ما هذا البرد في هكذا كون ؟!
أكتب هذه الكلمات وأنا أرتعش من البرد بالرغم من إنني في سريري تحت أغطية كافية … ماذا حدث في الكون كي يتأخر الشتاء حتى أواخر كانون الثاني (يناير) و قد مرّ الخريف وديعا ملاطفا بحرارة معتدلة كأنه الربيع و لم تمطر سوى مرتين برذاذ خفيف …
أقول هذا و أنا أجاهد كي أفكر في أمور أخرى أقرب إلى الذهن و الواقع العربي الأليم فإذا بي لا يشطح تفكيري إلا في فانتازيا هذا البرد القارس بالرغم من الأغطية التي تطمرني !..
قلت لنفسي و أنا أرتعش : لماذا هذا البرد الشديد بعد ذلك الإعتدال اللطيف ؟ … لماذا لم تتنبئ المؤشرات الجوية بأحوال المناخ بأكثر من ثلاثة أو أربعة أيام ؟ .. ثم لماذا تعجز الأجهزة الحديثة الدقيقة عن التنبؤ بهذا البرد إلا منذ أيام ؟ لا بد أن هناك تطورات للطقس مردها إلى عوامل آتية من عالم موغل في البعد كما قيل مرة في مقالة عليمة كما أذكر : لو أن فراشة حركت جناحيها بشدة في اليابان – مثلا- إذن لتفجرت الأرض في المغرب العربي بزلزال مدمر .. و هكذا أخذني التفكير أبعد فأبعد …
ما حجم هذا الكون الذي تتحكم أبعاده في الطقس الذي نجهل حتى الأن أبعاده و حساب تغيراته إلا لأمد قصير ؟ … تقول كتب الفلك أن هناك مئة مليار مجرة في هذا الكون الفسيح ببداية غير محددة زمنيا و نهاية مجهولة حتى الأن .. تصوروا : مئة مليار مجرة !.. ياله من رقم يتحدى العقول البشرية !.. لنتكلم عن مجرة واحدة نعرفها نسبيا هي مجرتنا المسماة “درب التبانة” لو قمنا بهذا الحساب البسيط عن المسافة التي تفصل بين الشمس و نجم آخر شبيه بها في طرف المجرة المقابل لمكان شمسنا و قدرناه بعشر سنوات ضوئية فقط – وهو أكبر من ذلك – فإذا قمنا بعملية ضرب بين عدد الأيام و الساعات و الثواني في اليوم الواحد و ضربناه ب 300000 كيلو متر في الثانية و هو رقم سرعة الضوء في الثانية – ثم ضربنا حاصل الضرب لليوم الواحد ب 365 يوم لخرجنا بهذا الرقم المخيف الهائل ( 94608) بزيادة ثمانية أصفار كيلومتر عن سنة واحدة فكيف تكون المسافة لو كان البعد يقدر بعشر سنوات أو عشرين …أو أكثر كما تقول أبعاد علم الفلك الحديث ؟ فأي رقم يمكن للعقل البشري أن يدركه حين نذكره أن هناك مئة مليار مجرة قابلة للزيادة ؟….
يا ناس …..ياعالم ….أيها المتقاتلون على أرض بلادنا : سوريا ، و اليمن ، و ليبيا، و أوكرانيا، و مناطق أخرى على هذا الكوكب الصغير بالنسبة لحجم الكون الكبير جدا …كوكب صغير و كأنه ذرة واحدة من الغبار …لا أكبر… و من نحن البشر فوق هذه الذرة من الغبار ؟ ما حجمنا بالنسبة لهذه الأرقام و ما قيمتنا في حساب الكون الخارق لكل الحسابات ؟!..
كفاكم خصومة و تقاتلا في هذا الطقس البارد كما في المناخات الأخرى كفاكم ضياعا و تفريطا بحصتكم الضئيلة جدا في هذا الكون …إفرحوا بها … إنها تكفيكم جميعا أن تعيشوا كلكم بأحسن الأحوال فلماذا كل هذه القسوة و الطمع و الجهل و هذه الذرة من الغبار كافية لملايين من البشر الصغار جدا بالنسبة لحجم الكون …
سبحان الواحد الأحد ، الخالق الخلاق!.. ما هذا البرد الشديد يا ربي الأكبر من هذا الكون …و من نحن بالنسبة إليك ؟!!…