داعش» خلال زيارته المنتظرة إلى واشنطن. ومن شأن هذه الخطوة أن تمهّد الطريق أمام إنشاء قاعدة أميركية هي الأولى من نوعها في تاريخ سوريا، في مناطق سيطرة الحكومة، وذلك بغرض أداء أدوار تنسيقية لملاحقة خلايا «داعش» من جهة، ومراقبة الاتفاق الأمني المُرتقب بين سوريا وإسرائيل، من جهة أخرى.

ومع أن ضمّ سوريا إلى التحالف الذي أنشأته الولايات المتحدة لمواجهة الإرهاب في عام 2014، سيضع الحكومة الانتقالية أمام مسؤولياتها في «ملاحقة الإرهاب»، بما في ذلك تنظيمات لا تزال تنشط في إدلب، من مثل تنظيم «حراس الدين»، ومجموعات أخرى من المقاتلين الأجانب الذين لا يزالون يرفضون الانخراط في الواقع المُستجدّ، فقد انشغلت الحكومة عن ذلك باستغلال الإعلان بما يخدم سرديتها حيال «قسد»، ولا سيما أن الأخيرة كانت ولا تزال تمثّل، إلى جانب «جيش سوريا الحرة»، الشريك الرئيس لـ«التحالف الدولي» منذ تأسيسه.

وظهر هذا الاستغلال خصوصاً عبر وسائل الإعلام والمحلّلين المحسوبين على الحكومة، الذين اعتبروا أن التوقيع على الانضمام إلى «التحالف» يعني «بداية النهاية لقسد»، كون الأخيرة ستبدأ في خسارة الدعم الأميركي العسكري والسياسي تدريجيّاً، لمصلحة الحكومة الانتقالية. وفي الاتجاه نفسه، وفيما نفت وزارة الخارجية صحّة التقرير الذي أوردته «رويترز» حول عزم الأميركيين إنشاءَ قاعدة جوية في دمشق، فهي قالت إن «المرحلة الراهنة تشهد تحوّلاً في الموقف الأميركي في اتّجاه التعامل المباشر مع الحكومة السورية المركزية، ودعم جهود توحيد البلاد ورفض أيّ دعوات إلى التقسيم»، مضيفةً أنه «يجري العمل على نقل الشراكات والتفاهمات التي كانت اضطرارية مع أجسام مؤقّتة إلى دمشق، في إطار التنسيق السياسي والعسكري والاقتصادي المشترك».

في المقابل، ركّزت تصريحات مسؤولي «قسد» و«الإدارة الذاتية» ووسائل الإعلام التابعة لهما وتلك المقرّبة منهما، على أن الاتفاق، في حال إتمامه، سيمكّن «قسد» من توسيع مهامّها ضدّ «داعش» على امتداد الجغرافيا السورية، وهو ما تقصد به أن فرقة «مكافحة الإرهاب» التي سيشكّلها الجيش السوري الناشئ ستكون بقيادة «قسد» بعد دمج الأخيرة في بنيته. وكانت «قسد» سرّبت، الأسبوع الماضي، معلومات عن موافقة دمشق على تشكيل الأولى ثلاث فرق عسكرية في الحسكة ودير الزور والفرات (الرقة وعين العرب)، من بينها لواء أو فوج لمكافحة الإرهاب، سيوسّع نشاطه في كامل الأراضي السورية.

وفي هذا الإطار، يرى القيادي الكردي البارز، وعضو الهيئة الرئاسية لـ«حزب الاتحاد الديمقراطي» (pyd)، صالح مسلم، في حديث إلى «الأخبار»، أن «هناك اتفاقاً دوليّاً بعد قمّة شرم الشيخ لتوقيع صفقة وقف إطلاق النار بين الإسرائيليين والفلسطينيين، على محاربة الإرهاب وتنظيم داعش في المنطقة»، مشيراً إلى أن «دعوة الرئيس الانتقالي أحمد الشرع إلى واشنطن، هي لضمّ سوريا رسمياً إلى التحالف الدولي ضدّ الإرهاب». ويصف هذه الخطوة، بـ«الجيدة، التي ستدعم محاربة قسد والإدارة الذاتية للإرهاب طيلة السنوات السابقة»، معتبراً أن «الشراكة بين دمشق وقسد في محاربة الإرهاب ستجعل المهمّة تسير بشكل أفضل».

كذلك، يُتوقّع أن «تكون قسد حجر الزاوية الأساسي للتحالف الدولي في سوريا في مواصلة مهامّ ملاحقة الإرهاب في كل الأراضي السورية»، نافياً أن «تكون الخطوة لاستبدال قسد بالقوات الحكومية». ويقول: «قوات سوريا الديمقراطية لها باع طويل في محاربة تنظيم داعش، وخاضت معارك طويلة وهزمته في الباغوز والرقة ودير الزور ومنبج»، مضيفاً أن «هناك إدراكاً لأهمية هذه الخبرات وضرورة استثمارها في الحرب ضد الإرهاب بعد الانضمام الرسمي لسوريا إلى التحالف». ويعتقد أن «القرار سيؤدي إلى توسيع مهامّ قسد المستقبلية في سوريا»، وأنه «سيكون تأكيداً لموقعها المحوري في الحرب ضدّ الإرهاب»، مستدركاً بأن ذلك «سيحتاج إلى إجراءات أخرى تتعلّق بالاعتراف بالإدارة الذاتية وقسد في إطار تعزيز الموقف السياسي للمنطقة».

صحيفة الأخبار اللبنانية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى